Blog Image

قصيدة غَدا المُلكُ مَعمورَ الحِمى وَالمَنازِلِ للشاعر أَبو تَمّام


غَدا المُلكُ مَعمورَ الحِمى وَالمَنازِلِ

مُــنَـوِّرَ وَحـفِ الرَوضِ عَـذبَ المَـنـاهِـلِ


بِــمُــعــتَــصِــمٍ بِــاللَهِ أَصـبَـحَ مَـلجَـأً

وَمُــعــتَــصَــمــاً حِــرزاً لِكُــلِّ مُــوائِلِ


لَقَــد أَلبَـسَ اللَهُ الإِمـامَ فَـضـائِلاً

وَتـابَـعَ فـيـهـا بِـاللُهـى وَالفَـواضِلِ


فَــأَضــحَــت عَــطــايــاهُ نَـوازِعَ شُـرَّداً

تُــسـائِلُ فـي الآفـاقِ عَـن كُـلِّ سـائِلِ


مَــواهِــبُ جُــدنَ الأَرضَ حَـتّـى كَـأَنَّمـا

أَخَــذنَ بِــآدابِ السَــحــابِ الهَـواطِـلِ


إِذا كــانَ فَــخــراً لِلمُــمَــدَّحِ وَصــفُهُ

بِــيَـومِ عِـقـابٍ أَو نَـدىً مِـنـهُ هـامِـلِ


فَـكَـم لَحـظَـةٍ أَهـدَيـتَهـا لِاِبـنِ نَكبَةٍ

فَــأَصــبَــحَ مِـنـهـا ذا عِـقـابٍ وَنـائِلِ


شَهِــدتُ أَمــيــرَ المُــؤمِـنـيـنَ شَهـادَةً

كَـثـيـرٌ ذَوو تَـصـديـقِها في المَحافِلِ


لَقَـد لَبِـسَ الأَفـشـيـنُ قَـسطَلَةَ الوَغى

مِـحَـشّـاً بِـنَـصـلِ السَـيـفِ غَـيـرَ مُواكِلِ


وَسـارَت بِهِ بَـيـنَ القَـنـابِـلِ وَالقَنا

عَـزائِمُ كـانَـت كَـالقَـنـا وَالقَـنـابِلِ


وَجَـــرَّدَ مِـــن آرائِهِ حــيــنَ أُضــرِمَــت

بِهِ الحَـربُ حَـدّاً مِـثـلَ حَـدِّ المَـناصِلِ


رَأى بـابَـكٌ مِـنـهُ الَّتي لا شَوى لَها

فَـتُـرجـى سِـوى نَزعِ الشَوى وَالمَفاصِلِ


تَــراهُ إِلى الهَــيــجــاءِ أَوَّلَ راكِــبٍ

وَتَــحــتَ صَــبــيــرِ المَـوتِ أَوَّلَ نـازِلِ


تَـسَـربَـلَ سِـربالاً مِنَ الصَبرِ وَاِرتَدى

عَـلَيـهِ بـعَـضـبٍ فـي الكَـريـهَـةِ قـاصِلِ


وَقَــد ظُــلِّلَت عِـقـبـانُ أَعـلامِهِ ضُـحـىً

بِـعِـقـبـانِ طَـيـرٍ فـي الدِمـاءِ نَواهِلِ


أَقـامَـت مَـعَ الرايـاتِ حَـتّـى كَـأَنَّهـا

مِــنَ الجَـيـشِ إِلّا أَنَّهـا لَم تُـقـاتِـلِ


فَــلَمّــا رَآهُ الخُــرَّمِــيّــونَ وَالقَـنـا

بِــوَبــلٍ أَعــاليـهِ مُـغـيـثَ الأَسـافِـلِ


رَأَوا مِـنـهُ لَيـثـاً فَاِبذَعَرَّت حُماتُهُم

وَقَـد حَـكَـمَـت فـيـهِ حُـمـاةُ العَـوامِـلِ


عَــشِــيَّةـَ صَـدَّ البـابَـكِـيُّ عَـنِ القَـنـا

صُـدودَ المُـقـالي لا صُـدودَ المُجامِلِ


تَـحَـدَّرَ مِـن لِهـبَـيـهِ يَـرجـو غَـنـيـمَـةً

بِـسـاحَـةِ لا الوانـي وَلا المُتَخاذِلِ


فَــكـانَ كَـشـاةِ الرَمـلِ قَـيَّضـَهُ الرَدى

لِقــانِـصِهِ مِـن قَـبـلِ نَـصـبِ الحَـبـائِلِ


وَفـي سَـنَـةٍ قَـد أَنـفَـدَ الدَهرُ عُظمَها

فَـلَم يُـرجَ مِـنـهـا مُـفـرَجٌ دونَ قـابِلِ


فَــكـانَـت كَـنـابٍ شـارِفِ السِـنِّ طَـرَّقَـت

بِــسَــقـبٍ وَكـانَـت فـي مَـخـيـلَةِ حـائِلِ


وَعـاذَ بِـإِطـرافِ المَـعـاقِـلِ مُـعـصِـمـاً

وَأُنــسِــيَ أَنَّ اللَهَ فَــوقَ المَــعـاقِـلِ


فَـوَلّى وَمـا أَبـقـى الرَدى مِن حُماتِهِ

لَهُ غَــيــرَ أَســآرِ الرِمـاحِ الذَوابِـلِ


أَمــا وَأَبــيـهِ وَهـوَ مَـن لا أَبـا لَهُ

يُـعَـدُّ لَقَـد أَمـسـى مُـضـيـءَ المَـقـاتِلِ


فُــتـوحُ أَمـيـرِ المُـؤمِـنـيـنَ تَـفَـتَّحـَت

لَهُــنَّ أَزاهــيــرُ الرُبــا وَالخَـمـائِلِ


وَعـاداتُ نَـصـرٍ لَم تَـزَل تَـسـتَـعـيدُها

عِــصــابَــةُ حَــقٍّ فــي عِــصـابَـةِ بـاطِـلِ


وَمـا هُـوَ إِلّا الوَحـيُ أَو حَـدُّ مُـرهَـفٍ

تُــمــيــلُ ظُــبــاهُ أَخـدَعَـي كُـلِّ مـائِلِ


فَهَــذا دَواءُ الداءِ مِــن كُــلِّ عــالِمٍ

وَهَــذا دَواءُ الداءِ مِــن كُــلِّ جـاهِـلِ


فَــيَـأَيُّهـا النُـوّامُ عَـن رَيِّقـِ الهُـدى

وَقَـد جـادَكُـم مِـن ديـمَـةٍ بَـعـدَ وابِلِ


هُوَ الحَقُّ إِن تَستَيقِظوا فيهِ تَغنَموا

وَإِن تَـغـفُـلوا فَـالسَـيـفُ لَيسَ بِغافِلِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد