قصيدة نُعِدُّ المَشرَفِيَّةَ وَالعَوالي للشاعر المُتَنَبّي
نُــعِــدُّ المَــشـرَفِـيَّةـَ وَالعَـوالي
وَتَـقـتُـلُنـا المَـنـونُ بِلا قِتالِ
وَنَــرتَــبِـطُ السَـوابِـقَ مُـقـرَبـاتٍ
وَمـا يُـنـجـينَ مِن خَبَبِ اللَيالي
وَمَـن لَم يَـعـشَـقِ الدُنيا قَديماً
وَلَكِــن لا سَـبـيـلَ إِلى الوِصـالِ
نَـصـيـبُـكَ فـي حَـيـاتِـكَ مِن حَبيبٍ
نَـصـيـبُـكَ فـي مَـنـامِـكَ مِن خَيالِ
رَمـانـي الدَهـرُ بِـالأَرزاءِ حَتّى
فُــؤادي فــي غِــشـاءٍ مِـن نِـبـالِ
فَــصِــرتُ إِذا أَصــابَـتـنـي سِهـامٌ
تَـكَـسَّرَتِ النِـصـالُ عَـلى النِـصالِ
وَهـانَ فَـمـا أُبـالي بِـالرَزايـا
لِأَنّـي مـا اِنـتَـفَعتُ بِأَن أُبالي
وَهَـــذا أَوَّلُ النـــاعــيــنَ طُــرّاً
لِأَوَّلِ مَــيــتَــةٍ فـي ذا الجَـلالِ
كَـأَنَّ المَـوتَ لَم يَـفـجَـع بِـنَـفـسٍ
وَلَم يَــخــطُــر لِمَــخــلوقٍ بِـبـالِ
صَــلاةُ اللَهِ خــالِقِــنــا حَـنـوطٌ
عَـلى الوَجـهِ المُـكَـفَّنِ بِالجَمالِ
عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَوناً
وَقَـبـلَ اللَحـدِ فـي كَرَمِ الخِلالِ
فَــإِنَّ لَهُ بِـبَـطـنِ الأَرضِ شَـخـصـاً
جَــديــداً ذِكــرُنــاهُ وَهُـوَ بـالي
وَمـا أَحَـدٌ يُـخَـلَّدُ فـي البَـرايا
بَــلِ الدُنــيـا تَـؤولُ إِلى زَوالِ
أَطــابَ النَـفـسَ أَنَّكـَ مُـتَّ مَـوتـاً
تَــمَــنَّتـهُ البَـواقـي وَالخَـوالي
وَزُلتِ وَلَم تَـرى يَـومـاً كَـريـهـاً
يُــسَــرُّ الروحُ فــيــهِ بِــالزَوالِ
رِواقُ العِــزِّ حَــولَكِ مُــســبَــطِــرٌّ
وَمُــلكُ عَــلِيٍّ اِبــنِـكِ فـي كَـمـالِ
سَـقـى مَـثـواكَ غادٍ في الغَوادي
نَـظـيـرُ نَـوالِ كَـفِّكـِ في النَوالِ
لِســاحـيـهِ عَـلى الأَجـداثِ حَـفـشٌ
كَـأَيـدي الخَيلِ أَبصَرَتِ المَخالي
أُســائِلُ عَــنـكِ بَـعـدَكِ كُـلَّ مَـجـدٍ
وَمـا عَهـدي بِـمَـجـدٍ عَـنـكِ خـالي
يَـمُـرُّ بِـقَـبـرِكِ العـافـي فَـيَبكي
وَيَـشـغَـلُهُ البُـكـاءُ عَـنِ السُؤالِ
وَمــا أَهــداكِ لِلجَــدوى عَــلَيــهِ
لَوَ أَنَّكــِ تَـقـدِريـنَ عَـلى فَـعـالِ
بِـعَـيـشِـكِ هَـل سَـلَوتِ فَـإِنَّ قَـلبي
وَإِن جـانَـبـتُ أَرضَـكِ غَـيـرُ سالي
نَـزَلتِ عَـلى الكَـراهَـةِ في مَكانٍ
بَـعُـدتِ عَـنِ النُـعـامـى وَالشَمالِ
تُـحَـجَّبـُ عَـنـكِ رائِحَـةُ الخُـزامـى
وَتُــمـنَـعُ مِـنـكِ أَنـداءُ الطِـلالِ
بِــدارٍ كُــلُّ ســاكِــنِهــا غَــريــبٌ
طَـويـلُ الهَـجـرِ مُـنـبَـتُّ الحِـبالِ
حَـصـانٌ مِـثـلُ مـاءِ المُـزنِ فـيـهِ
كَــتـومُ السِـرِّ صـادِقَـةُ المَـقـالِ
يُــعَــلِّلُهــا نِـطـاسِـيُّ الشَـكـايـا
وَواحِــدُهــا نِــطـاسِـيُّ المَـعـالي
إِذا وَصَــفــوا لَهُ داءً بِــثَــغــرٍ
سَــقــاهُ أَسِـنَّةـَ الأَسـلِ الطِـوالِ
وَلَيـسَـت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي
تُـعَـدُّ لَهـا القُـبورُ مِنَ الحِجالِ
وَلا مَــن فـي جَـنـازَتِهـا تِـجـارٌ
يَــكـونُ وَداعُهـا نَـفـضَ النِـعـالِ
مَـشـى الأُمَـراءُ حَـولَيـهـا حُفاةً
كَـــأَنَّ المَـــروَ مِــن زِفِّ الرِئالِ
وَأَبـــرَزَتِ الخُـــدورُ مُـــخَـــبَّآــتٍ
يَـضَـعـنَ النَـقسَ أَمكِنَةَ الغَوالي
أَتَــتــهُــنَّ المُـصـيـبَـةُ غـافِـلاتٍ
فَـدَمـعُ الحُـزنِ فـي دَمعِ الدَلالِ
وَلَو كـانَ النِـسـاءُ كَـمَن فَقَدنا
لَفُـضِّلـَتِ النِـسـاءُ عَـلى الرِجـالِ
وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ
وَلا التَــذكــيـرُ فَـخـرٌ لِلهِـلالِ
وَأَفـجَـعُ مَـن فَـقَـدنـا مَن وَجَدنا
قُـبَـيـلَ الفَـقـدِ مَـفقودَ المِثالِ
يُـدَفِّنـُ بَـعـضُـنـا بَـعـضـاً وَتَـمشي
أَواخِــرُنــا عَـلى هـامِ الأَوالي
وَكَــم عَــيـنٍ مُـقَـبَّلـَةِ النَـواحـي
كَــحــيــلٌ بِـالجَـنـادِلِ وَالرِمـالِ
وَمُــغــضٍ كــانَ لا يُـغـدي لِخِـطـبٍ
وَبـالٍ كـانَ يُـفـكِـرُ فـي الهُزالِ
أَسَـيـفَ الدَولَةِ اِسـتَـنـجِـد بِصَبرٍ
وَكَــيـفَ بِـمِـثـلِ صَـبـرِكَ لِلجِـبـالِ
فَــأَنـتَ تُـعَـلِّمُ النـاسَ التَـعَـزّي
وَخَوضَ المَوتِ في الحَربِ السِجالِ
وَحــالاتُ الزَمــانِ عَـلَيـكَ شَـتّـى
وَحـــالُكَ واحِـــدٌ فــي كُــلِّ حــالِ
فَـلا غـيـضَـت بِـحـارُكَ يا جَموماً
عَــلى عَــلَلِ الغَـرائِبِ وَالدِخـالِ
رَأَيـتُـكَ فـي الَّذيـنَ أَرى مُلوكاً
كَــأَنَّكــَ مُــســتَـقـيـمٌ فـي مُـحـالِ
فَـإِن تَـفُـقِ الأَنـامَ وَأَنتَ مِنهُم
فَـإِنَّ المِـسـكَ بَـعـضُ دَمِ الغَـزالِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد