قصيدة مُصابي جَليلٌ وَالعَزاءُ جَميلُ للشاعر أبو فِراس الحَمَداني
مُــصــابــي جَــليــلٌ وَالعَــزاءُ جَــمـيـلُ
وَظَـــنّـــي بِـــأَنَّ اللَهَ سَـــوفَ يُـــديـــلُ
جِــراحٌ تَــحــامـاهـا الأُسـاةُ مَـخـوفَـةٌ
وَسُــقــمــانِ بــادٍ مِــنــهُــمــا وَدَخـيـلُ
وَأَســـرٌ أُقـــاســـيـــهِ وَلَيــلٌ نُــجــومُهُ
أَرى كُـــلَّ شَـــيـــءٍ غَـــيـــرَهُـــنَّ يَــزولُ
تَــطــولُ بِــيَ السـاعـاتُ وَهـيَ قَـصـيـرَةٌ
وَفــــي كُــــلِّ دَهـــرٍ لايَـــسُـــرُّكَ طـــولُ
تَــنــاسـانِـيَ الأَصـحـابُ إِلّا عُـصَـيـبَـةً
سَــتَــلحَــقُ بِــالأُخــرى غَــداً وَتَــحــولُ
وَمَن ذا الَّذي يَبقى عَلى العَهدِ إِنَّهُم
وَإِن كَــــثُــــرَت دَعـــواهُـــمُ لَقَـــليـــلُ
أُقَــلِّبُ طَــرفــي لا أَرى غَــيــرَ صـاحِـبٍ
يَــمــيـلُ مَـعَ النَـعـمـاءِ حَـيـثُ تَـمـيـلُ
وَصِــرنــا نَــرى أَنَّ المُــتـارِكَ مُـحـسِـنٌ
وَأَنَّ صَــــديـــقـــاً لايُـــضِـــرُّ خَـــليـــلُ
أَكُــلُّ خَــليــلٍ هَــكَــذا غَــيــرُ مُــنـصِـفٍ
وَكُـــلُّ زَمـــانٍ بِـــالكِـــرامِ بَـــخـــيــلُ
نَـعَـم دَعَـتِ الدُنـيا إِلى الغَدرِ دَعوَةً
أَجــــابَ إِلَيــــهــــا عــــالِمٌ وَجَهــــولُ
وَفــارَقَ عَـمـروُ بـنُ الزُبَـيـرِ شَـقـيـقُهُ
وَخَــلّى أَمــيــرَ المُــؤمِــنــيـنَ عَـقـيـلُ
فَــيــا حَـسـرَتـا مَـن لي بِـخِـلٍّ مُـوافِـقٍ
أَقــــولُ بِـــشَـــجـــوي مَـــرَّةً وَيَـــقـــولُ
وَإِنَّ وَراءَ السَــتــرِ أُمّــاً بُــكــاؤُهــا
عَــــلَيَّ وَإِن طـــالَ الزَمـــانُ طَـــويـــلُ
فَــيــا أُمَّتـا لاتَـعـدَمـي الصَـبـرَ إِنَّهُ
إِلى الخَـيـرِ وَالنُـجـحِ القَـريـبِ رَسولُ
وَيــا أُمَّتــا لاتُــخــطِـئي الأَجـرَ إِنَّهُ
عَــلى قَــدَرِ الصَــبـرِ الجَـمـيـلِ جَـزيـلُ
أَمــا لَكِ فـي ذاتِ النِـطـاقَـيـنِ أُسـوَةٌ
بِـــمَـــكَّةــَ وَالحَــربُ العَــوانُ تَــجــولُ
أَرادَ اِبـنُهـا أَخـذَ الأَمـانِ فَلَم تُجِب
وَتَـــعـــلَمُ عِـــلمـــاً أَنَّهـــُ لَقَـــتــيــلُ
تَــأَسّــي كَــفــاكِ اللَهُ مـا تَـحـذَريـنَهُ
فَــقَــد غـالَ هَـذا النـاسُ قَـبـلَكِ غـولُ
وَكــونــي كَــمــا كـانَـت بِـأُحـدٍ صَـفِـيَّةٌ
وَلَم يُــشــفَ مِـنـهـا بِـالبُـكـاءِ غَـليـلُ
وَلَو رَدَّ يَـومـاً حَـمـزَةَ الخَـيـرِ حُزنُها
إِذاً مـــا عَـــلَتـــهـــا رَنَّةــٌ وَعَــويــلُ
لَقــيــتُ نُــجــومَ الأُفــقِ وَهـيَ صَـوارِمٌ
وَخُــضــتُ سَــوادَ اللَيــلِ وَهــوَ خُــيــولُ
وَلَم أَرعَ لِلنَــفــسِ الكَــريــمَــةِ خِــلَّةً
عَـــشِـــيَّةــَ لَم يَــعــطِــف عَــلَيَّ خَــليــلُ
وَلَكِــن لَقـيـتُ المَـوتَ حَـتّـى تَـرَكـتُهـا
وَفــيــهــا وَفــي حَــدِّ الحُــسـامِ فُـلولُ
وَمَـــن لَم يُـــوَقِّ اللَهُ فَهـــوَ مُـــمَــزَّقٌ
وَمَـــن لَم يُـــعِـــزِّ اللَهُ فَهـــوَ ذَليــلُ
وَمـا لَم يُـرِدهُ اللَهُ فـي الأَمـرِ كُلِّهِ
فَـــلَيـــسَ لِمَـــخـــلوقٍ إِلَيــهِ سَــبــيــلُ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد