قصيدة لَقَد أَخَذَت مِن دارِ ماوِيَّةَ الحُقبُ للشاعر أَبو تَمّام
لَقَـد أَخَـذَت مِـن دارِ مـاوِيَّةـَ الحُـقبُ
أَنُـحـلُ المَـغـاني لِلبِلى هِيَ أَم نَهبُ
وَعَهـدي بِهـا إِذ ناقِضُ العَهدِ بَدرُها
مُـراحُ الهَـوى فـيـها وَمَسرَحُهُ الخِصبُ
مُــؤَزَّرَةً مِـن صَـنـعَـةِ الوَبـلِ وَالنَـدى
بِــوَشــيٍ وَلا وَشــيٌ وَعَـصـبٍ وَلا عَـصـبُ
تَـحَـيَّرَ فـي آرامِهـا الحُـسـنُ فَاِغتَدَت
قَـرارَةَ مَـن يُـصـبـي وَنُـجعَةَ مَن يَصبو
سَــواكِـنُ فـي بِـرٍّ كَـمـا سَـكَـنَ الدُمـى
نَـوافِـرُ مِـن سـوءٍ كَـمـا نَـفَـرَ السَربُ
كَــواعِــبُ أَتــرابٌ لِغَــيـداءَ أَصـبَـحَـت
وَلَيـسَ لَهـا في الحُسنِ شَكلٌ وَلا تِربُ
لَهـا مَـنـظَـرٌ قَـيـدُ النَواظِرِ لَم يَزَل
يَــروحُ وَيَــغــدو فـي خُـفـارَتِهِ الحُـبُّ
يَـظَـلُّ سَـراةُ القَـومِ مَـثـنـىً وَمَـوحَداً
نَــشــاوى بِــعَـيـنَـيـهـا كَـأَنَّهـُمُ شَـربُ
إِلى خــالِدٍ راحَــت بِــنــا أَرحَــبِــيَّةٌ
مَـرافِـقُهـا مِـن عَـن كَـراكِـرِهـا نُـكـبُ
جَـرى النَـجَدُ الأَحوى عَلَيها فَأَصبَحَت
مِنَ السَيرِ وُرقاً وَهيَ في نَجدِها صُهبُ
إِلى مَــــلِكٍ لَولا سِــــجـــالُ نَـــوالِهِ
لَمـا كـانَ لِلمَـعـروفِ نِـقـيٌ وَلا شُخبُ
مِنَ البيضِ مَحجوبٌ عَنِ السوءِ وَالخَنا
وَلا تَـحـجُبُ الأَنواءَ مِن كَفِّهِ الحُجبُ
مَــصــونُ المَـعـالي لا يَـزيـدُ أَذالَهُ
وَلا مَــزيَـدٌ وَلا شَـريـكٌ وَلا الصُـلبُ
وَلا مُـرَّتـا ذُهـلٍ وَلا الحِـصـنُ غـالَهُ
وَلا كَــفَّ شَــأوَيــهِ عَــلِيٌّ وَلا صَــعــبُ
وَأَشـبـاهُ بَـكـرِ المَجدِ بَكرُ بنُ وائِلٍ
وَقــاسِــطُ عَــدنــانٍ وَأَنــجَــبَهُ هِــنــبُ
مَــضَــوا وَهُــمُ أَوتـادُ نَـجـدٍ وَأَرضِهـا
يُـرَونَ عِـظـامـاً كُـلَّمـا عَـظُـمَ الخَـطـبُ
لَهُـم نَـسَـبٌ كَـالفَـجـرِ مـا فـيهِ مَسلَكٌ
خَــفِــيٌّ وَلا وادٍ عَــنــودٌ وَلا شِــعــبُ
هُـوَ الإِضـحَـيـانُ الطَـلقُ رَفَّتـ فُروعُهُ
وَطـابَ الثَـرى مِن تَحتِهِ وَزَكا التُربُ
يَــذُمُّ سَــنــيــدُ القَــومِ ضـيـقَ مَـحَـلِّهِ
عَلى العِلمِ مِنهُ أَنَّهُ الواسِعُ الرَحبُ
رَأى شَــرَفــاً مِـمَّنـ يُـريـدُ اِخـتِـلاسَهُ
بَـعـيـدَ المَـدى فـيـهِ عَلى أَهلِهِ قُربُ
فَـيـا وَشَـلَ الدُنـيا بِشَيبانَ لا تَغِض
وَيـا كَـوكَبَ الدُنيا بِشَيبانَ لا تَخبُ
فَــمـا دَبَّ إِلّا فـي بُـيـوتِهِـمُ النَـدى
وَلَم تَـربُ إِلّا فـي جُـحـورِهِـمُ الحَـربُ
أُولاكَ بَـنـو الأَحسابِ لَولا فَعالُهُم
دَرَجــنَ فَــلَم يــوجَـد لِمَـكـرُمَـةٍ عَـقـبُ
لَهُـم يَـومُ ذي قـارٍ مَـضـى وَهـوَ مُفرَدٌ
وَحـيـدٌ مِـنَ الأَشـبـاهِ لَيـسَ لَهُ صَـحـبُ
بِهِ عَـــلِمَـــت صُهـــبُ الأَعـــاجِــمِ أَنَّهُ
بِهِ أَعـرَبَـت عَـن ذاتِ أَنـفُسِها العُربُ
هُوَ المَشهَدُ الفَصلُ الَّذي ما نَجا بِهِ
لِكِـسـرى بنِ كِسرى لا سَنامٌ وَلا صُلبُ
أَقـولُ لِأَهـلِ الثَـغـرِ قَد رُئِبَ الثَأى
وَأُسـبِـغَـتِ النَـعـمـاءُ وَاِلتَأَمَ الشَعبُ
فَـسـيـحـوا بِأَطرافِ الفَضاءِ وَأَرتِعوا
قَـنـا خـالِدٍ مِـن غَـيـرِ دَربٍ لَكُم دَربُ
فَــتــىً عِــنــدَهُ خَـيـرُ الثَـوابِ وَشَـرُّهُ
وَمِنهُ الإِباءُ المِلحُ وَالكَرَمُ العَذبُ
أَشَـــمُّ شَـــريـــكِـــيٌّ يَــســيــرُ أَمــامَهُ
مَــســيـرَةَ شَهـرٍ فـي كَـتـائِبِهِ الرُعـبُ
وَلَمّــا رَأى تـوفـيـلُ رايـاتِـكَ الَّتـي
إِذا ما اِتلَأَبَّت لا يُقاوِمُها الصُلبُ
تَـوَلّى وَلَم يَـألُ الرَدى فـي اِتِّبـاعِهِ
كَــأَنَّ الرَدى فــي قَــصــدِهِ هـائِمٌ صَـبُّ
كَــأَنَّ بِــلادَ الرومِ عُــمَّتــ بِـصَـيـحَـةٍ
فَـضَـمَّت حَشاها أَو رَغا وَسطَها السَقبُ
بِـصـاغِـرَةِ القُـصـوى وَطِـمَّيـنِ وَاِقـتَرى
بِــلادَ قَــرَنــطـاووسَ وابِـلُكَ السَـكـبُ
غَـدا خـائِفـاً يَـستَنجِدُ الكُتبَ مُذعِناً
عَــلَيـكَ فَـلا رُسـلٌ ثَـنَـتـكَ وَلا كُـتـبُ
وَمـا الأَسَـدُ الضِـرغـامُ يَوماً بِعاكِسٍ
صَــريـمَـتَهُ إِن أَنَّ أَو بَـصـبَـصَ الكَـلبُ
وَمَــرَّ وَنــارُ الكَــربِ تَــلفَــحُ قَــلبَهُ
وَمـا الرَوحُ إِلّا أَن يُـخامِرَهُ الكَربُ
مَـضـى مُـدبِـراً شَـطـرَ الدَبـورِ وَنَـفسُهُ
عَــلى نَـفـسِهِ مِـن سـوءِ ظَـنٍّ بِهـا إِلبُ
جَـفـا الشَرقَ حَتّى ظَنَّ مَن كانَ جاهِلاً
بِـديـنِ النَـصـارى أَنَّ قِـبـلَتَهُ الغَربُ
رَدَدتَ أَديــمَ الديــنِ أَمـلَسَ بَـعـدَمـا
غَــــدا وَلَيـــاليـــهِ وَأَيّـــامُهُ جُـــربُ
بِــكُــلِّ فَــتــىً ضَــربٍ يُــعَــرِّضُ لِلقَـنـا
مُـحَـيّـاً مُـحَـلّىً حَـليُهُ الطَعنُ وَالضَربُ
كُـمـاةٌ إِذا تُـدعـى نَزالِ لَدى الوَغى
رَأَيـــتَهُـــمُ رَجـــلى كَـــأَنَّهـــُمُ رَكـــبُ
مِـنَ المَـطَـرِيّـيـنَ الأُلى لَيـسَ يَنجَلي
بِــغَــيــرِهِــمُ لِلدَهــرِ صَــرفٌ وَلا لَزبُ
وَمـا اِجـتُـلِيَـت بِكرٌ مِنَ الحَربِ ناهِدٌ
وَلا ثَــيِّبــٌ إِلّا وَمِـنـهُـم لَهـا خِـطـبُ
جُـعِـلتَ نِـظـامَ المَـكـرُمـاتِ فَـلَم تَدُر
رَحــى سُــؤدُدٍ إِلّا وَأَنــتَ لَهــا قُـطـبُ
إِذا اِفـتَـخَـرَت يَـومـاً رَبـيعَةُ أَقبَلَت
مُــجَــنَّبــَتَــي مَــجـدٍ وَأَنـتَ لَهـا قَـلبُ
يَــجِــفُّ الثَــرى مِــنـهـا وَتُـربُـكَ لَيِّنٌ
وَيَـنـبو بِها ماءُ الغَمامِ وَما تَنبو
بِــجــودِكَ تَـبـيَـضُّ الخُـطـوبُ إِذا دَجَـت
وَتَـرجِـعُ فـي أَلوانِهـا الحِجَجُ الشُهبُ
هُـوَ المَـركَـبُ المُـدني إِلى كُلِّ سُؤدُدٍ
وَعَـليـاءَ إِلّا أَنَّهـُ المَـركَـبُ الصَـعبُ
إِذا سَـبَـبٌ أَمـسـى كَهاماً لَدى اِمرِىءٍ
أَجـابَ رَجـائي عِـنـدَكَ السَـبَـبُ العَضبُ
وَسَــيّــارَةٍ فــي الأَرضِ لَيــسَ بِـنـازِحٍ
عَـلى وَخـدِهـا حَـزنٌ سَـحـيـقٌ وَلا سَهـبُ
تَــذُرُّ ذُرورَ الشَــمــسِ فــي كُـلِّ بَـلدَةٍ
وَتَـمـضـي جَـمـوحـاً مـا يُـرَدُّ لَها غَربُ
عَــذارى قَــوافٍ كُــنــتَ غَـيـرَ مُـدافِـعٍ
أَبـا عُـذرِهـا لا ظُـلمَ ذاكَ وَلا غَصبُ
إِذا أُنـشِـدَت فـي القَـومِ ظَلَّت كَأَنَّها
مُــسِــرَّةُ كِــبــرٍ أَو تَــداخَـلَهـا عُـجـبُ
مُــفَـصَّلـَةٌ بِـاللُؤلُؤِ المُـنـتَـقـى لَهـا
مِـنَ الشِـعرِ إِلّا أَنَّهُ اللُؤلُؤُ الرَطبُ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد