Blog Image

قصيدة دُموعٌ أَجابَت داعِيَ الحُزنِ هُمَّعُ للشاعر أَبو تَمّام


دُمــوعٌ أَجــابَـت داعِـيَ الحُـزنِ هُـمَّعُ

تَــوَصَّلــُ مِــنّــا عَــن قُــلوبٍ تَــقَــطَّعُ


عَـفـاءٌ عَـلى الدُنـيـا طَـويلٌ فَإِنَّها

تُــفَــرِّقُ مِـن حَـيـثُ اِبـتَـدَت تَـتَـجَـمَّعُ


تَــبَــدَّلَتِ الأَشـيـاءُ حَـتّـى لَخِـلتُهـا

سَـتَـثني غُروبَ الشَمسِ مِن حَيثُ تَطلَعُ


لَهــا صَــيـحَـةٌ فـي كُـلِّ روحٍ وَمُهـجَـةٍ

وَلَيـسَـت بِشَيءٍ ما خَلا القَلبَ تُسمِعُ


أَإِدريــسُ ضـاعَ المَـجـدُ بَـعـدَكَ كُـلُّهُ

وَرَأيُ الَّذي يَــرجــوهُ بَـعـدَكَ أَضـيَـعُ


وَغـودِرَ وَجـهُ العُـرفِ أَسـوَدَ بَـعـدَما

يُـــرى وَكَـــأَنَّهـــُ كَـــعـــابٌ تَـــصَــنَّعُ


وَأَصــبَــحَــتِ الأَحــزانُ لا لِمَــبَــرَّةٍ

تُــسَــلِّمُ شَــزراً وَالمَــعــالي تُــوَدِّعُ


وَضَـلَّ بِـكَ المُـرتـادُ مِن حَيثُ يَهتَدي

وَضَـرَّت بِـكَ الأَيّـامُ مِـن حَـيـثُ تَنفَعُ


وَأَضـحَـت قَريحاتُ القُلوبِ مِنَ الجَوى

تُــقــاظُ وَلَكِــنَّ المَــدامِــعَ تُــربَــعُ


عُـيـونٌ حَـفِـظـنَ اللَيـلَ فـيـكَ مُجَرَّماً

وَأَعـطَـيـنَهُ الدَمـعَ الَّذي كانَ يُمنَعُ


وَقَد كانَ يُدعى لابِسُ الصَبرِ حازِماً

فَـقَـد صـارَ يُـدعى حازِماً حينَ يَجزَعُ


وَقــالَت عَــزاءً لَيـسَ لِلمَـوتِ مَـدفَـعٌ

فَــقُــلتُ وَلا لِلحُـزنِ لِلمَـوتِ مَـدفَـعُ


لِإِدريـــسَ يَـــومٌ مــاتَــزالُ لِذِكــرِهِ

دُمـــوعٌ وَإِن سَـــكَّنــتَهــا تَــتَــفَــرَّعُ


وَلَمّـا نَـضـا ثَـوبَ الحَـيـاةِ وَأَوقَعَت

بِهِ نــائِبــاتُ الدَهــرِ مــا يُـتَـوَقَّعُ


غَـدا لَيـسَ يَـدري كَـيـفَ يَـصنَعُ مُعدِمٌ

دَرى دَمــعُهُ فــي خَـدِّهِ كَـيـفَ يَـصـنَـعُ


وَمـاتَـت نُـفـوسُ الغـالِبِـيّـيـنَ كُلِّهِم

وَإِلّا فَــصَـبـرُ الغـالِبِـيّـيـنَ أَجـمَـعُ


غَــدَوا فـي زَوايـا نَـعـشِهِ وَكَـأَنَّمـا

قُــرَيــشٌ قُـرَيـشٌ يَـومَ مـاتَ المُـجَـمِّعُ


وَلَم أَنـسَ سَـعـيَ الجـودِ خَلفَ سَريرِهِ

بِــأَكــسَــفِ بـالٍ يَـسـتَـقـيـمُ وَيَـظـلَعُ


وَتَـكـبـيـرُهُ خَـمـسـاً عَـلَيـهِ مُـعالِناً

وَإِن كـانَ تَـكـبـيـرَ المُـصَلّينَ أَربَعُ


وَمـا كُـنتُ أَدري يَعلَمُ اللَهُ قَبلَها

بِــأَنَّ النَــدى فــي أَهــلِهِ يَــتَـشَـيَّعُ


وَقُمنا فَقُلنا بَعدَ أَن أُفرِدَ الثَرى

بِهِ مـا يُـقـالُ فـي السَـحـابَةِ تُقلِعُ


أَلَم تَكُ تَرعانا مِنَ الدَهرِ إِن سَطا

وَتَــحــفَــظُ مِـن آمـالِنـا مـا يُـضَـيَّعُ


وَتَــلبَــسُ أَخـلاقـاً كِـرامـاً كَـأَنَّهـا

عَلى العِرضِ مِن فَرطِ الحَصانَةِ أَدرُعُ


وَتَـبـسُـطُ كَـفّـاً فـي الحُـقـوقِ كَأَنَّما

أَنـامِـلُها في البَأسِ وَالجودِ أَذرُعُ


وَتَـربُـطُ جَـأشـاً وَالكُـمـاةُ قُـلوبُهُـم

تَـزَعـزَعُ خَـوفـاً مِـن سُـيـوفٍ تَـتَزَعزَعُ


وَأُمـنِـيَّةـُ المُـرتـادِ تُـحضِرُكَ النَدى

فَـيَـشـفَـعُ فـي مِـثـلِ المَـلا فَـيُـشَفَّعُ


فَـأُنـطِـقَ فـيـهـا حـامِـدٌ وَهـوَ مُـفحَمٌ

وَأُفـحِـمَ فـيـهـا حـاسِـدٌ وَهـوَ مِـصـقَعُ


أَلا إِنَّ فـي ظُـفـرِ المَـنِـيَّةـِ مُهـجَـةً

تَـظَـلُّ لَهـا عَـيـنُ العُـلى وَهيَ تَدمَعُ


هِيَ النَفسُ إِن تَبكِ المَكارِمُ فَقدَها

فَـمِـن بَـيـنِ أَحـشـاءِ المَكارِمِ تُنزَعُ


أَلا إِنَّ أَنـفـاً لَم يَـعُـد وَهوَ أَجدَعٌ

لِفَــقــدِكَ عِـنـدَ المَـكـرُمـاتِ لَأَجـدَعُ


وَإِنَّ اِمـرِءاً لَم يُـمـسِ فـيـكَ مُـفَجَّعاً

بِــمَــجــلودِهِ فــي عَــقــلِهِ لَمُــفَــجَّعُ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد