قصيدة لا يُحزِنُ اللَهُ الأَميرَ فَإِنَّني للشاعر المُتَنَبّي
لا يُـــحـــزِنُ اللَهُ الأَمــيــرَ فَــإِنَّنــي
سَـــآخُـــذُ مِـــن حـــالاتِهِ بِـــنَـــصـــيـــبِ
وَمَــن سَــرَّ أَهــلَ الأَرضِ ثُـمَّ بَـكـى أَسـىً
بَـــكـــى بِـــعُـــيـــونٍ سَـــرَّهـــا وَقُـــلوبِ
وَإِنّــي وَإِن كــانَ الدَفــيــنُ حَــبــيــبَهُ
حَــبــيــبٌ إِلى قَــلبـي حَـبـيـبُ حَـبـيـبـي
وَقَــد فــارَقَ النـاسُ الأَحِـبَّةـَ قَـبـلَنـا
وَأَعـــيـــا دَواءُ المَــوتِ كُــلَّ طَــبــيــبِ
سُـبِـقـنـا إِلى الدُنيا فَلَو عاشَ أَهلُها
مُــنِــعــنــا بِهــا مِــن جَــيــأَةٍ وَذُهــوبِ
تَـــمَـــلَّكَهـــا الآتـــي تَـــمَـــلُّكَ ســالِبٍ
وَفـــارَقَهـــا المــاضــي فِــراقَ سَــليــبِ
وَلا فَــضـلَ فـيـهـا لِلشَـجـاعَـةِ وَالنَـدى
وَصَــبــرِ الفَــتــى لَولا لِقــاءُ شَــعــوبِ
وَأَوفــى حَــيــاةِ الغــابِــريــنَ لِصـاحِـبٍ
حَــيــاةُ اِمــرِئٍ خــانَــتـهُ بَـعـدَ مَـشـيـبِ
لَأَبــقــى يَــمــاكٌ فــي حَــشـايَ صَـبـابَـةً
إِلى كُـــلِّ تُـــركِـــيِّ النِـــجــارِ جَــليــبِ
وَمـــا كُـــلُّ وَجـــهٍ أَبـــيَــضٍ بِــمُــبــارَكٍ
وَلا كُـــلُّ جَـــفـــنٍ ضَـــيِّقـــٍ بِـــنَــجــيــبِ
لَئِن ظَهَـــرَت فـــيــنــا عَــلَيــهِ كَــآبَــةٌ
لَقَـــد ظَهَـــرَت فـــي حَـــدِّ كُــلِّ قَــضــيــبِ
وَفـــي كُـــلِّ قَــوسٍ كُــلَّ يَــومِ تَــنــاضُــلٍ
وَفــــي كُــــلِّ طِـــرفٍ كُـــلَّ يَـــومِ رُكـــوبِ
يَـــعِـــزُّ عَـــلَيـــهِ أَن يُـــخِـــلَّ بِــعــادَةٍ
وَتَــدعــو لِأَمــرٍ وَهــوَ غَــيــرُ مُــجــيــبِ
وَكُـــنـــتُ إِذا أَبـــصَـــرتُهُ لَكَ قــائِمــاً
نَـــظَـــرتُ إِلى ذي لِبـــدَتَـــيـــنِ أَديـــبِ
فَــإِن يَــكُــنِ العِـلقَ النَـفـيـسَ فَـقَـدتَهُ
فَــــمِـــن كَـــفِّ مِـــتـــلافٍ أَغَـــرَّ وَهـــوبِ
كَـــأَنَّ الرَدى عـــادٍ عَــلى كُــلِّ مــاجِــدٍ
إِذا لَم يُـــعَـــوِّذ مَـــجـــدَهُ بِـــعُـــيــوبِ
وَلَولا أَيادي الدَهرِ في الجَمعِ بَينَنا
غَــفَــلنــا فَــلَم نَــشــعُــر لَهُ بِــذُنــوبِ
وَلِلتَــركُ لِلإِحــســانِ خَــيــرٌ لِمُــحــسِــنٍ
إِذا جَــعَــلَ الإِحــســانَ غَــيــرَ رَبــيــبِ
وَإِنَّ الَّذي أَمـــسَـــت نِـــزارٌ عَـــبــيــدَهُ
غَـــنِـــيٌّ عَـــنِ اِســـتِــعــبــادِهِ لِغَــريــبِ
كَــفــى بِــصَــفــاءِ الوَدِّ رِقّــاً لِمِــثــلِهِ
وَبِــالقُــربِ مِــنــهُ مَــفــخَــراً لِلَبــيــبِ
فَـــعُـــوِّضَ سَـــيـــفُ الدَولَةِ الأَجــرُ إِنَّهُ
أَجَـــلُّ مُـــثـــابٍ مِـــن أَجَـــلِّ مُـــثـــيـــبِ
فَـتـى الخَـيـلِ قَـد بَـلَّ النَجيعُ نَحورَها
يُــطــاعِــنُ فــي ضَــنـكِ المُـقـامِ عَـصـيـبِ
يَــعــافُ خِــيــامَ الرَيــطِ فــي غَــزَواتِهِ
فَـــمـــا خَـــيـــمُهُ إِلّا غُـــبـــارُ حُــروبِ
عَـلَيـنـا لَكَ الإِسـعـادُ إِن كـانَ نافِعاً
بِــــشَــــقِّ قُــــلوبٍ لا بِـــشَـــقِّ جُـــيـــوبِ
فَـــرُبَّ كَـــئيــبٍ لَيــسَ تَــنــدى جُــفــونُهُ
وَرُبَّ كَـــثـــيــرِ الدَمــعِ غَــيــرُ كَــئيــبِ
تَــسَــلَّ بِــفِــكــرٍ فــي أَبــيــكَ فَــإِنَّمــا
بَــكَــيــتَ فَــكــانَ الضِـحـكُ بَـعـدَ قَـريـبِ
إِذا اِسـتَـقـبَـلَت نَـفـسُ الكَريمِ مُصابَها
بِــخُــبــثٍ ثَــنَــت فَـاِسـتَـدبَـرَتـهُ بِـطـيـبِ
وَلِلواجِـــدِ المَـــكـــروبِ مِـــن زَفَــراتِهِ
سُــــكــــونُ عَـــزاءٍ أَو سُـــكـــونُ لُغـــوبِ
وَكَــم لَكَ جَــدّاً لَم تَــرَ العَــيـنُ وَجـهَهُ
فَـــلَم تَـــجـــرِ فـــي آثـــارِهِ بِـــغُــروبِ
فَــدَتــكَ نُــفــوسُ الحــاسِــديــنَ فَـإِنَّهـا
مُـــعَـــذَّبَـــةٌ فـــي حَـــضـــرَةٍ وَمَـــغـــيــبِ
وَفـي تَـعَـبٍ مَـن يَـحـسُـدُ الشَـمـسَ نـورَها
وَيَــجــهَــدُ أَن يَــأتــي لَهــا بِــضَــريــبِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد