Blog Image

قصيدة قَدكَ اِتَّئِب أَربَيتَ في الغُلواءِ للشاعر أَبو تَمّام


قَـدكَ اِتَّئـِب أَربَـيـتَ في الغُلواءِ

كَــم تَــعــذِلونَ وَأَنـتُـمُ سُـجَـرائي


لا تَـسـقِـنـي ماءَ المُلامِ فَإِنَّني

صَـبٌّ قَـدِ اِسـتَـعـذَبـتُ مـاءَ بُـكائي


وَمُــعَــرَّسٍ لِلغَــيـثِ تَـخـفِـقُ بَـيـنَهُ

رايـــاتُ كُـــلِّ دُجُـــنَّةـــٍ وَطــفــاءِ


نَــشَــرَت حَــدائِقَهُ فَـصِـرنَ مَـآلِفـاً

لِطَـــرائِفِ الأَنـــواءِ وَالأَنــداءِ


فَـسَـقاهُ مِسكَ الطَلِّ كافورُ الصَبا

وَاِنــحَــلَّ فــيـهِ خَـيـطُ كُـلِّ سَـمـاءِ


عُـنِـيَ الرَبـيـعُ بِـرَوضِهِ فَـكَـأَنَّمـا

أَهـدى إِلَيـهِ الوَشـيَ مِـن صَـنـعاءِ


صَــبَّحــتُهُ بِــسُــلافَــةٍ صَــبَّحــتُهــا

بِــسُـلافَـةِ الخُـلَطـاءِ وَالنُـدَمـاءِ


بِـمُـدامَـةٍ تَـغدو المُنى لِكُؤوسِها

خَــوَلاً عَــلى السَــرّاءِ وَالضَــرّاءِ


راحٌ إِذا مـا الراحُ كُـنَّ مَـطِـيَّها

كانَت مَطايا الشَوقِ في الأَحشاءِ


عِــنَــبِــيَّةـٌ ذَهَـبِـيَّةـٌ سَـكَـبَـت لَهـا

ذَهَـبَ المَـعـانـي صـاغَـةُ الشُعَراءِ


أَكَـلَ الزَمـانُ لِطولِ مُكثِ بَقائِها

مـا كـانَ خـامَـرَهـا مِـنَ الأَقذاءِ


صَـعُـبَـت وَراضَ المَـزجُ سَيِّءَ خُلقِها

فَـتَـعَـلَّمَـت مِـن حُـسـنِ خُـلقِ الماءِ


خَـرقـاءُ يَـلعَـبُ بِالعُقولِ حَبابُها

كَــتَــلَعُّبـِ الأَفـعـالِ بِـالأَسـمـاءِ


وَضَــعـيـفَـةٌ فَـإِذا أَصـابَـت فُـرصَـةً

قَــتَــلَت كَــذَلِكَ قُـدرَةُ الضُـعَـفـاءِ


جَهــمِــيَّةــُ الأَوصــافِ إِلّا أَنَّهــُم

قَــد لَقَّبــوهــا جَـوهَـرَ الأَشـيـاءِ


وَكَـأَنَّ بَهـجَـتَهـا وَبَهـجَـةَ كَـأسِهـا

نــــارٌ وَنـــورٌ قُـــيِّدا بِـــوِعـــاءِ


أَو دُرَّةٌ بَــيــضـاءُ بِـكـرٌ أُطـبِـقَـت

حَــمَــلاً عَــلى يــاقـوتَـةٍ حَـمـراءِ


وَمَـسـافَـةً كَـمَسافَةِ الهَجرِ اِرتَقى

فـي صَـدرِ بـاقـي الحُبِّ وَالبُرَحاءِ


بـيـدٌ لِنَـسـلِ العيدِ في أُملودِها

مـا اِرتـيـدَ مِـن عيدٍ وَمِن عُدَواءِ


مَـزَّقـتُ ثَـوبَ عُـكـوبِهـا بِـرُكـوبِها

وَالنـارُ تَـنبُعُ مِن حَصى المَعزاءِ


وَإِلى اِبـنِ حَـسّانَ اِعتَدَت بي هِمَّةٌ

وَقَــفَــت عَــلَيــهِ خِــلَّتـي وَإِخـائي


لَمّــا رَأَيـتُـكَ قَـد غَـذَوتَ مَـوَدَّتـي

بِـالبِـشـرِ وَاِسـتَحسَنتَ وَجهَ ثَنائي


أَنـبَـطـتُ فـي قَلبي لِوَأيِكَ مَشرَعاً

ظَـلَّت تَـحـومُ عَـلَيـهِ طَـيـرُ رَجـائي


فَـثَـوَيـتُ جـاراً لِلحَـضـيـضِ وَهِـمَّتي

قَــد طُــوِّقَــت بِـكَـواكِـبِ الجَـوزاءِ


إيـهِ فَـدَتـكَ مَـغـارِسـي وَمَـنـابِتي

إِطـرَح غَـنـاءَكَ فـي بُـحـورِ عَنائي


يَــسِّر لِقَــولِكَ مَهــرَ فِــعــلِكَ إِنَّهُ

يَـنـوي اِفـتِـضـاضَ صَـنـيـعَةٍ عَذراءِ


وَإِلى مُـحَـمَّدٍ اِبـتَـعَـثـتُ قَـصـائِدي

وَرَفَــعــتُ لِلمُـسـتَـنـشِـديـنَ لِوائي


وَإِذا تَـشـاجَـرَتِ الخُـطوبُ قَرَيتَها

جَــدَلاً يَــفُــلُّ مَــضـارِبَ الأَعـداءِ


يا غايَةَ الأُدَباءِ وَالظُرَفاءِ بَل

يــا سَـيِّدَ الشُـعَـراءِ وَالخُـطَـبـاءِ


يَـحـيَ بـنِ ثـابِتٍ الَّذي سَنَّ النَدى

وَحَـوى المَـكـارِمَ مِـن حَياً وَحَياءِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد