Blog Image

قصيدة سَقى عَهدَ الحِمى سَبَلُ العِهادِ للشاعر أَبو تَمّام


سَـقـى عَهـدَ الحِـمى سَبَلُ العِهادِ

وَرَوَّضَ حــــاضِـــرٌ مِـــنـــهُ وَبـــادِ


نَــزَحــتُ بِهِ رَكِــيَّ العَــيـنِ لَمّـا

رَأَيـتُ الدَمـعَ مِـن خَـيرِ العَتادِ


فَـيـا حُـسـنَ الرُسـومِ وَمـا تَمَشّى

إِلَيـهـا الدَهرُ في صُوَرِ البُعادِ


وَإِذ طَـيـرُ الحَـوادِثِ فـي رُباها

سَــواكِــنُ وَهــيَ غَــنّـاءُ المَـرادِ


مَــذاكــي حَــلبَــةٍ وَشُــروبُ دَجــنٍ

وَســامِــرُ فِــتــيَــةٍ وَقُـدورُ صـادِ


وَأَعــيُــنُ رَبــرَبٍ كُــحِـلَت بِـسِـحـرٍ

وَأَجــســادٌ تُــضَــمَّخــُ بِــالجَـسـادِ


بِـــزُهـــرٍ وَالحُـــذاقِ وَآلِ بُـــردٍ

وَرَت فــي كُــلِّ صــالِحَــةٍ زِنــادي


وَإِن يَـكُ مِـن بَـنـي أُدَدٍ جَـنـاحي

فَــإِنَّ أَثــيــثَ ريـشـي مِـن إِيـادِ


غَـــدَوتُ بِهِـــم أَمَـــدَّ ذَوِيَّ ظِـــلّاً

وَأَكــثَــرَ مَــن وَرائي مــاءَ وادِ


هُـمُ عُـظـمـى الأَثـافـي مِن نِزارٍ

وَأَهـلُ الهَـضـبِ مِـنـهـا وَالنِجادِ


مُــعَــرَّسُ كُــلِّ مُــعــضِــلَةٍ وَخَــطــبٍ

وَمَـــنـــبِــتُ كُــلِّ مَــكــرُمَــةٍ وَآدِ


إِذا حُـدُثُ القَـبـائِلِ سـاجَـلوهُـم

فَــإِنَّهــُمُ بَـنـو الدَهـرِ التِـلادِ


تُــفَـرَّجُ عَـنـهُـمُ الغَـمَـراتُ بـيـضٌ

جِــلادٌ تَــحــتَ قَـسـطَـلَةِ الجِـلادِ


وَحَــشـوُ حَـوادِثِ الأَيّـامِ مِـنـهُـم

مَــعــاقِــلُ مُــطـرَدٍ وَبَـنـو طِـرادِ


لَهُم جَهلُ السِباعِ إِذا المَنايا

تَـمَـشَّتـ فـي القَـنـا وَحُلومُ عادِ


لَقَــد أَنــسَــت مَـسـاوِئَ كُـلِّ دَهـرٍ

مَــحـاسِـنُ أَحـمَـدَ بـنِ أَبـي دُوادِ


مَـتـى تَـحـلُل بِهِ تَـحـلُل جَـنـاباً

رَضــيــعــاً لِلسَـواري وَالغَـوادي


تُــرَشَّحــُ نِــعــمَـةُ الأَيّـامِ فـيـهِ

وَتُــقـسَـمُ فـيـهِ أَرزاقُ العِـبـادِ


وَمـا اِشـتَبَهَت طَريقُ المَجدِ إِلّا

هَــداكَ لِقِــبـلَةِ المَـعـروفِ هـادِ


وَمــا سـافَـرتُ فـي الآفـاقِ إِلّا

وَمِــن جَــدواكَ راحِــلَتــي وَزادي


مُـقـيـمُ الظَـنِّ عِـنـدَكَ وَالأَماني

وَإِن قَـلِقَـت رِكـابـي في البِلادِ


مَــعــادُ البَــعـثِ مَـعـروفٌ وَلَكِـن

نَـدى كَـفَّيـكَ فـي الدُنيا مَعادي


أَتـانـي عـائِرُ الأَنـبـاءِ تَـسري

عَـــقـــارِبُهُ بِـــداهِـــيَـــةٍ نَـــآدِ


نَـثـا خَـبَـرٌ كَـأَنَّ القَـلبَ أَمـسـى

يُــجَــرُّ بِهِ عَــلى شَــوكِ القَـتـادِ


كَــأَنَّ الشَــمــسَ جَــلَّلَهــا كُـسـوفٌ

أَوِ اِســتَـتَـرَت بِـرِجـلٍ مِـن جَـرادِ


بِــأَنّــي نِــلتُ مِــن مُــضَـرٍ وَخَـبَّت

إِلَيــكَ شَــكِــيَّتـي خَـبَـبَ الجَـوادِ


وَمـا رَبـعُ القَـطـيـعَـةِ لي بِرَبعٍ

وَلا نــادي الأَذى مِـنّـي بِـنـادِ


وَأَيـنَ يَـجـورُ عَـن قَـصـدٍ لِسـانـي

وَقَـــلبـــي رائِحٌ بِــرِضــاكَ غــادِ


وَمِـمّـا كـانَـتِ الحُـكَـمـاءُ قـالَت

لِسـانُ المَـرءِ مِـن خَـدَمِ الفُؤادِ


فَـقُـد مـا كُـنتُ مَعسولَ الأَماني

وَمَــأدومَ القَــوافــي بِـالسَـدادِ


لَقَـد جـازَيـتُ بِـالإِحـسـانِ سوءاً

إِذاً وَصَــبَـغـتُ عُـرفَـكَ بِـالسَـوادِ


وَسِـرتُ أَسـوقُ عـيـرَ اللُؤمِ حَـتّـى

أَنَـخـتُ الكُـفـرَ في دارِ الجِهادِ


فَــكَــيــفَ وَعَـتـبُ يَـومٍ مِـنـكَ فَـذٍّ

أَشَــدُّ عَــلَيَّ مِــن حَــربِ الفَـسـادِ


وَلَيــسَـت رَغـوَتـي مِـن فَـوقِ مَـذقٍ

وَلا جَـمـري كَـمـيـنٌ فـي الرَمادِ


وَكـانَ الشُـكـرُ لِلكُـرَمـاءِ خَـصلاً

وَمَــيــدانـاً كَـمَـيـدانِ الجِـيـادِ


عَــلَيــهِ عُــقِّدَت عُــقَــدي وَلاحَــت

مَــواسِــمُهُ عَــلى شِـيَـمـي وَعـادي


وَغَـيـري يَـأكُـلُ المَـعـروفَ سُحتاً

وَتَـشـحُـبُ عِـنـدَهُ بـيـضُ الأَيـادي


تَــثَــبَّتــ إِنَّ قَــولاً كــانَ زوراً

أَتـى النُـعـمـانَ قَبلَكَ عَن زِيادِ


وَأَرَّثَ بَــيــنَ حَــيِّ بَــنــي جُــلاحٍ

سَــنــا حَــربٍ وَحَــيِّ بَـنـي مَـصـادِ


وَغـادَرَ فـي صُـروفِ الدَهـرِ قَتلي

بَــنــي بَــدرٍ عَـلى ذاتِ الإِصـادِ


فَــمـا قِـدحـاكَ لِلبـاري وَلَيـسَـت

مُـتـونُ صَـفـاكَ مِن نُهَزِ المُرادي


وَلَو كَــشَّفــتَــنـي لَبَـلَوتَ خَـرقـاً

يُـصـافـي الأَكـرَمينَ وَلا يُصادي


جَـديـراً أَن يَـكُـرَّ الطَـرفَ شَـزراً

إِلى بَـعـضِ المَـوارِدِ وَهُـوَ صادي


إِلَيـكَ بَـعَـثـتُ أَبـكـارَ المَعاني

يَــليــهــا ســائِقٌ عَــجِـلٌ وَحـادي


جَـوائِرَ عَـن ذَنابى القَومِ حَيرى

هَــوادِيَ لِلجَــمــاجِـمِ وَالهَـوادي


شِـدادَ الأَسـرِ سـالِمَـةَ النَواحي

مِـنَ الإِقـواءِ فـيـهـا وَالسِـنادِ


يُــذَلِّلُّهــا بِــذِكــرِكَ قَــرنُ فِـكـرٍ

إِذا حَـزَنَـت فَـتَـسلَسُ في القِيادِ


لَها في الهاجِسِ القَدحُ المُعَلّى

وَفـي نَـظـمِ القَـوافـي وَالعِـمادِ


مُــنَــزَّهَــةٌ عَــنِ السَـرَقِ المُـوَرّى

مُـكَـرَّمَـةً عَـنِ المَـعـنـى المُـعادِ


تَــنَــصَّلــَ رَبُّهــا مِـن غَـيـرِ جُـرمٍ

إِلَيـكَ سِـوى النَـصـيحَةِ وَالوِدادِ


وَمَـن يَـأذَن إِلى الواشينَ تُسلَق

مَـــســـامِــعُهُ بِــأَلسِــنَــةٍ حِــدادِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد