قصيدة لَيسَ الوُقوفُ بِكُفءِ شَوقِكَ فَاِنزِلِ للشاعر أَبو تَمّام
لَيـسَ الوُقـوفُ بِـكُـفـءِ شَـوقِـكَ فَـاِنزِلِ
تَــبــلُل غَــليـلاً بِـالدُمـوعِ فَـتُـبـلِلِ
فَــلَعَــلَّ عَــبــرَةَ ســاعَــةٍ أَذرَيــتَهــا
تَــشــفــيــكَ مِــن إِربـابِ وَجـدٍ مُـحـوِلِ
وَلَقَــد سَــلَوتَ لَوَ اَنَّ داراً لَم تَــلُح
وَحَــلُمــتَ لَو أَنَّ الهَــوى لَم يَــجـهَـلِ
وَلَطــالَمــا أَمــســى فُــؤادُكَ مَـنـزِلاً
وَمَـــحَـــلَّةً لِظِـــبـــاءِ ذاكَ المَــنــزِلِ
إِذ فيهِ مِثلُ المُطفِلِ الظَمأى الحَشا
رَعَـتِ الخَـريـفَ وَمـا القَـتـولُ بِمُطفِلِ
إِنّـي اِمـرُؤٌ أَسِـمُ الصَـبـابَـةَ وَسـمَهـا
فَــتَــغَــزُّلي أَبَــداً بِــغَـيـرِ المُـغـزِلِ
عــالي الهَـوى مِـمّـا تُـعَـذِّبُ مُهـجَـتـي
أَروِيَّةــُ الشَــعــفِ الَّتــي لَم تُــسـهِـلِ
شـاكـي الجَـوانِـحِ مِـن جَـوانِـحِ ظـالِمٍ
شـاكـي السِـلاحِ عَـلى المُحِبِّ الأَعزَلِ
تُــردى وَلَم تُــبــلِغــكَ آخِــرَ سُــخـطِـكَ
وَالسُــمُّ يَــقــتُــلُ وَهُــوَ غَـيـرُ مُـثَـمَّلِ
قَـد أَثـقَبَ الحَسَنُ بنُ وَهبٍ في النَدى
نـاراً جَـلَت إِنـسـانَ عَـيـنِ المُـجـتَلي
مَـــأدومَـــةً لِلمُــجــتَــدي مَــوســومَــةً
لِلمُهــتَــدي مَــظــلومَــةً لِلمُــصــطَــلي
مـا أَنـتَ حـيـنَ تَـعُـدُّ نـاراً مِـثـلَهـا
إِلّا كَــــتـــالي ســـورَةٍ لَم تُـــنـــزَلِ
قَــطَــعَــت إِلَيَّ الزابِــيَــيــنِ هِـبـاتُهُ
إِلثــاثَ مَــأمـورِ السَـحـابِ المُـسـبِـلِ
مِــن مِــنَّةــٍ مَــشــهــورَةٍ وَصَــنــيــعَــةٍ
بِــــكـــرٍ وَإِحـــســـانٍ أَغَـــرَّ مُـــحَـــجَّلِ
وَلَقَـــد رَأَيـــتُ وَمــا رَأَيــتُ كَــوارِدٍ
وَالخِــمــسُ بَــيــنَ لَهـاتِهِ وَالمَـنـهَـلِ
وَلَقَــد سَـمِـعـتَ فَهَـل سَـمِـعـتَ بِـمُـوطِـنٍ
أَرضَ العِـراقِ يُـضـيـفُ مَـن بِـالمَـوصِـلِ
لِلَّهِ أَيّـــامٌ خَـــطَـــبـــنـــا ليـــنَهــا
فــي ظِــلِّهِ بِــالخَــنــدَريــسِ السَـلسَـلِ
بِــمُـدامَـةٍ نَـغَـمُ السَـمـاعِ خَـفـيـرُهـا
لا خَـيـرَ فـي المَـعـلولِ غَـيـرَ مُـعَلَّلِ
يَـعـشـى عَـلَيـهـا وَهـوَ يَـجـلو مُـقلَتَي
بــازٍ وَيَــغــفَــلُ وَهــوَ غَــيــرُ مُـغَـفَّلِ
لا طــــائِشٌ تَهــــفـــو خَـــلائِقُهُ وَلا
خَــشِــنُ الوَقــارِ كَــأَنَّهــُ فـي مَـحـفِـلِ
فَــكِهٌ يُــجِــمُّ الجِــدَّ أَحــيــانـاً وَقَـد
يُــنــضـى وَيُهـزَلُ عَـيـشُ مَـن لَم يَهـزِلِ
قَــيــدُ الكَــلامِ لِســانُهُ حِــصــنٌ إِذا
أَضـحـى اللِسـانُ اللَغـبُ مِثلَ المَقتَلِ
أُذُنٌ صَــفــوحٌ لَيــسَ يَــفــتَـحُ سَـمـعَهـا
لِدَنِـــيَّةـــٍ وَأَنـــامِـــلٌ لَم تُـــقـــفَــلِ
لا ذو الحُـقـودِ اللُقَّحِ اللاتي تَرى
كَـشـحَ الصَـديـقِ وَلا العِـداتِ الحُـيَّلِ
نَـــفـــســـي فِـــداءُ أَبـــي عَـــلِيٍّ إِنَّهُ
صُــبــحُ المُــؤَمِّلــِ كَــوكَــبُ المُـتَـأَمِّلِ
قَــد كُـنـتَ لِلمُـتَـمَـوِّهِ المُـكـدي أَخـاً
مِــثــلاً فَــأَوجَـفَ بـي مَـعَ المُـتَـمَـوِّلِ
أَكــرِم بِــنِــعــمَــتِهِ عَــلَيَّ وَنِـعـمَـتـي
مِــنــهــا عَــلى عــافٍ جَــدايَ وَمُـرمِـلِ
تَــاللَهِ مـا أَحـلى مَـراشِـفَهـا عَـلى
حَــنَــكٍ وَأَجــمَــلَهــا عَــلى مُــتَـجَـمِّلِ
لَم يَـقـرِنـي بِـشـرَ البَـخيلِ يُغيرُ في
أَمَــلي وَلَم يَـشـمَـخ بِـأَنـفِ المُـفـضِـلِ
وَغَــدا فَــلَم يُــطــلِل عَــلَيَّ بِــطَــرفِهِ
شَـوَسـاً وَذو المَـعـروفِ يَـنـظُرُ مِن عَلِ
مُــتَــقَــيِّلــاً وَهــبــاً وَتِــلكَ خَــلائِقٌ
فَــضــفــاضَــةٌ شَــطَــطٌ عَـلى المُـتَـقَـيِّلِ
وَاِبــنُ الكَــريــمِ مُــطـالَبٌ بِـقَـديـمِهِ
غَــلِقٌ وَصــافـي العَـيـشِ لِاِبـنِ الزُمَّلِ
وَالحَــمــدُ شَهــدٌ لا تَــرى مُــشـتـارَهُ
يَــجـنـيـهِ إِلّا مِـن نَـقـيـعِ الحَـنـظَـلِ
غُـــلٌّ لِحـــامِـــلِهِ وَيَـــحـــسَـــبُهُ الَّذي
لَم يــوهِ عــاتِــقَهُ خَـفـيـفَ المَـحـمَـلِ
هَــل تَــشـكُـرَّن لَكَ المُـروءَةُ أَن جَـلَت
كَــفّــاكَ داثِــرَهــا جِــلاءَ المُــنـصُـلِ
لَولاكَ كــانَــت ثُــلمَــةً لَم تَــنـسَـدِد
أَبَـــداً وَكـــانَــت عِــدَّةً لَم تَــكــمُــلِ
فَــمَــتــى أُرَوّي مِــن لِقــائِكَ هِــمَّتــي
وَيُــفــيـقُ قَـولي مِـن سِـواكَ وَمِـقـوَلي
وَتَهُــبُّ لي بِـعَـجـاجِ مَـوكِـبِـكَ الصَـبـا
إِنَّ السَــمــاحَـةَ تَـحـتَ ذاكَ القَـسـطَـلِ
بِــالراقِــصـاتِ كَـأَنَّهـا رَسَـلُ القَـطـا
وَالمُــقــرَبــاتِ بِهِــنَّ مِـثـلُ الأَفـكَـلِ
مِـــن نَـــجــلِ كُــلِّ تَــليــدَةٍ أَعــراقُهُ
طِــرفٍ مُــعَــمٍّ فــي السَــوابِــقِ مُـخـوَلِ
كَــالأَجــدَلِ الغِــطـريـفِ لاحَ لِعَـيـنِهِ
خُــزَزٌ وَأَنــتَ عَــلَيــهِ مِــثـلُ الأَجـدَلِ
يَــردي بِــأَروَعَ يَــغـتَـدي وَيَـروحُ مِـن
زُوّارِهِ وَضُــــيــــوفِهِ فـــي جَـــحـــفَـــلِ
حَــتّــى تَــقَــرَّ عُــيـونُـنـا وَقُـلوبُـنـا
بِـالمـاجِـدِ المُـسـتَـقـبَـلِ المُـسـتَقبَلِ
بِــــمُــــحَــــمَّدٍ وَمُــــكَــــفَّرٍ وَمُـــحَـــسَّدٍ
وَمُـــــسَـــــوَّدٍ وَمُــــمَــــدَّحٍ وَمُــــعَــــذَّلِ
بِــحَــديـقَـةِ الأَدَبِ الَّتـي قَـد حُـصِّنـَت
بِــاللُبِّ إِنَّ العَــقــلَ أَحــرَزُ مَــعـقِـلِ
بِـــسِـــراجِ كُــلِّ مُــلِمَّةــٍ فــي لَونِهــا
كَـــلَفٌ وَمَـــعـــلَمِ كُـــلِّ أَرضٍ مَــجــهَــلِ
فَـاِنـهَـض وَإِن خِـلتَ الشِـتـاءَ مُـصَـمِّماً
حَـزنَ الخَـليـفَـةِ جـامِـحاً في المِسحَلِ
فَــــلَدَيــــكَ آلاتٌ جَـــنـــوبٌ كُـــلُّهـــا
فَــاِحــطِــم بِـأَصـلَبِهِـنَّ صُـلبَ الشَـمـأَلِ
عــامٌ وَشَهــرٌ مُــقــبِــلانِ كِــلاهُــمــا
مــا اِســتَــجــمَـعـا إِلّا لِحَـظٍّ مُـقـبِـلِ
وَالوَقــــتُ بَــــسّــــامٌ يُــــخَــــبِّرُ أَنَّهُ
مِـن خَـيـرِ عُـضـوٍ فـي الزَمـانِ وَمَـفصِلِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد