قصيدة لِمَن جاهَدَ الحُسّادُ أَجرُ المُجاهِدِ للشاعر أبو فِراس الحَمَداني
لِمَـن جـاهَـدَ الحُـسّادُ أَجرُ المُجاهِدِ
وَأَعــجَـزُ مـا حـاوَلتُ إِرضـاءُ حـاسِـدِ
وَلَم أَرَ مِـثـلي اليَومَ أَكثَرَ حاسِداً
كَــأَنَّ قُـلوبَ النـاسِ لي قَـلبُ واجِـدِ
أَلَم يَـرَ هَـذا النـاسُ غَـيرِيَ فاضِلاً
وَلَم يَـظـفَـرِ الحُـسّـادُ قَـبلي بِماجِدِ
أَرى الغِلَّ مِن تَحتِ النِفاقِ وَأَجتَني
مِـنَ العَـسَـلِ المـاذِيَّ سُـمَّ الأَسـاوِدِ
وَأَصـبِـرُ مـالَم يُـحـسَـبُ الصَـبـرُ ذِلَّةً
وَأَلبَـــسُ لِلمَـــذمــومِ حُــلَّةَ حــامِــدِ
قَـليـلُ اِعـتِـذارٍ مَـن يَـبـيـتُ ذُنوبُهُ
طِـلابُ المَـعالي وَاِكتِسابُ المَحامِدِ
وَأَعــلَمُ إِن فــارَقــتُ خِــلّاً عَـرَفـتُهُ
وَحــاوَلتُ خِــلّاً أَنَّنــي غَــيـرُ واجِـدِ
وَهَـل غَـضَّ مِنّي الأَسرُ إِذ خَفَّ ناصِري
وَقَــلَّ عَـلى تِـلكَ الأُمـورِ مُـسـاعِـدي
أَلا لا يُــسَـرُّ الشـامِـتـونَ فَـإِنَّهـا
مَـــوارِدُ آبـــائي الأُلى وَمَــوارِدي
وَكَـم مِـن خَـليـلٍ حينَ جانَبتُ زاهِداً
إِلى غَــيــرِهِ عــاوَدتُهُ غَــيـرَ زاهِـدِ
وَمـا كُـلُّ أَنصاري مِنَ الناسِ ناصِري
وَلا كُـلُّ أَعـضـادِ مِـنَ الناسِ عاضِدي
وَهَل نافِعي إِن عَضَّني الدَهرُ مُفرَداً
إِذا كـانَ لي قَـومٌ طِـوالُ السَـواعِدِ
وَهَـل أَنـا مَـسـرورٌ بِـقُـربِ أَقـارِبـي
إِذا كـانَ لي مِـنهُم قُلوبُ الأَباعِدِ
أَيا جاهِداً في نَيلِ مانِلتُ مِن عُلاً
رُوَيــدَكَ إِنّــي نِـلتُهـا غَـيـرَ جـاهِـدِ
لَعَـمـرُكَ مـا طُـرقُ المَـعـالي خَـفِـيَّةٌ
وَلَكِــنَّ بَـعـضَ السَـيـرِ لَيـسَ بِـقـاصِـدِ
وَيـا سـاهِدَ العَينَينِ فيما يُريبُني
أَلا أَنَّ طَرفي في الأَذى غَيرُ ساهِدِ
غَـفَـلتُ عَـنِ الحُـسّـادِ مِـن غَيرِ غَفلَةٍ
وَبِـتُّ طَـويـلَ النَـومِ عَـن غَـيرِ راقِدِ
خَــليــلَيَّ مــا أَعــدَدتُــمــا لِمُـتَـيَّمٍ
أَسيرٍ لَدى الأَعداءِ جافي المَراقِدِ
فَــريــدٍ عَــنِ الأَحـبـابِ صَـبٍّ دُمـوعُهُ
مَـثـانٍ عَـلى الخَـدَّيـنِ غَـيـرُ فَـرائِدِ
إِذا شِـئتَ جـاهَـرتُ العَـدُوَّ وَلَم أَبِت
أُقَــلِّبُ فِـكـري فـي وُجـوهِ المَـكـائِدِ
صَـبَـرتُ عَلى اللَأواءِ صَبرَ اِبنِ حُرَّةٍ
كَـثـيرِ العِدى فيها قَليلِ المُساعِدِ
فَـطـارَدتُ حَـتّـى أَبهَرَ الجَريُ أَشقَري
وَضـارَبـتُ حَـتّـى أَوهَنَ الضَربُ ساعِدي
وَكُـنّـا نَـرى أَن لَم يُـصِب مَن تَصَرَّمَت
مَــواقِـفُهُ عَـن مِـثـلِ هَـذي الشَـدائِدِ
جَـمَـعـتُ سُـيـوفَ الهِـندِ مِن كُلِّ بَلدَةٍ
وَأَعــدَدتُ لِلهَــيــجــاءِ كُــلَّ مُـجـالِدِ
وَأَكـثَـرتُ لِلغـاراتِ بَـيـنـي وَبَينَهُم
بَـنـاتِ البُـكَـيـرِيّـاتِ حَولَ المَزاوِدِ
إِذا كــانَ غَـيـرُ اللَهِ لِلمَـرءِ عُـدَّةً
أَتَـتـهُ الرَزايا مِن وُجوهِ الفَوائِدِ
فَـقَـد جَـرَّتِ الحَـنـفـاءُ حَـتـفَ حُذَيفَةٍ
وَكـــانَ يَـــراهـــا حُـــدَّةً لِلشَــدائِدِ
وَجَـرَّت مَـنـايـا مـالِكِ اِبـنِ نُـوَيـرَةٍ
عَــقــيـلَتُهُ الحَـسـنـاءُ أَيّـامَ خـالِدِ
وَأَردى ذُؤابـاً فـي بُـيـوتِ عُـتَـيـبَـةٍ
بَــنــوهُ وَأَهــلوهُ بِـشَـدوِ القَـصـائِدِ
عَـسـى اللَهُ أَن يَأتي بِخَيرٍ فَإِنَّ لي
عَــوائِدَ مِــن نُـعـمـاهُ غَـيـرُ بَـوائِدِ
فَكَم شالَني مِن قَعرِ ظَلماءَ لَم يَكُن
لِيُـنـقِـذَنـي مِـن قَـعـرِهـا حَشدُ حاشِدِ
فَإِن عُدتُ يَوماً عادَ لِلحَربِ وَالعُلا
وَبَـذلِ النَـدى وَالجـودِ أَكـرَمُ عائِدِ
مَــريــرٌ عَـلى الأَعـداءِ لَكِـنَّ جـارَهُ
إِلى خَـصِـبِ الأَكـنـافِ عَذبِ المَوارِدِ
مُـشَهّـىً بِـأَطـرافِ النَهـارِ وَبَـيـنَهـا
لَهُ مــا تَــشَهّــى مِـن طَـريـفٍ وَتـالِدِ
مَـنَـعـتُ حِـمـى قَـومـي وَسُـدتُ عَشيرَتي
وَقَــلَّدتُ أَهــلي غُــرَّ هَـذي القَـلائِدِ
خَــلائِقُ لا يـوجَـدنَ فـي كُـلِّ مـاجِـدِ
وَلكِـنَّهـا في الماجِدِ اِبنِ الأَماجِدِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد