قصيدة يا رَبعُ لَو رَبَعوا عَلى اِبنِ هُمومِ للشاعر أَبو تَمّام
يا رَبعُ لَو رَبَعوا عَلى اِبنِ هُمومِ
مُــسـتَـسـلِمٍ لِجَـوى الفِـراقِ سَـقـيـمِ
قَـد كُـنـتَ مَـعـهـوداً بِـأَحـسَنِ ساكِنٍ
مِـــنّـــا وَأَحــسَــنَ دِمــنَــةٍ وَرُســومِ
أَيّـــامَ لِلأَيّـــامِ فــيــكَ غَــضــارَةٌ
وَالدَهــرُ فِــيَّ وَفـيـكَ غَـيـرُ مُـليـمِ
وَظِــبـاءُ أُنـسِـكَ لَم تَـبَـدَّل مِـنـهُـمُ
بِـظِـبـاءِ وَحـشِـكَ ظـاعِـنـاً بِـمُـقـيـمِ
مِــن كُــلِّ ريــمٍ لَو تَــبَــدّى قَـطَّعـَت
أَلحـــاظُ مُـــقــلَتِهِ فُــؤادَ الريــمِ
أَمّا الهَوى فَهوَ العَذابُ فَإِن جَرَت
فــيــهِ النَــوى فَـأَليِـمُ كُـلِّ أَليـمِ
أَمَــرَ التَــجَــلُّدَ بِـالتَـلَذُّذِ حُـرقَـةٌ
أَمَــرَت جُــمــودَ دُمــوعِهِ بِــسُــجــومِ
لا وَالطُــــلولِ الدارِســــاتِ أَلِيَّةً
مِـن مُـعـرِقٍ فـي العـاشِـقـيـنَ صَميمِ
مــا حــاوَلَت عَـيـنـي تَـأَخُّرَ سـاعَـةٍ
فَـالدَمـعُ مُـذ صـارَ الفِراقُ غَريمي
لَم يَـبـرَحِ البَـيـنُ المُشِتُّ جَوانِحي
حَــتّــى تَــرَوَّت مِــن هَــوىً مَــسـمـومِ
وَإِلى جَـنـابِ أَبـي الحُـسَينِ تَشَنَّعَت
بِـزِمـامِهـا كَـالمُـصـعَـبِ المَـخـطـومِ
جـاءَتـكَ في مُعجٍ خَوائِفَ في البُرى
وَعَــوارِفٍ بِــالمَــعــلَمِ المَــأمــومِ
مِــن كُــلِّ نــاجِــيَـةٍ كَـأَنَّ أَديـمَهـا
حــيــصَــت ظِهــارَتُهُ بِــجِــلدِ أَطــومِ
تُـنـئي مِلاطَيها إِذا ما اِستُكرِهَت
سَـــعـــدانَـــةً كَـــإِدارَةِ الفُــرزومِ
طَـلَبَـتـكَ مِـن نَـسـلِ الجَديلِ وَشَدقَمٍ
كــومٍ عَــقــائِلُ مِــن عَــقـائِلِ كـومِ
يَـنـسَـيـنَ أَصـواتَ الحُـداةِ وَنَبرَها
طَــرَبــاً لِأَصــواتِ الصَـدى وَالبـومِ
فَـأَصَـبـنَ بَـحـرَ نَـداكَ غَـيـرَ مُـصَـرَّدٍ
وِرداً وَأُمَّ نَــداكَ غَــيــرَ عَــقــيــمِ
لَمّــا وَرَدنَ حِــيـاضَ سَـيـبِـكَ طُـلَّحـاً
خَــيَّمــنَ ثُــمَّ شَــرِبـنَ شُـربَ الهـيـمِ
إِنَّ الخَـليـفَـةَ وَالخَـليـفَـةَ قَـبـلَهُ
وَجَــداكَ تِــربَ نَــصــيــحَــةٍ وَعَـزيـمِ
وَجَــداكَ مَــحــمـوداً فَـلَمّـا يَـألُوا
لَكَ فــي مُــفــاوَضَــةٍ وَلا تَــقـديـمِ
مــازِلتَ مِــن هَــذا وَذَلِكَ لابِــســاً
حُـلَلاً مِـنَ التَـبـجـيـلِ وَالتَـعـظيمِ
نَـفـسـي فِـداؤُكَ وَالجِـبـالُ وَأَهلُها
فـي طِـرمِـسـاءَ مِـنَ الحُـروبِ بَهـيـمِ
بِــالداذَوَيــهِ وَخَــيــزَجٍ وَذَواتِهــا
عَهــدٌ لِسَــيــفِـكَ لَم يَـكُـن بِـذَمـيـمِ
بِــالمُــصـعَـبِـيّـيـنَ الَّذيـنَ كَـأَنَّهـُم
آســـادُ أَغـــيـــالٍ وَجِـــنُّ صَـــريـــمِ
مِــثـلُ البُـدورِ تُـضـيـءُ إِلّا أَنَّهـا
قَـد قُـلنِـسَـت مِـن بَـيـضِهـا بِـنُـجومِ
وَلّى بِهـا المَـخـذولُ يَـعـذِلُ نَـفسَهُ
مُــتَــمَــطِّراً فــي جَــيـشِهِ المَهـزومِ
رامـوا اللَتَـيّا وَالَّتي فَاِعتاقَهُم
سَــيــفُ الإِمـامِ وَدَعـوَةُ المَـظـلومِ
نـاشَـدتَهُـم بِـاللَهِ يَـومَ لَقـيـتَهُـم
وَالخَـيـلُ تَـحـتَ عَـجـاجَـةٍ كَـالنـيـمِ
وَمَــنَـحـتَهُـم عِـظَـتَـيـكَ مِـن مُـتَـوَعِّرٍ
مُــتَــسَهِّلــٍ قــاسـي الفُـؤادِ رَحـيـمِ
حَـتّـى إِذا جَـمَـحـوا هَـتَكتَ بُيوتَهُم
بِــاللَهِ ثُــمَّ الثــامِـنِ المَـعـصـومِ
فَـتَـجَـرَّدَت بـيـضُ السُـيـوفِ لِهـامِهِم
وَتَــجَــرَّدَ التَــوحــيــدُ لِلتَــخـريـمِ
غـادَيـتَهُـم بِـالمَـشـرِقَـيـنِ بِـوَقـعَةٍ
صَــدَعَــت صَــواعِـقُهـا جِـبـالَ الرومِ
أَخـرَجـتَهُـم بَـل أَخـرَجَـتـهُـم فِـتـنَةٌ
سَــلَبَــتــهُــمُ مِــن نَــضـرَةٍ وَنَـعـيـمِ
نُقِلوا مِنَ الماءِ النَمويرِ وَعيشَةٍ
رَغَــدٍ إِلى الغِــســليــنِ وَالزَقّــومِ
وَالحَـربُ تَـعـلَمُ حـيـنَ تَـجهَلُ غارَةٌ
تَـغـلي عَـلى حَـطَبِ القَنا المَحطومِ
أَنَّ المَـنـايـا طَـوعُ بَأسِكَ وَالوَغى
مَــمــزوجُ كَــأسِــكَ مِـن رَدىً وَكُـلومِ
وَالحَـربُ تَـركَـبُ رَأسَهـا فـي مَـشهَدٍ
عُــدِلَ السَــفــيـهُ بِهِ بِـأَلفِ حَـليـمِ
فــي سـاعَـةٍ لَو أَنَّ لُقـمـانـاً بِهـا
وَهـوَ الحَـكـيـمُ لَصـارَ غَـيـرَ حَـكيمِ
جَـثَـمَـت طُـيورُ المَوتِ في أَوكارِها
فَـتَـرَكـنَ طَـيـرَ العَـقـلِ غَـيرَ جُثومِ
وَالسَـيـفُ يَـحـلِفُ أَنَّكَ السَيفُ الَّذي
مـا اِهـتَـزَّ إِلّا اِجـتَـثَّ عَـرشَ عَظيمِ
مَـشَـتِ الخُـطـوبُ القَهقَرى لَمّا رَأَت
خَــبَــبــي إِلَيــكَ مُــؤَكِّداً بِــرَسـيـمِ
فَـزَعَـت إِلى التَـوديـعِ غَيرَ لَوابِثٍ
لَمّــا فَــزَعــتُ إِلَيــكَ بِـالتَـسـليـمِ
وَالدَهــرُ أَلأَمُ مَـن شَـرَقـتَ بِـلَومِهِ
إِلّا إِذا أَشــــرَقـــتَهُ بِـــكَـــريـــمِ
أَهـبَـبـتَ لي ريـحَ الرَجاءِ فَأَقدَمَت
هِـمَـمـي بِهـا حَـتّـى اِستَبَحنَ هُمومي
أَيـقَـظـتَ لِلكَـرَمِ الكِـرامَ بِـنـاطِـقٍ
لِنَــداكَ أَظــهَــرَ كَــنـزَ كُـلِّ قَـديـمِ
وَلَقَــد نَـكـونُ وَلا كَـريـمَ نَـنـالُهُ
حَــتّــى نَــخــوضَ إِلَيــهِ أَلفَ لَئيــمِ
فَـسَـنَنتَ بِالمَعروفِ مِن أَثَرِ النَدى
سُـنَـنـاً شَـفَـت مِـن دَهرِنا المَذمومِ
وَسَــمَ الوَرى بِــخَـصـاصَـةٍ فَـوَسَـمـتَهُ
بِــسَــمـاحَـةٍ لاحَـت عَـلى الخُـرطـومِ
جَـلَّيـتَ فـيـهِ بِـمُـقـلَةٍ لَم يُـقـذِهـا
بُــخــلٌ وَلَم تُــســفَـح عَـلى مَـعـدومِ
يَـقَـعُ اِنبِساطُ الرِزقِ في لَحَظاتِها
نَــسَــقـاً إِذا وَقَـعَـت عَـلى مَـحـرومِ
وَيَــدٍ يَـظَـلُّ المـالُ يَـسـقُـطُ كَـيـدُهُ
فـيـهـا سُـقوطَ الهاءِ في التَرخيمِ
لا يَأمَلُ المالُ النَجاةَ إِذا عَدا
صَــرفُ الزَمــانِ مُــجــاءَةً بِــعَـديـمِ
قُــل لِلخُــطــوبِ إِلَيـكِ عَـنّـي إِنَّنـي
جــارٌ لِإِســحــاقَ بــنِ إِبــراهــيــمِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد