قصيدة حُشاشَةُ نَفسٍ وَدَّعَت يَومَ وَدَّعوا للشاعر المُتَنَبّي
حُــشــاشَــةُ نَــفــسٍ وَدَّعَــت يَـومَ وَدَّعـوا
فَـــلَم أَدرِ أَيَّ الظـــاعِــنَــيــنِ أُشَــيِّعُ
أَشــاروا بِـتَـسـليـمٍ فَـجُـدنـا بِـأَنـفُـسٍ
تَــســيــلُ مِــنَ الآمــاقِ وَالسِـمِ أَدمُـعُ
حَــشــايَ عَــلى جَــمـرٍ ذَكِـيٍّ مِـنَ الهَـوى
وَعَـيـنـايَ فـي رَوضٍ مِـنَ الحُـسـنِ تَـرتَعُ
وَلَو حُــمِّلـَت صُـمُّ الجِـبـالِ الَّذي بِـنـا
غَــداةَ اِفــتَـرَقـنـا أَو شَـكَـت تَـتَـصَـدَّعُ
بِـمـا بَـيـنَ جَـنـبَـيَّ الَّتـي خاضَ طَيفُها
إِلَيَّ الدَيـــاجـــي وَالخَـــلِيّـــونَ هُــجَّعُ
أَتَـت زائِراً مـا خـامَـرَ الطيبُ ثَوبَها
وَكَــالمُــســكِ مِــن أَردانِهــا يَــتَـضَـوَّعُ
فَـمـا جَـلَسَـت حَتّى اِنثَنَت توسِعُ الخُطا
كَــفــاطِــمَــةٍ عَــن دَرِّهــا قَـبـلَ تُـرضِـعُ
فَــشَـرَّدَ إِعـظـامـي لَهـا مـا أَتـى بِهـا
مِـنَ النَـومِ وَاِلتـاعَ الفُـؤادُ المُفَجَّعُ
فَــيــا لَيــلَةً مــا كـانَ أَطـوَلَ بِـتُّهـا
وَسُــمُّ الأَفــاعــي عَــذبُ مــا أَتَــجَــرَّعُ
تَذَلَّل لَها وَاِخضَع عَلى القُربِ وَالنَوى
فَــمــا عــاشِــقٌ مَــن لا يَـذِلُّ وَيَـخـضَـعُ
وَلا ثَـوبُ مَـجـدٍ غَـيـرَ ثَـوبِ اِبنِ أَحمَدٍ
عَـــــلى أَحَـــــدٍ إِلّا بِـــــلُؤمٍ مُـــــرَقَّعُ
وَإِنَّ الَّذي حــــابـــى جَـــديـــلَةَ طَـــيِّئٍ
بِهِ اللَهُ يُــعـطـي مَـن يَـشـاءُ وَيَـمـنَـعُ
بِـــذي كَـــرَمٍ مــا مَــرَّ يَــومٌ وَشَــمــسُهُ
عَــلى رَأسِ أَوفــى ذِمَّةــً مِــنــهُ تَـطـلُعُ
فَـــأَرحـــامُ شِـــعـــرٍ يَـــتَـــصِــلنَ لَدُنَّهُ
وَأَرحـــامُ مـــالٍ لا تَــنــي تَــتَــقَــطَّعُ
فَـــتـــىً أَلفُ جُــزءٍ رَأيُهُ فــي زَمــانِهِ
أَقَــلُّ جُــزَيــءٍ بَــعــضُهُ الرَأيُ أَجــمَــعُ
غَــمــامٌ عَـلَيـنـا مُـمـطِـرٌ لَيـسَ يُـقـشِـعُ
وَلا البَـرقُ فـيـهِ خُـلَّبـاً حـيـنَ يَـلمَعُ
إِذا عَـــرَضَـــت حــاجٌ إِلَيــهِ فَــنَــفــسُهُ
إِلى نَــفــسِهِ فــيــهــا شَــفـيـعٌ مُـشَـفَّعٌ
خَــبَـت نـارُ حَـربٍ لَم تَهِـجـهـا بَـنـانُهُ
وَأَســمَــرُ عُــريــانٌ مِـنَ القِـشـرِ أَصـلَعُ
نَــحـيـفُ الشَـوى يَـعـدو عَـلى أُمِّ رَأسِهِ
وَيَـحـفـى فَـيَـقـوى عَـدوُهُ حـيـنَ يُـقـطَـعُ
يَـــمُـــجُّ ظَــلامــاً فــي نَهــارٍ لِســانُهُ
وَيُــفـهِـمُ عَـمَّنـ قـالَ مـا لَيـسَ يَـسـمَـعُ
ذُبــابُ حُــســامٍ مِــنـهُ أَنـجـى ضَـريـبَـةً
وَأَعــصــى لِمَــولاهُ وَذا مِــنــهُ أَطــوَعُ
فَـصـيـحٌ مَـتـى يَـنـطِـق تَـجِـد كُـلَّ لَفـظَةٍ
أُصــولَ البَــراعــاتِ الَّتــي تَــتَــفَــرَّعُ
بِــكَــفِّ جَــوادٍ لَو حَــكَــتــهـا سَـحـابَـةٌ
لَمـا فـاتَها في الشَرقِ وَالغَربِ مَوضِعُ
وَلَيــسَ كَــبَـحـرِ المـاءِ يَـشـتَـقُّ قَـعـرَهُ
إِلى حَـيـثُ يَـفـنـى المـاءُ حوتٌ وَضِفدَعُ
أَبَــحــرٌ يَــضُــرُّ المُــعـتَـفـيـنَ وَطَـعـمُهُ
زُعــاقٌ كَــبَــحــرٍ لا يَــضُــرُّ وَيَــنــفَــعُ
يَـتـيـهُ الدَقـيقُ الفِكرِ في بُعدِ غَورِهِ
وَيَــغــرَقُ فــي تَــيّــارِهِ وَهــوَ مِــصـقَـعُ
أَلا أَيُّهـا القَـيـلُ المُـقـيـمُ بِـمَـنبِجٍ
وَهِــمَّتــُهُ فَــوقَ السِــمــاكَــيــنِ تـوضِـعُ
أَلَيــسَ عَــجــيــبــاً أَنَّ وَصــفَـكَ مُـعـجِـزٌ
وَأَنَّ ظُــنــونــي فــي مَــعـاليـكَ تَـظـلَعُ
وَأَنَّكــَ فــي ثَــوبٍ وَصَــدرُكَ فــيــكُــمــا
عَــلى أَنَّهــُ مِــن ســاحَـةِ الأَرضِ أَوسَـعُ
وَقَـلبُـكَ فـي الدُنـيـا وَلَو دَخَـلَت بِنا
وَبِــالجِـنِّ فـيـهِ مـا دَرَت كَـيـفَ تَـرجِـعُ
أَلا كُــلُّ سَــمـحٍ غَـيـرَكَ اليَـومَ بـاطِـلٌ
وَكُـــلُّ مَـــديـــحٍ فـــي سِـــواكَ مُـــضَــيَّعٌ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد