Blog Image

قصيدة فِداً لَكَ مَن يُقَصِّرُ عَن مَداكا للشاعر المُتَنَبّي


فِـداً لَكَ مَـن يُـقَـصِّرُ عَـن مَـداكا

فَـــلا مَـــلِكٌ إِذَن إِلّا فَــداكــا


وَلَو قُـلنـا فِـداً لَكَ مَـن يُساوي

دَعَـونـا بِـالبَـقـاءِ لِمَـن قَلاكا


وَآمَـــنّـــا فِـــداءَكَ كُـــلَّ نَــفــسٍ

وَإِن كــانَــت لِمَــمـلَكَـةٍ مِـلاكـا


وَمَــن يَــظَّنــُّ نَـثـرَ الحَـبِّ جـوداً

وَيَـنـصِـبُ تَـحتَ ما نَثَرَ الشِباكا


وَمَــن بَــلَغَ الحَـضـيـضَ بِهِ كَـراهُ

وَقَـد بَـلَغَت بِهِ الحالُ السُكاكا


فَــلَو كــانَـت قُـلوبُهُـمُ صَـديـقـاً

لَقَــد كـانَـت خَـلائِقُهُـم عِـداكـا


لِأَنَّكــَ مُـبـغِـضٌ حَـسَـبـاً نَـحـيـفـا

إِذا أَبــصَــرتَ دُنــيـاهُ ضِـنـاكـا


أَروحُ وَقَـد خَـتَـمـتُ عَـلى فُـؤادي

بِــحُــبِّكــَ أَن يَــحِــلَّ بِهِ سِـواكـا


وَقَــد حَـمَّلـتَـنـي شُـكـراً طَـويـلاً

ثَــقـيـلاً لا أُطـيـقُ بِهِ حَـراكـا


أُحـاذِرُ أَن يَـشُـقَّ عَـلى المَطايا

فَـلا تَـمـشـي بِـنـا إِلّا سِـواكـا


لَعَــلَّ اللَهُ يَــجــعَــلُهُ رَحــيــلاً

يُـعـينُ عَلى الإِقامَةِ في ذَراكا


فَـلَو أَنّـي اِسـتَـطَعتُ خَفَضتُ طَرفي

فَــلَم أُبــصِــر بِهِ حَــتّـى أَراكـا


وَكَـيـفَ الصَـبـرُ عَنكَ وَقَد كَفاني

نَـداكَ المُـسـتَـفـيـضُ وَما كَفاكا


أَتَـتـرُكُـنـي وَعَـيـنُ الشَمسِ نَعلي

فَـتَـقـطَـعَ مِشيَتي فيها الشِراكا


أَرى أَسَـفـي وَمـا سِـرنـا شَـديداً

فَكَيفَ إِذا غَدا السَيرُ اِبتِراكا


وَهَـذا الشَـوقُ قَـبـلَ البَينِ سَيفٌ

وَهـا أَنـا ما ضُرِبتُ وَقَد أَحاكا


إِذا التَـوديـعُ أَعرَضَ قالَ قَلبي

عَـلَيـكَ الصَـمـتُ لا صاحَبتَ فاكا


وَلَولا أَنَّ أَكــثَــرَ مــا تَــمَـنّـى

مُــعــاوَدَةٌ لَقُــلتُ وَلا مُــنـاكـا


قَـدِ اِسـتَـشـفَـيـتَ مِـن داءٍ بِـداءٍ

وَأَقـتَـلُ مـا أَعَـلَّكَ مـا شَـفـاكـا


فَـأَسـتُـرُ مِـنـكَ نَـجـوانـا وَأَخفي

هُـمـوماً قَد أَطَلتُ لَها العِراكا


إِذا عــاصَـيـتُهـا كـانَـت شِـداداً

وَإِن طــاوَعـتُهـا كـانَـت رِكـاكـا


وَكَــم دونَ الثَــوِيَّةـِ مِـن حَـزيـنٍ

يَــقــولُ لَهُ قُـدومـي ذا بِـذاكـا


وَمِـن عَـذبِ الرُضـابِ إِذا أَنَـخنا

يُــقَــبِّلـُ رَحـلَ تُـروَكَ وَالوِراكـا


يُـحَـرِّمُ أَن يَـمَـسَّ الطـيـبَ بَـعـدي

وَقَـد عَـبِـقَ العَـبـيـرُ بِهِ وَصاكا


وَيَــمــنَــعُ ثَــغــرَهُ مِــن كُـلِّ صَـبٍّ

وَيَـمـنَـحُهُ البَـشـامَـةَ وَالأَراكا


يُــحَـدِّثُ مُـقـلَتَـيـهِ النَـومُ عَـنّـي

فَـلَيـتَ النَـومَ حَـدَّثَ عَـن نَـداكا


وَأَنَّ البُــخــتَ لا يُــعـرِقـنَ إِلّا

وَقَـد أَنـضى العُذافِرَةَ اللِكاكا


وَمــا أَرضــى لِمُــقــلَتِهِ بِــحُــلمٍ

إِذا اِنـتَـبَهَـت تَـوَهَّمَهُ اِبتِشاكا


وَلا إِلّا بِــأَن يُــصـغـي وَأَحـكـي

فَــلَيــتَــكَ لا يُــتَـيِّمـُهُ هَـواكـا


وَكَـم طَـرِبِ المَـسـامِعِ لَيسَ يَدري

أَيَـعـجَـبُ مِـن ثَـنـائي أَم عُلاكا


وَذاكَ النَـشـرُ عِـرضُـكَ كانَ مِسكاً

وَذاكَ الشِـعـرُ فِهـري وَالمَـداكا


فَـلا تَـحـمَـدهُـمـا وَاِحمَد هُماماً

إِذا لَم يُــسـمِ حـامِـدُهُ عَـنـاكـا


أَغَــرَّ لَهُ شَــمــائِلُ مِــن أَبــيــهِ

غَـداً يَـلقـى بَـنـوكَ بِهـا أَباكا


وَفــي الأَحــبـابِ مُـخـتَـصٌّ بِـوَجـدٍ

وَآخَــرُ يَــدَّعــي مَـعَهُ اِشـتِـراكـا


إِذا اِشـتَـبَهَـت دُمـوعٌ فـي خُـدودٍ

تَـبَـيَّنـَ مَـن بَـكـى مِـمَّنـ تَـبـاكى


أَذَمَّتــ مَــكــرُمــاتُ أَبــي شُـجـاعٍ

لِعَـيـنِـيَ مِـن نَـوايَ عَـلى أُلاكا


فَـزُل يـا بُـعـدُ عَـن أَيـدي رِكابٍ

لَهـا وَقـعُ الأَسِـنَّةـِ فـي حَـشاكا


وَأَيّـا شِـئتِ يـا طُـرُقـي فَـكـونـي

أَذاةً أَو نَـــجـــاةً أَو هَــلاكــا


فَـلَو سِـرنـا وَفـي تَـشـريـنَ خَـمسٌ

رَأَونـي قَـبلَ أَن يَروا السِماكا


يُــشَــرِّدُ يُــمــنُ فَـنّـاخُـسـرَ عَـنّـي

قَنا الأَعداءِ وَالطَعنِ الدِراكا


وَأَلبَــسُ مِـن رِضـاهُ فـي طَـريـقـي

سِـلاحـاً يَـذعَـرُ الأَبـطـالَ شاكا


وَمَـن أَعـتاضُ عَنكَ إِذا اِفتَرَقنا

وَكُــلُّ النــاسِ زورٌ مــا خَـلاكـا


وَمـا أَنـا غَـيـرُ سَهـمٍ فـي هَواءٍ

يَـعـودُ وَلَم يَـجِـد فيهِ اِمتِساكا


حَــيِــيٌ مِــن إِلَهــي أَن يَــرانــي

وَقَـد فـارَقـتُ دارَكَ وَاِصـطَـفـاكا


شاركنا بتعليق وشرح مفيد