قصيدة كُشِفَ الغِطاءُ فَأَوقِدي أَو أَخمِدي للشاعر أَبو تَمّام
كُـشِـفَ الغِـطـاءُ فَـأَوقِـدي أَو أَخـمِـدي
لَم تَـكـمَـدي فَـظَـنَـنـتِ أَن لَم يَـكـمَـدِ
يَــكــفــيــكَهُ شَــوقٌ يُــطــيــلُ ظَـمـاءَهُ
فَــإِذا سَــقــاهُ سَــقــاهُ سَـمَّ الأَسـوَدِ
عَـــــذَلَت غُـــــروبُ دُمــــوعِهِ عُــــذّالَهُ
بِــــسَـــواكِـــبٍ فَـــنَّدنَ كُـــلَّ مُـــفَـــنِّدِ
أَتَتِ النَوى دونَ الهَوى فَأَتى الأَسى
دونَ الأُســـى بِـــحَــرارَةٍ لَم تَــبــرُدِ
جــارى إِلَيــهِ البَــيـنُ وَصـلَ خَـريـدَةٍ
مـاشَـت إِلَيـهِ المَـطـلَ مَـشـيَ الأَكـبَدِ
عَــبِــثَ الفِــراقُ بِــدَمــعِهِ وَبِــقَــلبِهِ
عَـبَـثـاً يَـروحُ الجِـدُّ فـيـهِ وَيَـغـتَـدي
يــا يَــومَ شَــرَّدَ يَــومَ لَهــوي لَهــوُهُ
بِـــصَـــبــابَــتــي وَأَذَلَّ عِــزَّ تَــجَــلُّدي
مـا كـانَ أَحـسَـنَ لَو غَـبَـرتَ فَلَم نَقُل
مـا كـانَ أَقـبَـحَ يَـومَ بُـرقَـةِ مُـنـشِـدِ
يَــومٌ أَفــاضَ جَــوىً أَغــاضَ تَــعَــزِّيــاً
خـاضَ الهَـوى بَـحـرَي حِـجـاهُ المُـزبِـدِ
عَطَفوا الخُدورَ عَلى البُدورِ وَوَكَّلوا
ظُــلَمَ السُــتــورِ بِــحــورِ عــيــنٍ نُهَّدِ
وَثَـنَـوا عَـلى وَشـيِ الخُـدودِ صِـيـانَـةً
وَشـــيَ البُـــرودِ بِــمُــســجَــفٍ وَمُــمَهَّدِ
أَهــلاً وَسَهــلاً بِــالإِمـامِ وَمَـرحَـبـاً
سَهُـــلَت حُـــزونَـــةُ كُـــلِّ أَمــرٍ قَــردَدِ
غَــلَّ المَــرَوراةَ الصَــحــاصِــحَ عَــزمُهُ
بِـالعـيـسِ إِن قَـصَـدَت وَإِن لَم تَـقـصِـدِ
مُــتَــجَــرِّدٌ ثَــبــتُ المَــواطِـىءِ حَـزمُهُ
مُـــتَـــجَـــرِّدٌ لِلحـــادِثِ المُـــتَـــجَــرِّدِ
فَـاِنـتـاشَ مِـصـرَ مِـنَ اللُتَـيّـا وَالَّتي
بِـــتَـــجـــاوُزٍ وَتَـــعَـــطُّفـــٍ وَتَـــغَـــمُّدِ
فــي دَولَةٍ لَحَــظَ الزَمــانُ شُــعـاعَهـا
فَــاِرتَــدَّ مُــنـقَـلِبـاً بِـعَـيـنَـي أَرمَـدِ
مَــن كــانَ مَــولِدُهُ تَــقَــدَّمَ قَــبـلَهـا
أَو بَـــعـــدَهــا فَــكَــأَنَّهــُ لَم يــولَدِ
اللَهُ يَـــشـــهَــدُ أَنَّ هَــديَــكَ لِلرِضــا
فــيــنـا وَيَـلعَـنُ كُـلَّ مَـن لَم يَـشـهَـدِ
أَوَلِيَّ أُمَّةـــِ أَحـــمَـــدٍ مـــا أَحـــمَـــدٌ
بِــمُــضــيــعِ مــا أَولَيـتَ أُمَّةـَ أَحـمَـدِ
أَمّـا الهُـدى فَـقَـدِ اِقـتَـدَحـتَ بِـزَندِهِ
فـي العـالَمـيـنَ فَـوَيـلُ مَن لَم يَهتَدِ
نَــحـنُ الفِـداءُ مِـنَ الرَدى لِخَـليـفَـةٍ
بِـرِضـاهُ مِـن سُـخـطِ اللَيـالي نَـفـتَدي
مَــلِكٌ إِذا مــا ذيــقَ مُـرُّ المُـبـتَـلي
عِـنـدَ الكَـريـهَـةِ عَـذبُ مـاءِ المَـحتِدِ
هَـدَمَـت مَـسـاعـيـهِ المَـسـاعي وَاِبتَنَت
خِـطَـطَ المَـكـارِمِ فـي عِـراضِ الفَـرقَـدِ
سَــبَــقَـت خُـطـا الأَيّـامُ عُـمـرَيّـاتُهـا
وَمَــضَــت فَــصــارَت مُـسـنَـداً لِلمُـسـنَـدِ
مــازالَ يَــمـتَـحِـنُ العُـلى وَيَـروضُهـا
حَــتّــى اِتَّقـَتـهُ بِـكـيـمِـيـاءِ السُـؤدُدِ
وَكَــأَنَّمــا ظَــفِــرَت يَــداهُ بِــالمُـنـى
أَســراً إِذا طَــفِـرَت يَـداهُ بِـمُـجـتَـدي
سَــخِــطَــت لَهــاهُ عَــلى جَـداهُ سَـخـطَـةً
فَـاِسـتَـرفَـدَت أَقـصـى رِضـا المُـستَرفِدِ
صَــدَمَــت مَــواهِــبُهُ النَــوائِبَ صَـدمَـةً
شَـغَـبَـت عَـلى شَـغَـبِ الزَمـانِ الأَنـكَدِ
وَطِــئَت حُــزونَ الأَرضِ حَــتّــى خِـلتَهـا
فَـجَـرَت عُـيـونـاً فـي مُـتـونِ الجَـلمَـدِ
وَأَرى الأُمــورَ المُـشـكِـلاتِ تَـمَـزَّقَـت
ظُــلُمــاتُهــا عَــن رَأيِــكَ المُــتَــوَقِّدِ
عَــن مِــثــلِ نَــصــلِ السَـيـفِ إِلّا أَنَّهُ
مُـــذ سُـــلَّ أَوَّلَ سَـــلَّةٍ لَم يُـــغـــمَـــدِ
فَــبَــسَــطــتَ أَزهَــرَهــا بِــوَجـهٍ أَزهَـرٍ
وَقَــبَــضــتَ أَربَــدَهــا بِــوَجــهٍ أَربَــدِ
مـازِلتَ تَـرغَـبُ فـي العُـلى حَـتّى بَدَت
لِلراغِــبــيــنَ زَهــادَةٌ فـي العَـسـجَـدِ
لَو يَعلَمُ العافونَ كَم لَكَ في النَدى
مِـــن لَذَّةٍ وَقَـــريـــحَـــةٍ لَم تُــحــمَــدِ
وَكَـــأَنَّمـــا نـــافَـــســتَ قَــدرَكَ حَــظَّهُ
وَحَـسَـدتَ نَـفـسَـكَ حـيـنَ أَن لَم تُـحـسَـدِ
فَـإِذا بَـنَـيـتَ بِـجـودِ يَـومِـكَ مَـفـخَراً
عَــصَــفَــت بِهِ أَرواحُ جــودِكَ فــي غَــدِ
وَبَــلَغــتَ مَــجــهــودَ الخَـلائِقِ آخِـذاً
فــيــهــا بِــشَــأوِ خَـلائِقٍ لَم تُـجـهَـدِ
فَــلَوَيـتَ بِـالمَـوعـودِ أَعـنـاقَ الوَرى
وَحَــطَـمـتَ بِـالإِنـجـازِ ظَهـرَ المَـوعِـدِ
خــابَ اِمــرُؤٌ نَـحِـسَ الزَمـانُ بِـسَـعـيِهِ
فَــأَقـامَ عَـنـكَ وَأَنـتَ سَـعـدُ الأَسـعَـدِ
ذاكَ الَّذي قَــرِحَــت بُــطــونُ جُــفــونِهِ
مَــرَهــاً وَتُــربَــةُ أَرضِهِ مِــن إِثــمِــدِ
هَـــذا أَمـــيـــنَ اللَهِ آخِـــرُ مَــصــدَرٍ
شَـــجِـــيَ الظَـــمـــاءُ بِهِ وَأَوَّلُ مَــورِدِ
وَوَســيــلَتــي فــيـهـا إِلَيـكَ طَـريـفَـةٌ
شـــامٍ يَـــديـــنُ بِـــحُـــبِّ آلِ مُـــحَــمَّدِ
نـــيـــطَــت قَــلائِدُ عَــزمِهِ بِــمُــحَــبِّرٍ
مُــتَــكَــوِّفٍ مُــتَــدَمــشِــقٍ مُــتَــبَــغــدِدِ
حَــتّــى لَقَــد ظَــنَّ الغُــواةُ وَبــاطِــلٌ
أَن قَـــد تَـــجَــسّــمَ فِــيَّ روحُ السَــيِّدِ
وَمُـــزَحـــزَحــاتــي عَــن ذَراكِ عَــوائِقٌ
أَصــحَــرنَ بـي لِلعَـنـقَـفـيـرِ المُـؤيِـدِ
وَمَـتـى يُـخَـيِّمـ فـي اللِقـاءِ عَـناؤُها
فَـعَـنـاؤُهـا يَطوي المَراحِلَ في اليَدِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد