Blog Image

قصيدة ما العُمرُ ماطالَت بِهِ الدُهورُ للشاعر أبو فِراس الحَمَداني


مـا العُـمرُ ماطالَت بِهِ الدُهورُ

العُـــمـــرُ مــاتَــمَّ بِهِ السُــرورُ


أَيّـــامُ عِـــزّي وَنَـــفـــاذِ أَمــري

هِـيَ الَّتـي أَحـسِـبُهـا مِـن عُـمـري


مــا أَجـوَرَ الدَهـرَ عَـلى بَـنـيـهِ

وَأَغــدَرَ الدَهــرَ بِـمَـن يُـصـفـيـهِ


لَو شِــئتُ مِــمّـا قَـد قَـلَلنَ جِـدّاً

عَـــدَدتُ أَيّـــامَ السُـــرورِ عَـــدّا


أَنـعَـمـتُ يَـومـاً مَـرَّ لي بِالشامِ

أَلَذَّ مــــا مَــــرَّ مِـــنَ الأَيّـــامِ


دَعَـــوتُ بِـــالصَــقّــارِ ذاتَ يَــومِ

عِـنـدَ اِنـتِـباهي سَحَراً مِن نَومي


قُـلتُ لَهُ اِخـتَـر سَـبـعَـةً كِـبـارا

كُــلٌّ نَــجــيــبٌ يَــرِدُ الغُــبــارا


يَـكـونُ لِلأَرنَـبِ مِـنـهـا اِثـنـانِ

وَخَـــمـــسَـــةٌ تُـــفــرَدُ لِلغِــزلانِ


وَاِجـعَـل كِـلابَ الصَـيـدِ نَـوبَتَينِ

تُـرسِـلُ مِنها اِثنَينِ بَعدَ اِثنَينِ


وَلا تُــــؤَخِّر أَكــــلُبَ العِــــراضِ

فَهُـــنَّ حَـــتـــفٌ لِلظِـــبــاءِ قــاضِ


ثُـــمَّ تَـــقَـــدَّمـــتُ إِلى الفَهّــادِ

وَالبــازِيـاريـنَ بِـالاِسـتِـعـدادِ


وَقُـــلتُ إِنَّ خَـــمــسَــةً لَتُــقــنِــعُ

وَالزُرَّقـــانِ الفَـــرخُ وَالمُــلَمَّعُ


وَأَنــتَ يــاطَــبّــاخُ لاتَــبــاطــا

عَـجِّلـ لَنـا اللَبّـاتِ وَالأَوساطا


وَيـــا شَـــرابِـــيَّ المُـــصَــفَّيــاتِ

تَــــكـــونُ بِـــالراحِ مُـــيَـــسَّراتِ


بِـاللَهِ لا تَـسـتَـصـحِـبوا ثَقيلاً

وَاِجـتَـنِـبـوا الكَثرَةَ وَالفُضولا


رُدّوا فُــلانــاً وَخُــذوا فُـلانـا

وَضَــمِّنــونــي صَــيــدَكُـم ضَـمـانـا


فَـاِخـتَـرتُ لَمّـا وَقَـفـوا طَـويـلاً

عِــشــريـنَ أَو فَـوَيـقَهـا قَـليـلا


عِــصــابَــةٌ أَكــرِم بِهــا عِـصـابَه

مَـعـروفَـةٌ بِـالفَـضـلِ وَالنَـجـابَه


ثُـمَّ قَـصَـدنـا صَـيـدَ عَـيـنِ قـاصِـرِ

مَــظِــنَّةــَ الصَــيــدِ لِكُــلِّ خـابِـرِ


جِـئنـاهُ وَالشَـمـسُ قُبَيلَ المَغرِبِ

تَختالُ في ثَوبِ الأَصيلِ المُذهَبِ


وَأَخَـــذَ الدُرّاجُ فـــي الصِــيــاحِ

مُـكـتَـنِـفـاً مِـن سـائِرِ النَـواحي


فــي غَــفــلَةٍ عَــنّــا وَفـي ضَـلالِ

وَنَــحــنُ قَــد زُرنــاهُ بِـالآجـالِ


يَــطــرَبُ لِلصُــبــحِ وَلَيــسَ يَــدري

أَنَّ المَـنـايـا فـي طُلوعِ الفَجرِ


حَــتّــى إِذا أَحـسَـسـتُ بِـالصَـبـاحِ

نــادَيــتُهُــم حَــيَّ عَـلى الفَـلاحِ


نَــحــنُ نُــصَـلّي وَالبُـزاةُ تُـخـرَجُ

مُـــجَـــرَّداتٍ وَالخُــيــولُ تُــســرَجُ


فَـقُـلتُ لِلفَهّـادِ فَـاِمـضِ وَاِنـفَرِد

وَصِـح بِـنـا إِن عَـنَّ ظَبيٌ وَاِجتَهِد


فَــلَم يَــزَل غَــيـرَ بَـعـيـدٍ عَـنّـا

إِلَيــهِ يَــمــضـي مـا يَـفِـرُّ مِـنّـا


وَسِـــرتُ فـــي صَــفٍّ مِــنَ الرِجــالِ

كَـــأَنَّمـــا نَـــزحَـــفُ لِلقِـــتـــالِ


فَـمـا اِسـتَـوَينا كُلُّنا حَتّى وَقَف

غُــلَيِّمــٌ كـانَ قَـريـبـاً مِـن شَـرَف


ثُـمَّ أَتـانـي عَـجِـلاً قـالَ السَبَق

فَـقُـلتُ إِن كانَ العِيانُ قَد صَدَق


سِــرتُ إِلَيــهِ فَــأَرانــي جـاثِـمَه

ظَـنَـنـتُهـا يَـقـظى وَكانَت نائِمَه


ثُــمَّ أَخَــذتُ نَـبـلَةً كـانَـت مَـعـي

وَدُرتُ دَورَيــــــــــــــنِ وَلَم أُوَسَّعِ


حَـتّـى تَـمَـكَّنـتُ فَـلَم أُخطِ الطَلَب

لِكُــلِّ حَــتــفٍ سَــبَـبٌ مِـنَ السَـبَـب


وَضَــجَّتــِ الكِـلابُ فـي المَـقـاوِدِ

تَــطــلُبُهــا وَهــيَ بِـجُهـدٍ جـاهِـدِ


وَصِــحــتُ بِــالأُســودِ كَــالخُـطّـافِ

لَيـــسَ بِـــأَبــيَــضٍ وَلا غِــطــرافِ


ثُــمَّ دَعَــوتُ القَــومَ هَـذا بـازي

فَـــأَيُّكـــُم يَـــنـــشَـــطُ لِلبِـــرازِ


فَــقــالَ مِـنـهُـم رَشَـأٌ أَنـا أَنـا

وَلَو دَرى مــابِــيَــدي لَأَذعَــنــا


فَــقُــلتُ قـابِـلنـي وَراءَ النَهـرِ

أَنـــتَ لِشَـــطـــرٍ وَأَنـــا لِشَــطــرِ


طـــارَت لَهُ دُراجَـــةٌ فَـــأَرسَـــلا

أَحــسَــنَ فـيـهـا بـازُهُ وَأَجـمَـلا


عَــلَّقَهــا فَــعَـطـعَـطـوا وَصـاحـوا

وَالصَــيــدُ مِــن آلَتِهِ الصِــيــاحُ


فَـقُـلتُ مـاهَـذا الصِياحُ وَالقَلَق

أَكُــلُّ هَــذا فَــرَحٌ بِــذا الطَــلَق


فَـقـالَ إِنَّ الكَلبَ يُشوي البازا

قَــد حَــرَزَ الكَـلبُ فَـجُـز وَجـازا


فَــلَم يَــزَل يَــزعَــقُ يـامَـولائي

وَهـوَ كَـمِثلِ النارِ في الحَلفاءِ


طــارَت فَـأَرسَـلتُ فَـكـانَـت سَـلوى

حَـلَّت بِهـا قَـبـلَ العُلوِّ البَلوى


فَـمـا رَفَـعـتُ البـازَ حَـتّى طارا

آخَــرُ عــوداً يُــحــسِـنُ الفِـرارا


أَســـوَدُ صَـــيّـــاحٌ كَـــريــمٌ كُــرَّزُ

مُــــطَــــرَّزٌ مُــــكَــــحَّلــــٌ مُــــلَزَّزُ


عَـــلَيـــهِ أَلوانٌ مِــنَ الثِــيــابِ

مِـن حُـلَلِ الديـبـاجِ وَالعُـنّـابي


فَـلَم يَـزَل يَـعـلو وَبـازي يَـسفُلُ

يُـحـرِزُ فَـضـلَ السَـبـقِ لَيسَ يَغفُلُ


يَــرقُــبُهُ مِــن تَــحــتِهِ بِــعَـيـنِهِ

وَإِنَّمــــا يَــــرقُــــبُهُ لِحـــيـــنِهِ


حَـتّـى إِذا قـارَبَ فـيـمـا يَـحـسَبُ

مَــعــقِــلَهُ وَالمَـوتُ مِـنـهُ أَقـرَبُ


أَرخـــى لَهُ بِـــنَــبــجِهِ رِجــلَيــهِ

وَالمَـــوتُ قَـــد ســابَــقَهُ إِلَيــهِ


صِـحـتُ وَصـاحَ القَـومُ بِـالتَـكبيرِ

وَغَــيــرُنـا يُـضـمِـرُ فـي الصُـدورِ


ثُـمَّ تَـصـايَـحـنـا فَـطـارَت واحِدَه

شَـيـطـانَـةٌ مِـنَ الطُـيـورِ مـارِدَه


مِــن قُــرُبٍ فَــأَرسَــلوا إِلَيــهــا

وَلَم تَــزَل أَعــيُــنُهُــم عَــلَيـهـا


فَــــلَم يُــــعَــــلِّق بــــازُهُ وَأَدّى

مِــن بَــعــدِ مــاقــارَبَهـا وَشَـدّا


صِــحـتُ أَهَـذا البـازُ أَم دَجـاجَه

لَيــتَ جَــنــاحَــيــهِ عَــلى دُرّاجَه


فَــاِحــمَــرَّتِ الأَوجُهُ وَالعُــيــونُ

وَقـــالَ هَـــذا مَــوضُــعٌ مَــلعــونُ


إِن لَزَّهـا البـازُ أَصـابَـت نَبجاً

أَو سَـقَـطَـت لَم تَـلقَ إِلّا مَدرَجا


أَعــدِل بِــنـا لِلنَـبَّجـِ الخَـفـيـفِ

وَالمَـوضِـعِ المُـنـفَـرِدِ المَـكشوفِ


فَــقُــلتُ هَــذي حُــجَّةــٌ ضَــعــيــفَه

وَغِــــرَّةٌ ظــــاهِــــرَةٌ مَـــعـــروفَه


نَـحـنُ جَـمـيـعـاً فـي مَـكانٍ واحِدِ

فَـلا تُـعَـلِّل بِـالكَـلامِ البـارِدِ


قُـصَّ جَـنـاحَـيـهِ يَـكُـن فـي الدارِ

مَــعَ الدَبــاسـي وَمَـعَ القَـمـاري


وَاِعــمَــد إِلى جُـلجُـلِهِ البَـديـعِ

فَـاِجـعَـلهُ فـي عَـنـزٍ مِنَ القَطيعِ


حَــتّـى إِذا أَبـصَـرتُهُ وَقَـد خَـجِـل

قُـلتُ أَراهُ فـارِهـاً عَـلى الحَجَل


دَعــهُ وَهَــذا البـازُ فَـاِطَّرِد بِهِ

تَــفــادِيــاً مِــن غَــمِّهــِ وَعَـتـبِهِ


وَقُــلتُ لِلخَـيـلِ الَّتـي حَـولَيـنـا

تَــشــاهَــدوا كُــلُّكُــمُ عَــلَيــنــا


بِـــأَنَّهـــُ عـــارِيَـــةٌ مَــضــمــونَه

يُــقــيــمُ فــيـهـا جـاهَهُ وَديـنَه


جِـــئتُ بِـــبــازٍ حَــسَــنٍ مُــبَهــرَجِ

دونَ العُــقــابِ وَفُــوَيــقَ الزُمَّجِ


زَيـــنٍ لِرائيـــهِ وَفَــوقَ الزَيــنِ

يَـنـظُـرُ مِـن نـارَيـنِ فـي غـارَينِ


كَـــأَنَّ فَـــوقَ صَـــدرِهِ وَالهـــادي

آثــارَ مَـشـيِ الذَرِّ فـي الرَمـادِ


ذي مِـنـسَـرٍ فَـخـمٍ وَعَـيـنٍ غـائِرَه

وَفَــخِــذٍ مِــلءَ اليَـمـيـنِ وافِـرَه


ضَــخــمٍ قَـريـبِ الدَسـتَـبـانِ جِـدّا

يَـلقـى الَّذي يَـحـمِـلُ مِـنـهُ كَـدّا


وَراحَــةٍ تَــغــمُــرُ كَــفّــي سَـبـطَه

زادَ عَــلى قَـدرِ البُـزاةِ بَـسـطَه


سُـــرَّ وَقـــالَ هــاتِ قُــلتُ مَهــلا

اِحــلِف عَــلى الرَدِّ فَــقـالَ كَـلّا


أَمّـا يَـمـيـني فَهيَ عِندي غالِيَه

وَكَـلمَـتـي مِـثـلُ يَـمـيـني وافِيَه


قُــلتُ فَــخُــذهُ هِــبَــةً بِــقُــبــلَه

فَــصَــدَّ عَــنّــي وَعَــلَتــهُ خَــجــلَه


فَـلَم أَزَل أَمـسَـحُهُ حَـتّـى اِنـبَسَط

وَهَــشَّ لِلصَــيــدِ قَــليــلاً وَنَـشَـط


صِـحـتُ بِهِ اِركَب فَاِستَقَلَّ عَن يَدي

مُــبــادِراً أَســرَعَ مِــن قَـولِ قَـدِ


وَضَــمَّ ســاقَـيـهِ وَقـالَ قَـد حَـصَـل

قُـلتُ لَهُ الغَـدرَةُ مِن شَرِّ العَمل


سِــرتُ وَســارَ الغــادِرُ العَـيّـارُ

لَيــسَ لِطَــيــرٍ مَــعَــنــا مَــطــارُ


ثُـمَّ عَـدَلنـا نَـحـوَ نَهـرِ الوادي

وَالطَــيــرُ فــيــهِ عَـدَدُ الجَـرادِ


أَدَرتُ شــاهــيــنَــيـنِ فـي مَـكـانِ

لِكَــثـرَةِ الصَـيـدِ مَـعَ الإِمـكـانِ


دارا عَــلَيــنــا دَورَةً وَحَــلَّقــا

كِــلاهُــمــا حَــتّـى إِذا تَـعَـلَّقـا


تَــــــوازَيــــــا وَاِطَّرَدا اِطِّرادا

كَـالفـارِسَـيـنِ اِلتَقَيا أَو كادا


ثَــمَّتــَ شَــدّا فَــأَصـابـا أَربَـعـا

ثَـلاثَـةً خُـضـراً وَطَـيـراً أَبـقَـعا


ثُــمَّ ذَبَــحـنـاهـا وَخَـلَّصـنـاهُـمـا

وَأَمـكَـنَ الصَـيـدُ فَـأَرسَـلنـاهُـما


فَــجَــدَّلا خَــمــسـاً مِـنَ الطُـيـورِ

فَــزادَنــي الرَحـمَـنُ فـي سُـروري


أَربَــعَــةٌ مِــنــهــا أَنــيــسِـيّـانِ

وَطــائِراً يُــعـرَفُ بِـالبَـيـضـانـي


خَـيـلٌ نُـنـاجـيـهِـنَّ كَـيـفَ شـيـنـا

طَـــيِّعـــَةٌ وَلَجــمُهــا أَيــديــنــا


وَهـيَ إِذا مـا اِستَصعَبَت لِلقادَه

صَــرَّفَهــا الجـوعُ عَـلى الإِرادَه


وَكُــلَّمــا شُـدَّ عَـلَيـهـا فـي طَـلَق

تَـسـاقَـطَـت مـابَـينَنا مِنَ الفَرَق


حَـتّـى أَخَـذنـا مـا أَرَدنـا مِنها

ثُـمَّ اِنـصَـرَفـنـا راغِـبـيـنَ عَنها


إِلى كَـــراكِـــيَّ بِــقُــربِ النَهــرِ

عَـشـراً نَـراهـا أَو فُوَيقَ العَشرِ


لَمّـا رَآهـا البازُ مِن بُعدٍ لَصَق

وَحَـــدَّدَ الطَـــرفَ إِلَيــهــا وَذَرَق


فَــقُــلتُ قَـد صـادَ وَرَبِّ الكَـعـبَه

وَنَــحــنُ فــي وادٍ بِـقُـربِ جَـنـبَه


فَــدارَ حَــتّـى أَمـكَـنَـت ثُـمَّ نَـزَل

فَـحَـطَّ مِـنـها أَفرُعاً مِثلَ الجَمَل


مــا اِنــحَــطَّ إِلّا وَأَنــا إِلَيــهِ

مُــمَــكِّنــاً رِجــلَيَّ مِــن رِجــلَيــهِ


جَــلَســتُ كَــي أُشــبِـعَهُ إِذا هِـيَه

قَد سَقَطَت مِن عَن يَمينِ الرابِيَه


فَــشَــلتُهُ أَرغَــبُ فــي الزِيــادَه

وَتِــــلكَ لِلطَــــرادِ شَـــرُّ عـــادَه


لَم أَجـــزِهِ بِـــأَحــسَــنِ البَــلاءِ

أَطَــعــتُ حِــرصــي وَعَــصَـيـتُ دائي


فَــلَم أَزَل أَخــتِـلُهـا وَتُـخـتَـتَـل

وَإِنَّمــا نَــخــتِــلُهــا إِلى أَجَــل


عَــمَــدتُ مِـنـهـا لِكَـبـيـرٍ مُـفـرَدِ

يَـمـشـي بِـعُنقٍ كَالرَشاءِ المُحصَدِ


طـارَ وَمـا طـارَ لِيَـأتيهِ القَدَر

وَهَـل لِمـا قَد حانَ سَمعٌ أَو بَصَر


حَــتّــى إِذا جَــدَّلَهُ كَــالعَــنــدَلِ

أَيـقَـنـتُ أَنَّ العَـظمَ غَيرُ الفَصلِ


ذاكَ عَــلى مــا نِـلتُ مِـنـهُ أَمـرُ

عَــثَــرتُ فــيــهِ وَأَقــالَ الدَهــرُ


خَــيــرٌ مِــنَ النَـجـاحِ لِلإِنـسـانِ

إِصــابَــةُ الرَأيِ مَــعَ الحِـرمـانِ


صِـحـتُ إِلى الطَبّاخِ ماذا تَنتَظِر

إِنـزِل عَـنِ المَهرِ وَهاتِ ما حَضَر


جـــاءَ بِـــأَوســـاطٍ وَجُـــردِ تــاجِ

مِــن حَــجَــلِ الصَــيـدِ وَمِـن دُرّاجِ


فَــمــا تَـنـازَلنـا عَـنِ الخُـيـولِ

يَـمـنَـعُـنـا الحِـرصُ عَـنِ النُـزولِ


وَجــيــءَ بِــالكَــأسِ وَبِــالشَــرابِ

فَــقُــلتُ وَفِّرهــا عَـلى أَصـحـابـي


أَشـبَـعَني اليَومَ وَرَوّاني الفَرَح

فَـقَـد كَـفـانـي فـيـهِ قِـسطٌ وَقَدَح


ثُــمَّ عَــدَلنــا نَـطـلُبُ الصَـحـراءَ

نَــلتَــمِــسُ الوُحــوشَ وَالظِــبــاءَ


عَــنَّ لَنــا سِـربٌ بِـبَـطـنِ الوادي

يَــقــدُمُهُ أَقــرَنُ عَــبـلُ الهـادي


قَـــد صَـــدَرَت عَــن مَــنــهَــلٍ رَوِيِّ

مِـــن غُـــبَــرِ الوَســمِــيِّ وَالوَلِيِّ


لَيـــسَ بِـــمَـــطـــروقٍ وَلا بَــكِــيِّ

وَمَـــرتَـــعٍ مُـــقـــتَـــبِـــلٍ جَــنِــيِّ


رَعَــيــنَ فــيــهِ غَـيـرَ مَـذعـوراتِ

لُعـــاعَ وادٍ وافِـــرِ النَـــبـــاتِ


مَـــرَّ عَـــلَيـــهِ غَـــدِقُ السَــحــابِ

بِــــواكِــــفٍ مُــــتَّصـــِلِ الرَبـــابِ


لَمّــا رَآنــا مــالَ بِــالأَعـنـاقِ

نَـــظـــرَةَ لاصَــبٍّ وَلا مُــشــتــاقِ


مــازالَ فــي خَــفـضٍ وَحُـسـنِ حـالِ

حَـتّـى أَصـابَـتـهُ بِـنـا اللَيـالي


سِــربٌ حَـمـاهُ الدَهـرُ مـا حَـمـاهُ

لَمّــا رَآنــا اِرتَـدَّ مـا أَعـطـاهُ


بــادَرتُ بِــالصَــقّــارِ وَالفَهّــادِ

حَـتّـى سَـبَـقـنـاهُ إِلى المـيـعادِ


فَـجَـدَّلَ الفَهدُ الكَبيرَ الأَقرَنا

شَــدَّ عَـلى مَـذبَـحِهِ وَاِسـتَـبـطَـنـا


وَجَــدَّلَ الآخَــرُ عَــنــزاً حــائِلاً

رَعَت حِمى الغَورَينِ حَولاً كامِلا


ثُــمَّ رَمَــيــنــاهُــنَّ بِــالصُــقــورِ

فَــجِــئنَهــا بِـالقَـدَرِ المَـقـدورِ


أَفرَدنَ مِنها في القَراحِ واحِدَه

قَـد ثَـقُـلَت بِـالخَصرِ وَهيَ جاهِدَه


مَـرَّت بِـنـا وَالصَـقرُ في قَذالِها

يُــؤذِنُهــا بِــسَــيِّئـٍ مِـن حـالِهـا


ثُــمَّ ثَــنــاهـا وَأَتـاهـا الكَـلبُ

هُــمــا عَــلَيــهـا وَالزَمـانُ إِلبُ


فَــلَم نَــزَل نَــصــيـدُهـا وَنَـصـرَعُ

حَـتّـى تَـبَـقّـى فـي القَطيعِ أَربَعُ


ثُـمَّ عَـدَلنـا عَـدلَةً إِلى الجَـبَـل

إِلى الأَراوي وَالكِباشِ وَالحَجَل


فَــلَم نَــزَل بِـالخَـيـلِ وَالكِـلابِ

نَـجـزُرُهـا جَـزراً إِلى الأَغـبـابِ


ثُـمَّ اِنـصَـرَفـنا وَالبِغالُ موقَرَه

فـي لَيـلَةٍ مِـثـلِ الصَباحِ مُسفِرَه


حَــتّــى أَتَــيـنـا رَحَـلنـا بِـلَيـلٍ

وَقَـد سُـبِـقـنـا بِـجِـيـادِ الخَـيـلِ


ثُـمَّ نَـزَلنـا وَطَـرَحـنـا الصَـيـدا

حَـــتّـــى عَــدَدنــا مِــئَةً وَزَيــدا


فَـلَم نَـزَل نَـقـلي وَنَـشـوي وَنَصُب

حَـتّـى طَـلَبـنـا صـاحِياً فَلَم نُصِب


شُــربــاً كَــمـا عَـنَّ مِـنَ الزِقـاقِ

بِــغَــيــرِ تَــرتــيـبٍ وَغَـيـرِ سـاقِ


فَــلَم نَــزَل سَــبــعَ لَيـالٍ عَـدَدا

أَسـعَـدَ مَـن راحَ وَأَحـظى مَن غَدا


شاركنا بتعليق وشرح مفيد