قصيدة مَتى أَنتَ عَن ذُهلِيَّةِ الحَيِّ ذاهِلُ للشاعر أَبو تَمّام
مَــتــى أَنــتَ عَــن ذُهـلِيَّةـِ الحَـيِّ ذاهِـلُ
وَقَــلبُــكَ مِــنــهــا مُــدَّةَ الدَهــرِ آهِــلُ
تُــطِــلُّ الطُـلولُ الدَمـعَ فـي كُـلِّ مَـوقِـفٍ
وَتَــمـثُـلُ بِـالصَـبـرِ الدِيـارُ المَـواثِـلُ
دَوارِسُ لَم يَــجــفُ الرَبــيــعُ رُبــوعَهــا
وَلا مَــرَّ فــي أَغــفــالِهـا وَهـوَ غـافِـلُ
فَـقَـد سَـحَـبَـت فـيـهـا السَـحـائِبُ ذَيلَها
وَقَـد أُخـمِـلَت بِـالنَـورِ فـيها الخَمائِلُ
تَـعَـفَّيـنَ مِـن زادِ العُـفـاةِ إِذا اِنتَحى
عَـلى الحَـيِّ صَـرفُ الأَزمَـةِ المُـتَـمـاحِـلُ
لَهُــم سَــلَفٌ سُــمــرُ العَــوالي وَســامِــرٌ
وَفــيــهِــم جَــمــالٌ لا يَــغـيـضُ وَجـامِـلُ
لَيــــالِيَ أَضــــلَلتَ العَــــزاءَ وَجَــــوَّلَت
بِـــعَـــقــلِكَ آرامُ الخُــدورِ العَــقــائِلُ
مِــنَ الهــيــفِ لَو أَنَّ الخَــلاخِـلَ صُـيِّرَت
لَهــا وُشُـمـاً جـالَت عَـلَيـهـا الخَـلاخِـلُ
مَهــا الوَحــشِ إِلّا أَنَّ هــاتــا أَوانِــسٌ
قَـــنـــا الخَـــطَ إِلّا أَنَّ تِـــلكَ ذَوابِــلُ
هَـوىً كـانَ خِـلسـاً إِنَّ مِـن أَحـسَنِ الهَوى
هَــوىً جُــلتَ فــي أَفــنـائِهِ وَهـوَ خـامِـلُ
أَبـــا جَـــعـــفَـــرِ إِنَّ الجَهــالَةَ أُمُّهــا
وَلودٌ وَأُمُّ العِــــــلمِ جَـــــدّاءُ حـــــائِلُ
أَرى الحَـشـوَ وَالدَهـمـاءَ أَضحَوا كَأَنَّهُم
شُـــعـــوبٌ تَــلاقَــت دونَــنــا وَقَــبــائِلُ
غَــدَوا وَكَــأَنَّ الجَهــلَ يَــجــمَــعُهُــم بِهِ
أَبٌ وَذَوو الآدابِ فـــيـــهِـــم نَـــواقِــلُ
فَــكُــن هَــضــبَــةً نَــأوي إِلَيــهـا وَحَـرَّةً
يُــعَــرِّدُ عَــنــهـا الأَعـوَجِـيُّ المَـنـاقِـلُ
فَــإِنَّ الفَــتــى فــي كُــلِّ ضَـربٍ مُـنـاسِـبٌ
مَــنــاسِــبَ روحــانِــيَّةــً مِــن يُــشــاكِــلُ
وَلَم تَــنـظِـمِ العِـقـدَ الكَـعـابُ لِزيـنَـةٍ
كَـمـا تَـنـظِـمُ الشَـمعَ الشَتيتَ الشَمائِلُ
وَأَنــتَ شِهــابٌ فــي المُــلِمّــاتِ ثــاقِــبٌ
وَسَــيــفٌ إِذا مــا هَــزَّكَ الحَــقُّ قــاصِــلُ
مِــنَ البـيـضِ لَم تَـنـضُ الأَكُـفُّ كَـنَـصـلِهِ
وَلا حَــمَــلَت مِــثـلاً إِلَيـهِ الحَـمـائِلُ
مُــــؤَرِّثُ نــــارٍ وَالإِمـــامُ يَـــشُـــبُّهـــا
وَقـــائِلُ فَـــصــلٍ وَالخَــليــفَــةُ فــاعِــلُ
وَإِنَّكــــَ إِن صَــــدَّ الزَمــــانُ بِـــوَجـــهِهِ
لَطَــلقٌ وَمِــن دونِ الخَــليــفَــةِ بــاسِــلُ
لَئِن نَــقِــمــوا حــوشِــيَّةـً فـيـكَ دونَهـا
لَقَــد عَــلِمــوا عَــن أَيِّ عِــلقٍ تُــنـاضِـلُ
هِـيَ الشَـيـءُ مَـولى المَـرءِ قِـرنٌ مُبايِنٌ
لَهُ وَاِبـــنُهُ فـــيــهــا عَــدُوٌّ مُــقــاتِــلُ
إِذا فَــضَــلَت عَــن رَأيِ غَــيـرِكَ أَصـبَـحَـت
وَرَأيُــكَ عَــن جِهــاتِهــا السِــتِّ فــاضِــلُ
وَخَــطــبٍ جَــليــلٍ دونَهــا قَــد شَــغَــلتَهُ
وَفـــي دونِهِ شُـــغـــلٌ لِغَـــيــرِكَ شــاغِــلُ
رَدَدتَ السَــنـا فـي شَـمـسِهِ بَـعـدَ كُـلفَـةٍ
كَــأَنَّ اِنـتِـصـافَ اليَـومِ فـيـهـا أَصـائِلُ
تَـرى كُـلَّ نَـقـصٍ تـارِكَ العِـرضِ وَالتُـقـى
كَـمـالاً إِذا المُـلكُ اِعـتَدى وَهوَ كامِلُ
جَــمَــعــتَ عُـرى أَعـمـالِهـا بَـعـدَ فُـرقَـةٍ
إِلَيــكَ كَــمــا ضَــمَّ الأَنــابـيـبَ عـامِـلُ
فَــأَضــحَــت وَقَــد ضُـمَّتـ إِلَيـكَ وَلَم تَـزَل
تُـضَـمُّ إِلى الجَـيـشِ الكَـثـيـفِ القَـنابِلُ
وَمــا بَــرِحَــت صُــوَراً إِلَيــكَ نَــوازِعــاً
أَعِـــنَّتـــُهــا مُــذ راسَــلَتــكَ الرَســائِلُ
لَكَ القَــلَمُ الأَعــلى الَّذي بِــشَــبــاتِهِ
تُـصـابُ مِـنَ الأَمـرِ الكُـلى وَالمَـفـاصِـلُ
لَهُ الخَـــلَواتُ اللاءِ لَولا نَـــجِــيُّهــا
لَمـا اِحـتَـفَـلَت لِلمُـلكِ تِـلكَ المَـحـافِلُ
لُعــابُ الأَفــاعــي القــاتِـلاتِ لُعـابُهُ
وَأَريُ الجَـنـى اِشـتـارَتـهُ أَيـدٍ عَـواسِـلُ
لَهُ ريــــقَــــةٌ طَــــلٌّ وَلَكِــــنَّ وَقـــعَهـــا
بــآِثــارِهِ فــي الشَــرقِ وَالغَـربِ وابِـلُ
فَــصــيـحٌ إِذا اِسـتَـنـطَـقـتَهُ وَهـوَ راكِـبٌ
وَأَعـــجَـــمُ إِن خــاطَــبــتَهُ وَهــوَ راجِــلُ
إِذا ما اِمتَطى الخَمسَ اللِطافَ وَأُفرِغَت
عَــلَيــهِ شِــعــابُ الفِــكـرِ وَهـيَ حَـوافِـلُ
أَطــاعَــتــهُ أَطــرافَ القَــنـا وَتَـقَـوَّضَـت
لِنَـجـواهُ تَـقـويـضَ الخِـيـامِ الجَـحـافِـلُ
إِذا اِسـتَـعـزَزَ الذِهـنَ الذَكِـيَّ وَأَقـبَلَت
أَعــاليــهِ فـي القِـرطـاسِ وَهـيَ أَسـافِـلُ
وَقَـــد رَفَـــدَتــهُ الخَــنــصَــرانِ وَشَــدَّدَت
ثَــلاثَ نَــواحــيــهِ الثَــلاثُ الأَنـامِـلُ
رَأَيـــتَ جَـــليــلاً شَــأنُهُ وَهــوَ مُــرهَــفٌ
ضَــنــىً وَسَــمــيــنـاً خَـطـبُهُ وَهـوَ نـاحِـلُ
أَرى اِبــنَ أَبــي مَــروانَ أَمّــا عَـطـاؤُهُ
فَـــطـــامٍ وَأَمّـــا حُـــكــمُهُ فَهــوَ عــادِلُ
هُـوَ المَـرءُ لا الشورى اِستَبَدَّت بِرَأيِهِ
وَلا قَــبَــضَــت مِــن راحَـتَـيـهِ العَـواذِلُ
مُــــــعَـــــرَّسُ حَـــــقٍّ مـــــالُهُ وَلَرُبَّمـــــا
تَــحَـيَّفـَ مِـنـهُ الخَـطـبُ وَالخَـطـبُ بـاطِـلُ
لَقــاحٌ فَــلَم تَــخــدِجــهُ بِـالضَـيـمِ مِـنَّةٌ
وَلا نــالَ أَنــفــاً مِـنـهُ بِـالذُلِّ نـائِلُ
تَــرى حَــبــلَهُ غَــرثــانَ مِــن كُـلِّ غَـدرَةٍ
إِذا نُــصِـبَـت تَـحـتَ الحِـبـالِ الحَـبـائِلُ
فَــتــىً لا يَــرى أَنَّ الفَـريـضَـةَ مَـقـتَـلٌ
وَلَكِــن يَــرى أَنَّ العُــيــوبَ المَــقـاتِـلُ
وَلا غُــمُــرٌ قَــد رَقَّصــَ الخَــفــضُ قَــلبَهُ
وَلا طــارِفٌ فــي نِــعــمَــةِ اللَهِ جـاهِـلُ
أَبــا جَــعــفَـرٍ إِنَّ الخَـليـفَـةَ إِن يَـكُـن
لِوُرّادِنـــا بَـــحـــراً فَـــإِنَّكـــَ ســـاحِــلُ
وَمـــا راغِـــبٌ أَســـرى إِلَيـــكَ بِــراغِــبٍ
وَلا ســــائِلٌ أَمَّ الخَـــليـــفَـــةَ ســـائِلُ
تَــقَــطَّعـَتِ الأَسـبـابُ إِن لَم تُـغـرِ لَهـا
قُــوىً وَيَــصِــلهــا مِــن يَــمـيـنِـكَ واصِـلُ
سِــوى مَــطــلَبٍ يُـنـضـي الرَجـاءَ بِـطـولِهِ
وَتُــخــلِقُ إِخــلاقَ الجُــفــونِ الوَســائِلُ
وَقَـد تَـألَفُ العَـيـنُ الدُجى وَهوَ قَيدُها
وَيُــرجــى شِــفــاءُ السَـمِّ وَالسَـمُّ قـاتِـلُ
وَلي هِــمَّةــٌ تَــمــضــي العُــصـورُ وَإِنَّهـا
كَـــعَهـــدِكَ مِـــن أَيّـــامِ وَعــدِكَ حــامِــلُ
سِــنــونَ قَــطَــعــنــاهُــنَّ حَــتّــى كَـأَنَّمـا
قَـطَـعـنـا لِقُـربِ العَهـدِ مِـنـهـا مَـراحِلُ
وَإِنَّ جَـــزيـــلاتِ الصَـــنـــائِعِ لِاِمــرِىءٍ
إِذا مــا اللَيــالي نـاكَـرَتـهُ مَـعـاقِـلُ
وَإِنَّ المَــعــالي يَــســتَــرِمُّ بَــنــاؤُهــا
وَشــيـكـاً كَـمـا قَـد تَـسـتَـرِمُّ المَـنـازِلُ
وَلَو حـــارَدَت شَـــولٌ عَـــذَرتُ لِقـــاحَهــا
وَلَكِــن حُــرِمــتُ الدَرَّ وَالضَــرعُ حــافِــلُ
مَـنَـحـتُـكَهـا تَـشـفـي الجَـوى وَهـوَ لاعِجٌ
وَتَــبــعَــثُ أَشـجـانَ الفَـتـى وَهـوَ ذاهِـلُ
تَـــرُدُّ قَـــوافــيــهــا إِذا هِــيَ أُرسِــلَت
هَــوامِــلَ مَــجــدِ القَــومِ وَهــيَ هَـوامِـلُ
فَـــكَـــيــفَ إِذا حَــلَّيــتَهــا بِــحُــلِيِّهــا
تَــكــونُ وَهَــذا حُــســنُهــا وَهــيَ عـاطِـلُ
أَكــابِــرَنــا عَــطــفـاً عَـلَيـنـا فَـإِنَّنـا
بِــنــا ظَــمَــأٌ مُــردٍ وَأَنــتُــم مَــنـاهِـلُ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد