Blog Image

قصيدة نَسيتُ وَما أَنسى عِتاباً عَلى الصِدِّ للشاعر المُتَنَبّي


نَـسـيـتُ وَمـا أَنـسـى عِـتـاباً عَلى الصِدِّ

وَلا خَـــفَـــراً زادَت بِهِ حُــمــرَةُ الخَــدِّ


وَلا لَيــــلَةً قَــــصَّرتُهـــا بِـــقَـــصـــورَةٍ

أَطـالَت يَـدي فـي جـيـدِهـا صُحبَةَ العِقدِ


وَمَــن لي بِــيَــومٍ مِــثــلِ يَــومٍ كَـرِهـتُهُ

قَــرُبــتُ بِهِ عِــنـدَ الوَداعِ مِـنَ البُـعـدِ


وَأَن لا يَــخُــصُّ الفَـقـدُ شَـيـئاً فَـإِنَّنـي

فَـقَـدتُ فَـلَم أَفـقِـد دُمـوعـي وَلا وَجـدي


تَـــمَـــنٍّ يَــلَذُّ المُــســتَهــامُ بِــمِــثــلِهِ

وَإِن كـانَ لا يُـغـنـي فَتيلاً وَلا يُجدي


وَغَـيـظٌ عَلى الأَيّامِ كَالنارِ في الحَشا

وَلَكِــنَّهــُ غَــيــظُ الأَســيــرِ عَـلى القِـدِّ


فَــإِمّــا تَــريــنــي لا أُقــيــمُ بِـبَـلدَةٍ

فَــآفَــةِ غِــمــدي فـي دُلوقـي وَفـي حَـدّي


يَـحُـلُّ القَـنـا يَـومَ الطِـعـانِ بِـعَـقـوَتي

فَـــأَحـــرِمُهُ عِـــرضـــي وَأُطــعِــمُهُ جِــلدي


تُــبَــدِّلِ أَيّــامــي وَعَــيــشــي وَمَــنــزِلي

نَـجـائِبُ لا يُـفـكِرنَ في النَحسِ وَالسَعدِ


وَأَوجُهُ فِـــتـــيـــانٍ حَـــيــاءً تَــلَثَّمــوا

عَـلَيـهِـنَّ لا خَـوفـاً مِـنَ الحَـرِّ وَالبَـردِ


وَلَيـسَ حَـيـاءُ الوَجـهِ فـي الذِئبِ شـيمَةً

وَلَكِــنَّهــُ مِــن شــيــمَــةِ الأَسَــدِ الوَردِ


إِذا لَم تُـــجِـــزهُـــم دارَ قَـــومٍ مَــوَدَّةٌ

أَجـازَ القَـنـا وَالخَـوفُ خَـيـرٌ مِنَ الوُدِّ


يَـحـيـدونَ عَـن هَـزلِ المُـلوكِ إِلى الَّذي

تَــوَفَّرَ مِــن بَــيـنَ المُـلوكِ عَـلى الجِـدِّ


وَمَـن يَـصـحَـبِ اِسـمَ اِبـنِ العَـمـيدِ مُحَمَّدٍ

يَـسِـر بَـيـنَ أَنـيـابِ الأَسـاوِدِ وَالأُسـدِ


يَـــمُـــرُّ مِــنَ السُــمِّ الوَحِــيِّ بِــعــاجِــزٍ

وَيَـــعـــبُــرُ مِــن أَفــواهِهِــنَّ عَــلى دُردِ


كَـفـانـا الرَبـيـعُ العـيـسَ مِـن بَرَكاتِهِ

فَـجـاءَتـهُ لَم تَـسـمَـع حُداءً سِوى الرَعدِ


إِذا مـا اِسـتَـجَـبـنَ المـاءَ يَعرِضُ نَفسَهُ

كَــرِعــنَ بِــسَــبـتٍ فـي إِنـاءٍ مِـنَ الوَردِ


كَــأَنّــا أَرادَت شُــكـرَنـا الأَرضُ عِـنـدَهُ

فَــلَم يُـخـلِنـا جَـوٌّ هَـبَـطـنـاهُ مِـن رِفـدِ


لَنــا مَـذهَـبُ العُـبّـادِ فـي تَـركِ غَـيـرِهِ

وَإِتــيــانِهِ نَـبـغـي الرَغـائِبَ بِـالزُهـدِ


رَجَــونــا الَّذي يَــرجــونَ فــي كُـلِّ جَـنَّةٍ

بِـأَرجـانِ حَـتّـى مـا يَـإِسـنـا مِنَ الخُلدِ


تَــــعَــــرَّضُ لِلزُوّارِ أَعـــنـــاقُ خَـــيـــلِهِ

تَـــعَـــرُّضَ وَحــشٍ خــائِفــاتٍ مِــنَ الطَــردِ


وَتَـلقـى نَـواصـيـهـا المَـنـايـا مُـشيحَةً

وُرودَ قَــطــاً صُــمٍّ تَــشــايَــحـنَ فـي وِردِ


وَتَــنــسُــبُ أَفــعـالُ السُـيـوفِ نُـفـوسَهـا

إِلَيـهِ وَيَـنـسُـبـنَ السُـيـوفَ إِلى الهِـندِ


إِذا الشُـرَفـاءُ البـيـضُ مَـتّـوا بِـقَـتوِهِ

أَتــى نَــسَــبٌ أَعــلى مِــنَ الأَبِ وَالجَــدِّ


فَـتـىً فـاتَـتِ العَـدوى مِـنَ الناسِ عَينُهُ

فَــمــا أَرمَـدَت أَجـفـانَهُ كَـثـرَةُ الرُمـدِ


وَخــالَفَهُــم خَــلقــاً وَخُــلقـاً وَمَـوضِـعـاً

فَـقَـد جَـلَّ أَن يَـعـدى بِـشَـيـءٍ وَأَن يُعدي


يُــغَــيِّرُ أَلوانَ اللَيــالي عَـلى العِـدى

بِـمَـنـشـورَةِ الرايـاتِ مَـنـصـورَةِ الجُندِ


إِذا اِرتَـقَـبـوا صُـبحاً رَأَوا قَبلَ ضَوإِهِ

كَـتـائِبَ لا يَـردِ الصَـبـاحُ كَـمـا تَـردي


وَمَــبــثــوثَــةً لا تُــتَّقــى بِــطَــليــعَــةٍ

وَلا يُـحـتَـمـى مِـنـهـا بِـغَـورٍ وَلا نَـجدِ


يَــغُــصــنَ إِذا مــا عُـدنَ فـي مُـتَـفـاقِـدٍ

مِـنَ الكُـثـرِ غـانٍ بِـالعَـبيدِ عَنِ الحَشدِ


حَــثَــت كُــلُّ أَرضٍ تُــربَــةً فــي غُــبــارِهِ

فَهُــنَّ عَــلَيــهِ كَــالطَــرائِقِ فـي البُـردِ


فَــإِن يَــكُــنِ المَهــدِيُّ مَــن بـانَ هَـديُهُ

فَهَـذا وَإِلّا فَـالهُـدى ذا فَـما المَهدي


يُــعَــلِّلُنــا هَـذا الزَمـانُ بِـذا الوَعـدِ

وَيَــخــدَعُ عَـمّـا فـي يَـدَيـهِ مِـنَ النَـقـدِ


هَـلِ الخَـيـرُ شَـيـءٌ لَيـسَ بِـالخَـيرِ غائِبٌ

أَمِ الرُشــدُ شَـيـءٌ غـائِبٌ لَيـسَ بِـالرُشـدِ


أَأَحــــــزَمَ ذي لُبٍّ وَأَكــــــرَمَ ذي يَــــــدٍ

وَأَشـــجَـــعَ ذي قَــلبٍ وَأَرحَــمَ ذي كِــبــدِ


وَأَحـــسَـــنَ مُــعــتَــمٍّ جُــلوســاً وَرِكــبَــةً

عَلى المِنبَرِ العالي أَوِ الفَرَسِ النَهدِ


تَــفَــضَّلــَتِ الأَيّـامُ بِـالجَـمـعِ بَـيـنَـنـا

فَـلَمّـا حَـمِـدنـا لَم تُـدِمنا عَلى الحَمدِ


جَـــعَـــلنَ وَداعـــي واحِـــداً لِثَـــلاثَـــةٍ

جَــمــالِكَ وَالعِــلمِ المُــبَــرِّحِ وَالمَـجـدِ


وَقَـد كُـنـتُ أَدرَكـتُ المُـنـى غَـيـرَ أَنَّني

يُــعَــيِّرُنــي أَهــلي بِــإِدراكِهــا وَحــدي


وَكُــلُّ شَــريــكٍ فــي السُـرورِ بِـمُـصـبَـحـي

أَرى بَـعـدَهُ مَـن لا يَـرى مِـثـلَهُ بَـعـدي


فَــجُــد لي بِــقَــلبٍ إِن رَحَــلتُ فَــإِنَّنــي

مُــخَـلِّفُ قَـلبـي عِـنـدَ مَـن فَـضـلُهُ عِـنـدي


وَلَو فــارَقَــت نَــفـسـي إِلَيـكَ حَـيـاتَهـا

لَقُــلتُ أَصـابَـت غَـيـرَ مَـذمـومَـةِ العَهـدِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد