Blog Image

قصيدة مَبيتي مِن دِمَشقَ عَلى فِراشِ للشاعر المُتَنَبّي


مَــبـيـتـي مِـن دِمَـشـقَ عَـلى فِـراشِ

حَــشــاهُ لي بِــحَــرِّ حَــشــايَ حــاشِ


لَقـى لَيـلٍ كَـعَـيـنِ الظَـبـيِ لَونـاً

وَهَــمٍّ كَــالحُــمَــيّـا فـي المُـشـاشِ


وَشَـــوقٍ كَـــالتَـــوَقُّدِ فـــي فُــؤادِ

كَــجَــمــرٍ فـي جَـوانِـحَ كَـالمِـحـاشِ


سَـقـى الدَمُ كُـلَّ نَـصـلٍ غَـيـرِ نـابٍ

وَرَوّى كُــــلَّ رُمــــحٍ غَــــيــــرِ راشِ


فَــإِنَّ الفــارِسَ المَــنــعـوتَ خَـفَّت

لِمُــنــصِــلِهِ الفَــوارِسُ كَـالرِيـاشِ


فَـقَـد أَضـحـى أَبا الغَمَراتِ يُكنى

كَــأَنَّ أَبـا العَـشـائِرِ غَـيـرُ فـاشِ


وَقَـد نُـسِـيَ الحُـسَـيـنُ بِـمـا يُسَمّى

رَدى الأَبـطـالِ أَو غَـيـثَ العِطاشِ


لَقـــوهُ حـــاسِــراً فــي دِرعِ صَــربٍ

دَقـيـقِ النَـسـجِ مُـلتَهِـبِ الحَواشي


كَـأَنَّ عَـلى الجَـمـاجِـمِ مِـنهُ ناراً

وَأَيـدي القَـومِ أَجـنِـحَـةُ الفَـراشِ


كَـــأَنَّ جَـــوارِيَ المُهَــجــاتِ مــاءٌ

يُــعــاوِدُهــا المُهَـنَّدُ مِـن عُـطـاشِ


فَـــوَلَّوا بَـــيــنَ ذي روحٍ مُــفــاتٍ

وَذي رَمَـــقٍ وَذي عَـــقـــلٍ مُـــطــاشِ


وَمُــنــعَـفِـرٍ لِنَـصـلِ السَـيـفِ فـيـهِ

تَـواري الضَـبِّ خـافَ مِـنِ اِحـتِـراشِ


يُـدَمّـي بَـعـضُ أَيـدي الخَـيلِ بَعضاً

وَمــا بِــعُــجــايَــةٍ أَثَـرُ اِرتِهـاشِ


وَرائِعُهـــا وَحـــيـــدٌ لَم يَـــرُعــهُ

تَــبــاعُــدُ جَــيــشِهِ وَالمُـسـتَـجـاشِ


كَـــأَنَّ تَـــلَوِّيَ النُـــشّـــابِ فــيــهِ

تَـلَوّي الخـوصِ فـي سَـعَـفِ العِـشاشِ


وَنَهــبُ نُـفـوسِ أَهـلِ النَهـبِ أَولى

بِـأَهـلِ المَـحـدِ مِـن نَهـبِ القُماشِ


تُـشـارِكُ فـي النَـدامِ إِذا نَزَلنا

بِــطـانٌ لا تُـشـارِكُ فـي الجِـحـاشِ


وَمِـن قَـبـلِ النِـطـاحِ وَقَـبلَ ياني

تَـبـيـنُ لَكَ النِـعـاجُ مِـنَ الكِباشِ


فَــيــا بَـحـرَ البُـحـورِ وَلا أُوَرّي

وَيــا مَـلِكَ المُـلوكِ وَلا أَحـاشـي


كَـــأَنَّكـــَ نــاظِــرٌ فــي كُــلِّ قَــلبٍ

فَــمــا يَـخـفـى عَـلَيـكَ مَـحَـلُّ غـاشِ


أَأَصـبِـرُ عَـنـكَ لَم تَـبـخَـل بِـشَـيـءٍ

وَلَم تَـــقـــبَــل عَــلَيَّ كَــلامَ واشِ


وَكَـيـفَ وَأَنـتَ فـي الرُؤَساءِ عِندي

عَـتـيـقُ الطَـيـرِ مـا بَينَ الخِشاشِ


فَــمــا خــاشــيـكَ لِلتَـكـذيـبِ راجٍ

وَلا راجــيــكَ لِلتَــخــيّــبِ خـاشـي


تُــطـاعِـنُ كُـلُّ خَـيـلٍ كُـنـتَ فـيـهـا

وَلَو كانوا النَبيطَ عَلى الجِحاشِ


أَرى النـاسَ الظَـلامَ وَأَنـتَ نـورٌ

وَإِنّـــي مِـــنـــهُـــمُ لَإِلَيــكَ عــاشِ


بُـليـتُ بِهِـم بَـلاءَ الوَردِ يَـلقـى

أُنــوفــاً هُــنَّ أَولى بِــالخِــشــاشِ


عَــلَيـكَ إِذا هُـزِلتَ مَـعَ اللَيـالي

وَحَــولَكَ حــيـنَ تَـسـمَـنُ فـي هِـراشِ


أَتـى خَـبَـرُ الأَمـيـرِ فَـقيلَ كَرّوا

فَـقُـلتُ نَـعَـم وَلَو لَحِـقـوا بِـشـاشِ


يَــقــودُهُــمُ إِلى الهَـيـجـا لَجـوجٌ

يُــسِــنُّ قِــتــالُهُ وَالكَــرُّ نــاشــي


وَأَسـرِجَـتِ الكُـمَـيـتُ فَـنـاقَـلَت بي

عَــلى إِعــقـاقِهـا وَعَـلى غِـشـاشـي


مِــنَ المُــتَــمَــرِّداتِ تُـذَبُّ عَـنـهـا

بِــرُمــحــي كُــلُّ طــائِرَةِ الرَشــاشِ


وَلَو عُـــقِـــرَت لَبَــلَّغَــنــي إِلَيــهِ

حَــديــثٌ عَــنــهُ يَــحـمِـلُ كُـلَّ مـاشِ


إِذا ذُكِــــرَت مَــــواقِـــفُهُ لِحـــافٍ

وَشــيــكَ فَـمـا يُـنَـكِّسـُ لِاِنـتِـقـاشِ


تُـزيـلُ مَـخـافَـةَ المَـصـبـورِ عَـنـهُ

وَتُـلهـي ذا الفِـيـاشِ عَنِ الفِياشِ


وَمـا وُجِـدَ اِشـتِـيـاقٌ كَـاِشـتِـياقي

وَلا عُـرِفَ اِنـكِـمـاشٌ كَـاِنـكِـمـاشي


فَـسِـرتُ إِلَيـكَ فـي طَـلَبِ المَـعالي

وَســارَ سِــوايَ فـي طَـلَبِ المَـعـاشِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد