قصيدة خُذي عَبَراتِ عَينِكِ عَن زَماعي للشاعر أَبو تَمّام
خُـذي عَـبَـراتِ عَـيـنِـكِ عَن زَماعي
وَصـونـي مـا أَزَلتِ مِـنَ القِـنـاعِ
أَقِــلّي قَــد أَضـاقَ بُـكـاكِ ذَرعـي
وَمــا ضــاقَــت بِــنـازِلَةٍ ذِراعـي
أَآلِفَــةَ النَـحـيـبِ كَـمِ اِفـتِـراقٍ
أَظَــلَّ فَــكـانَ داعِـيَـةَ اِجـتِـمـاعِ
وَلَيــسَــت فَــرحَـةُ الأَوبـاتِ إِلّا
لِمَـــوقـــوفٍ عَــلى تَــرَحِ الوَداعِ
تَـوَجَّعـُ أَن رَأَت جِـسـمـي نَـحـيـفاً
كَــأَنَّ المَــجـدَ يُـدرَكُ بِـالصِـراعِ
فَتى النَكَباتِ مَن يَأوي إِذا ما
قَـــطَـــفــنَ بِهِ إِلى خُــلُقٍ وَســاعِ
يُــثــيـرُ عَـجـاجَـةً فـي كُـلِّ ثَـغـرٍ
يَهــيــمُ بِهِ عَــدِيُّ بــنُ الرِقــاعِ
أَبَـنَّ مَـعَ السِـبـاعِ القَـفـرَ حَتّى
لَخـالَتـهُ السِـبـاعُ مِـنَ السِـباعِ
فَــلَبِّ الحَـزمَ إِن حـاوَلتَ يَـومـاً
بِـأَن تَـسـطـيـعَ غَـيـرَ المُـستَطاعِ
فَـلَم تَـرحَـل كَـنـاجِـيَةِ المَهاري
وَلَم تُــركَـب هُـمـومَـكَ كَـالزَمـاعِ
بِــمَهــدِيِّ بـنِ أَصـرَمَ عـادَ عـودي
إِلى اِيــراقِهِ وَاِمــتَــدَّ بــاعــي
أَطـالَ يَـدي عَـلى الأَيّـامِ حَـتّـى
جَــزَيــتُ صُـروفَهـا صـاعـاً بِـصـاعِ
إِذا أَكـدَت سَـوامُ الشِـعـرِ أَضحَت
عَــطــايــاهُ وَهُــنَّ لَهــا مَـراعـي
رِيــاضٌ لا يَـشِـذُّ العُـرفُ عَـنـهـا
وَلا تَـخـلو مِـنَ الهِـمَمِ الرِتاعِ
سَـعـى فَاِستَنزَلَ الشَرَفَ اِقِتِداراً
وَلَولا السَعيُ لَم تَكُن المَساعي
أَمَهــدِيّــاً لَحَــيــتَ عَــلى نَــوالٍ
لَقَـد حُـكـتِ المَـلامَ لِغَـيـرِ واعِ
أَرَدتِ بِـحَـيثُ لا تُعصى المَعالي
بِـأَن يُـعصى النَدى وَبِأَن تُطاعي
عَـمـيدُ الغَوثِ إِن نُوَبُ اللَيالي
سَـطَـت وَقَـريـعُهـا عِـنـدَ القِـراعِ
كَــثـيـراً مـا تُـشَـوِّقُهُ العَـوالي
وَهِــمَّتــُهُ إِلى العَــلَقِ المُـتـاعِ
كَــــأَنَّ بِهِ غَــــداةَ الرَوعِ وِرداً
وَقَــد وُصِـفَـت لَهُ نَـفـسُ الشُـجـاعِ
لَحُـسـنُ المَـوتِ فـي كَـرَمٍ وَتَـقوى
أَحَــبُّ إِلَيــهِ مِـن حُـسـنِ الدِفـاعِ
وَنَــغـمَـةُ مُـعـتَـفٍ يَـرجـوهُ أَحـلى
عَـلى أُذنَـيـهِ مِـن نَـغَـمِ السَماعِ
جَـعَـلتَ الجـودَ لَألاءَ المَـساعي
وَهَــل شَــمـسٌ تَـكـونُ بِـلا شُـعـاعِ
وَمـا فـي الأَرضِ أَعصى لِاِمتِناعٍ
يَــســوقُ الذَمَّ مِــن جــودٍ مُـطـاعِ
وَلَم يَـحـفَـظ مُـضـاعَ المَـجدِ شَيءٌ
مِـنَ الأَشـيـاءِ كَـالمالِ المُضاعِ
رَعـــاكَ اللَهُ لِلمَـــعــروفِ إِنّــي
أَراكَ لِسَــرحِ مـالِكِ غَـيـرَ راعـي
فَـمـا فـي الأَرضِ مِـن شَرَفٍ يَفاعٍ
سُــبِــقــتَ بِهِ وَلا خُــلُقٍ يَــفــاعِ
لَعَـزمُـكَ مِـثـلُ عَـزمِ السَـيلِ شُدَّت
قُــواهُ بِــالمَــذانِــبِ وَالتِــلاعِ
وَرَأيُـكَ مِـثـلُ رَأيِ السَـيـفِ صَـحَّت
مَــشــورَةُ حَــدِّهِ عِــنــدَ المِـصـاعِ
فَــلَو صَـوَّرتَ نَـفـسَـكَ لَم تَـزِدهـا
عَـلى مـا فـيـكَ مِن كَرَمِ الطِباعِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد