قصيدة نُسائِلُها أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ للشاعر أَبو تَمّام
نُــــســــائِلُهـــا أَيَّ المَـــواطِـــنِ حَـــلَّتِ
وَأَيُّ دِيـــــارٍ أَوطَـــــنَــــتــــهــــا وَأَيَّتِ
وَمــاذا عَــلَيــهــا لَو أَشــارَت فَـوَدَّعَـت
إِلَيــنــا بِــأَطــرافِ البَــنــانِ وَأَومَــتِ
وَمــا كـانَ إِلّا أَن تَـوَلَّت بِهـا النَـوى
فَــــوَلّى عَـــزاءُ القَـــلبِ لَمّـــا تَـــوَلَّتِ
فَــأَمّــا عُـيـونُ العـاشِـقـيـنَ فَـأُسـخِـنَـت
وَأَمّــا عُــيــونُ الشــامِــتــيــنَ فَــقَــرَّتِ
وَلَمّــا دَعـانـي البَـيـنُ وَلَّيـتُ إِذ دَعـا
وَلَمّــــا دَعــــاهـــا طـــاوَعَـــتـــهُ وَلَبَّتِ
فَـــلَم أَرَ مِـــثــلي كــانَ أَوفــى بِــذِمَّةٍ
وَلا مِــثــلَهــا لَم تَــرعَ عَهـدي وَذِمَّتـي
مَـشـوقٌ رَمَـتـهُ أَسـهُـمُ البَـيـنِ فَـاِنـثَنى
صَــريــعــاً لَهــا لَمّــا رَمَــتـهُ فَـأَصـمَـتِ
وَلَو أَنَّهــا غَــيــرَ النَــوى فَــوَّقَــت لَهُ
بِــأَســهُــمِهــا لَم تُــصــمِ فــيـهِ وَأَشـوَتِ
كَــأَنَّ عَــلَيــهــا الدَمــعَ ضَــربَــةَ لازِبٍ
إِذا مـا حَـمـامُ الأَيـكِ في الأَيكِ غَنَّتِ
لَئِن ظَـمِـئَت أَجـفـانُ عَـيـني إِلى البُكا
لَقَــد شَــرِبَــت عَــيــنــي دَمــاً فَــتَــرَوَّتِ
عَــلَيــهــا سَــلامُ اللَهِ أَنَّى اِســتَـقَـلَّتِ
وَأَنَّى اِســـتَـــقَــرَّت دارُهــا وَاِطــمَــأَنَّتِ
وَمَــجــهـولَةِ الأَعـلامِ طـامِـسَـةِ الصَـوى
إِذا اِعـتَـسَـفَـتـهـا العيسُ بِالرَكبِ ضَلَّتِ
إِذا مـا تَـنـادى الرَكـبُ فـي فَـلَواتِها
أَجــابَـت نِـداءَ الرَكـبِ فـيـهـا فَـأَصـدَتِ
تَـــعَـــسَّفــتُهــا وَاللَيــلُ مُــلقٍ جِــرانَهُ
وَجَــوزاؤُهُ فــي الأُفـقِ حـيـنَ اِسـتَـقَـلَّتِ
بِــمُــفـعَـمَـةِ الأَنـسـاعِ مـوجِـدَةِ القَـرا
أَمـونِ السُـرى تَـنـجـو إِذا العـيسُ كَلَّتِ
طَــمــوحٌ بِــأَثــنــاءِ الزِمــامِ كَــأَنَّمــا
تَــخــالُ بِهــا مِــن عَــدوِهـا طَـيـفُ جِـنَّةِ
إِلى حَـيـثُ يُـلفـى الجـودُ سَهـلاً مَنالُهُ
وَخَـــيـــرَ اِمـــرِئٍ شُـــدَّت إِلَيـــهِ وَحَـــطَّتِ
إِلى خَــيــرِ مَــن ســاسَ الرَعِــيَّةـَ عَـدلُهُ
وَوَطَّدَ أَعـــلامَ الهُـــدى فَـــاِســـتَــقَــرَّتِ
حُـبَـيـشٌ حُـبَـيـشُ بـنُ المُـعافى الَّذي بِهِ
أُمِــرَّت حِــبــالُ الديـنِ حَـتّـى اِسـتَـمَـرَّتِ
وَلَولا أَبـو اللَيـثِ الهُـمـامُ لَأَخـلَقَـت
مِـــنَ الديـــنِ أَســبــابُ الهُــدى وَأَرَثَّتِ
أَقَــرَّ عَــمــودَ الديــنِ فــي مُــســتَـقَـرِّهِ
وَقَـــد نَهَـــلَت مِــنــهُ اللَيــالي وَعَــلَّتِ
وَنـادى المَـعـالي فَـاِسـتَـجـابَـت نِداءَهُ
وَلَو غَــيــرُهُ نــادى المَــعــالي لَصَــمَّتِ
وَنـيـطَـت بِـحَـقـوَيـهِ الأُمـورُ فَـأَصـبَـحَـت
بِــظِــلِّ جَــنــاحَــيــهِ الأُمـورُ اِسـتَـظَـلَّتِ
وَأَحــيــا سَــبـيـلَ العَـدلِ بَـعـدَ دُثـورِهِ
وَأَنــهَــجَ سُــبــلَ الجــودِ حــيــنَ تَـعَـفَّتِ
وَيُــلوي بِــأَحــداثِ الزَمـانِ اِنـتِـقـامُهُ
إِذامــا خُــطـوبُ الدَهـرِ بِـالنـاسِ أَلوَتِ
وَيَـجـزيـكَ بِـالحُـسـنـى إِذا كُـنتَ مُحسِناً
وَيَــغـتَـفِـرُ العُـظـمـى إِذا النَـعـلُ زَلَّتِ
يَــلُمُّ اِخــتِــلالَ المُــعـتَـفـيـنَ بِـجـودِهِ
إِذا مــــا مُــــلِمّــــاتُ الأُمــــورِ أَلَمَّتِ
هُــمـامٌ وَرِيُّ الزَنـدِ مُـسـتَـحـصِـدُ القُـوى
إِذا مــا الأُمــورُ المُــشــكِـلاتُ أَظَـلَّتِ
إِذا ظُـــلُمـــاتُ الرَأيِ أُســدِلَ ثَــوبُهــا
تَـــطَـــلَّعَ فـــيـــهــا فَــجــرُهُ فَــتَــجَــلَّتِ
بِهِ اِنـكَـشَـفَـت عَـنّـا الغَـيـايَةُ وَاِنفَرَت
جَــلابــيــبُ جَــورٍ عَــمَّنــا فَــاِضــمَـحَـلَّتِ
أَغَـــرُّ رَبـــيــطُ الجَــأشِ مــاضٍ جَــنــانُهُ
إِذا مـا القُـلوبُ المـاضِـيـاتُ اِرجَـحَنَّتِ
نَهــوضٌ بِــثِــقــلِ العِــبــءِ مُــضـطَـلِعٌ بِهِ
وَإِن عَــظُــمَــت فــيــهِ الخُــطــوبُ وَجَــلَّتِ
تَــطــوعُ لَهُ الأَيّــامُ خَــوفــاً وَرَهــبَــةً
إِذا اِمــتَــنَــعَــت مِــن غَــيــرِهِ وَتَــأَبَّتِ
لَهُ كُـــلَّ يَـــومٍ شَـــمـــلُ مَـــجـــدٍ مُــؤَلَّفٍ
وَشَــمــلُ نَــدىً بَــيــنَ العُــفــاةِ مُـشَـتَّتِ
أَبـا اللَيـثِ لَولا أَنتَ لَاِنصَرَمَ النَدى
وَأَدرَكَـــتِ الأَحـــداثُ مــا قَــد تَــمَــنَّتِ
أَخــافَ فُـؤادَ الدَهـرِ بَـطـشُـكَ فَـاِنـطَـوَت
عَـــــلى رُعُـــــبٍ أَحـــــشـــــاؤُهُ وَأَجَــــنَّتِ
حَــلَلتَ مِــنَ العِــزِّ المُــنــيــفِ مَــحَــلَّةً
أَقــامَــت بِــفَــودَيــهـا العُـلى فَـأَبَـنَّتِ
لِيَهــنِــئ تَــنــوخــاً أَنَّهـُم خَـيـرُ أُسـرَةٍ
إِذا أُحــصِــيَــت أولى البُــيــوتِ وَعُــدَّتِ
وَأَنَّكــَ مِــنــهــا فـي اللُبـابِ الَّذي لَهُ
تَـــطَـــأطَــأَتِ الأَحــيــاءُ صُــغــراً وَذَلَّتِ
بَـــنـــى لِتَـــنـــوخَ اللَهُ عِــزّاً مُــؤَبَّداً
تَــــزِلُّ عَـــلَيـــهِ وَطـــأَةُ المُـــتَـــثَـــبِّتِ
إِذا مــا حُــلومُ النـاسِ حِـلمَـكَ وازَنَـت
رَجَـــحـــتَ بِـــأَحـــلامِ الرِجـــالِ وَخَـــفَّتِ
إِذا مــا يَــدُ الأَيّــامِ مَـدَّت بَـنـانَهـا
إِلَيـــكَ بِـــخَـــطـــبٍ لَم تَـــنَـــلكَ وَشَــلَّتِ
وَإِن أَزَمــاتُ الدَهــرِ حَــلَّت بِــمَــعــشَــرٍ
أَرَقــتَ دِمــاءَ المَــحــلِ فــيـهـا فَـطُـلَّتِ
إِذا ما اِمتَطَينا العيسَ نَحوَكَ لَم نَخَف
عِـثـاراً وَلَم نَـخـشَ اللُتَـيّـا وَلا الَّتي
شاركنا بتعليق وشرح مفيد