Blog Image

قصيدة يا بَرقُ طالِع مَنزِلاً بِالأَبرَقِ للشاعر أَبو تَمّام


يــا بَـرقُ طـالِع مَـنـزِلاً بِـالأَبـرَقِ

وَاِحـدُ السَـحـابَ لَهُ حُـداءَ الأَنـيُـقِ


دِمَــنٌ لَوَت عَــزمَ الفُــؤادِ وَمَــزَّقَــت

فــيــهــا دُمـوعَ العَـيـنِ كُـلَّ مُـمَـزَّقِ


لا شَـوقَ مـا لَم تَـصـلَ وَجداً بِالَّتي

تَــأبـى وِصـالَكَ كَـالإِبـاءِ المُـحـرَقِ


يَـغـلي إِذا لَم يَـضـطَـرِم وَيُـري إِذا

لَم يَــحــتَــدِم وَيُـغِـصُّ إِن لَم يُـشـرِقِ


تَــأبـى مَـعَ التَـصـريـدِ إِلّا نـائِلاً

إِلّا يَــكُــن مــاءً قَــراحــاً يُــمــذَقِ


نَـزرا كَـمـا اِسـتَـكـرَهتَ عائِرَ نَفحَةٍ

مِـن فـارَةِ المِـسـكِ الَّتـي لَم تُـفتَقِ


مــا مُــقــرَبٌ يَـخـتـالُ فـي أَشـطـانِهِ

مَــــلآنُ مِـــن صَـــلَفٍ بِهِ وَتَـــلَهـــوُقِ


بِـــحَـــوافِـــرٍ حُـــفـــرٍ وَصُـــلبٍ صُــلَّبِ

وَأَشـــاعِـــرٍ شُـــعـــرٍ وَخَـــلقٍ أَخـــلَقِ


وَبِــشُــعــلَةٍ نَــبــذٍ كَــأَنَّ قَــليـلَهـا

فــي صَهـوَتَـيـهِ بَـدءُ شَـيـبِ المَـفـرِقِ


ذو أَولَقٍ تَــحــتَ العَــجــاجِ وَإِنَّمــا

مِـــن صِـــحَّةـــٍ إِفـــراطُ ذاكَ الأَولَقِ


تُـغـري العُـيـونَ بِهِ وَيُـفـلِقُ شـاعِـرٌ

فــي نَــعــتِهِ عَـفـواً وَلَيـسَ بِـمُـفـلِقِ


بِـــمُـــصَـــعَّدٍ مِـــن حُــســنِهِ وَمُــصَــوَّبٍ

وَمُـــجَـــمَّعـــٍ فـــي خَـــلقِهِ وَمُـــفَــرَّقِ


صَـلَتـانُ يَـبـسُطُ إِن رَدى أَو إِن عَدا

فـي الأَرضِ بـاعـاً مِـنـهُ لَيـسَ بِضَيِّقِ


وَتُــطَــرِّقُ الغُـلَواءُ مِـنـهُ إِذا عَـدا

وَالكِــبــرِيــاءُ لَهُ بِــغَــيــرِ مُـطَـرَّقِ


أَهــدى كُــنــازٌ جَــدَّهُ فــيـمـا مَـضـى

لِلمِــثـلِ وَاِسـتَـصـفـى أَبـاهُ لِيَـلبَـقِ


مُـسـوَدُّ شَـطـرٍ مِـثـلَ ما اِسوَدَّ الدُجى

مُــبــيَـضٌّ شَـطـرٍ كَـاِبـيِـضـاضِ المُهـرَقِ


قَــد ســالَتِ الأَوضـاحُ سَـيـلَ قَـرارَةٍ

فــيــهِ فَــمُـفـتَـرِقٌ عَـلَيـهِ وَمُـلتَـقـي


وَكَـــأَنَّ فـــارِسَهُ يُـــصَـــرِّفُ إِذ بَــدا

فـي مَـتـنِهِ اِبـنـاً لِلصَـباحِ الأَبلَقِ


صــافــي الأَديــمِ كَـأَنَّمـا أَلبَـسـتَهُ

مِــن سُــنــدُسٍ بُــرداً وَمِـن إِسـتَـبـرَقِ


إِمـــليـــسُهُ إِمـــليـــدُهُ لَو عُــلِّقَــت

فــي صَهـوَتَـيـهِ العَـيـنُ لَم تَـتَـعَـلَّقِ


يُـرقـى وَمـا هُـوَ بِـالسَـليمِ وَيَغتَدي

دونَ السِــلاحِ سِــلاحَ أَروَعَ مُــمــلِقِ


فــي مَــطــلَبٍ أَو مَهــرَبٍ أَو رَغــبَــةٍ

أَو رَهــبَــةٍ أَو مَــوكِــبٍ أَو فَــيــلَقِ


أَمــطــاكَهُ الحَــسَــنُ بــنُ وَهــبٍ إِنَّهُ

دانـي ثَـرى اليَدِ مِن رَجاءِ المُملِقِ


يُـحـصـى مَـعَ الأَنـواءِ فَـيـضُ يَـمينِهِ

وَيُــعَـدُّ مِـن حَـسَـنـاتِ أَهـلِ المَـشـرِقِ


يَـسـتَـنـزِلُ الأَمَـلَ البَـعـيـدَ بِبِشرِهِ

بِـشـرَ الخَـمـيـلَةِ بِـالرَبيعِ المُغدِقِ


وَكَـذا السَـحـائِبُ قَـلَّمـا تَـدعو إِلى

مَــعــروفِهــا الرُوّادُ إِن لَم تَـبـرُقِ


مُـجـلي قَـتـامِ الوَجهِ يُذهِلُ إِن بَدا

لَكَ فـي النَـدِيِّ عَنِ الشَبابِ المونِقِ


لَو كـانَ سَـيـفـاً ما اِستَبَنتَ لِنَصلِهِ

مَــتــنــاً لِفَــرطِ فِــرِنـدِهِ وَالرَونَـقِ


ثَــبــتُ البَــيـانِ إِذا تَـحَـيَّرَ قـائِلٌ

أَضــحــى شِــكــالاً لِلِّســانِ المُـطـلَقِ


لَم يَـتَّبـِع شَـنِـعَ اللُغـاتِ وَلا مَـشى

رَسـفَ المُـقَـيَّدِ فـي حُـدودِ المَـنـطِـقِ


فـــي هَـــذِهِ خِــبــثُ الكَــلامِ وَهَــذِهِ

كَــالســورِ مَــضـروبـاً لَهُ وَالخَـنـدَقِ


يَجني جَناةَ النَحلِ مِن أَعلى الرُبا

زَهَـراً وَيَـشـرَعُ فـي الغَديرِ المُتأَقِ


أُنُـفُ البَـلاغَـةِ لا كَـمَـن هُـوَ حائِرٌ

مُــتَــلَدِّدٌ فــي المَــرتَـعِ المُـتَـعَـرَّقِ


عــيــرٌ تَــفَــرَّقُ إِن حَــداهــا غَـيـرُهُ

وَمَــتـى يَـسُـقـهـا وادِعـاً تَـسـتَـوسِـقِ


تَـنـشَـقُّ فـي ظُـلَمِ المَـعاني إِن دَجَت

مِــنـهُ تَـبـاشـيـرُ الكَـلامِ المُـشـرِقِ


أَلبِـس سُـلَيـمـانَ الغِـنـى وَاِفتَح لَهُ

بـابـاً إِزاءَ الخَـفـضِ لَيـسَ بِـمُـغـلَقِ


وَاِقـرُب إِلَيـهِ فَإِنَّ أَحرى المُزنِ أَن

يُـروي الثَـرى مـا كـانَ غَـيـرَ مُحَلِّقِ


عَــتُــقَــت وَســيــلَتُهُ وَأَيَّةــُ قــيـمَـةٍ

لِلتُّبــَّعِــيِّ العَــضــبِ إِن لَم يُــعـتِـقِ


وَتَــــخَــــطَّ بَــــزَّتَهُ فَــــرُبَّتـــ خَـــلَّةٍ

فــي دَرجِ ثَــوبِ اللابِـسِ المُـتَـنَـوِّقِ


شَـنـعـاءُ بَـينَ المَركَبِ الهِملاجِ قَد

كَـمَـنَـت وَبَـيـنَ الطَـيـلَسـانِ المُطبَقِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد