قصيدة جَوىً ساوَرَ الأَحشاءَ وَالقَلبَ واغِلُهُ للشاعر أَبو تَمّام
جَـوىً سـاوَرَ الأَحشاءَ وَالقَلبَ واغِلُهُ
وَدَمـعٌ يُـضـيـمُ العَينَ وَالجَفنَ هامِلُه
وَفـــاجِـــعُ مَــوتٍ لا عَــدُوّاً يَــخــافُهُ
فَـيُـبـقـي وَلا يُـبـقي صَديقاً يُجامِلُه
وَأَيُّ أَخـــــي عَـــــزّاءَ أَو جَــــبَــــرِيَّةٍ
يُـــنـــابِــذُهُ أَو أَيُّ رامٍ يُــنــاضِــلُه
إِذا مـا جَـرى مَجرى دَمِ المَرءِ حُكمُهُ
وَبُـثَّتـ عَـلى طُـرقِ النُـفـوسِ حَـبـائِلُه
فَــلَو شـاءَ هَـذا الدَهـرُ أَقـصَـرَ شَـرُّهُ
كَــمــا قَــصُــرَت عَـنّـا لُهـاهُ وَنـائِلُه
سَــنَــشــكــوهُ إِعــلانــاً وَسِـرّاً وَنِـيَّةً
شَـكِـيَّةـَ مَـن لا يَـسـتَـطـيـعُ يُـقـاتِـلُه
فَــمَــن مُــبــلِغٌ عَــنّــي رَبــيـعَـةَ أَنَّهُ
تَــقَـشَّعـَ طَـلُّ الجـودِ مِـنـهـا وَوابِـلُه
وَأَنَّ الحِـجـى مِـنـها اِستَطارَت صُدوعُهُ
وَأَنَّ النَـدى مِـنـهـا أُصـيـبَت مَقاتِلُه
مَضى لِلزِيَالِ القاسِمُ الواهِبُ اللُهى
وَلَو لَم يُــزايِـلنـا لَكُـنّـا نُـزايِـلُه
وَلَم يَــعــلَمـوا أَنَّ الزَمـانَ يُـريـدُهُ
بِـفَـجـعٍ وَلا أَنَّ المَـنـايـا تُـراسِـلُه
فَـتـىً سـيـطَ حُـبُّ المَـكـرُمـاتِ بِـلَحـمِهِ
وَخــامَــرَهُ حَــقُّ السَــمــاحِ وَبــاطِــلُه
فَـتـىً لَم يَذُق سُكرَ الشَبابِ وَلَم تَكُن
تَهُــبُّ شَــمــالاً لِلصَــديــقِ شَــمــائِلُه
فَـتـىً جـاءَهُ مِـقدارُهُ وَاِثنَتا العُلا
يَــداهُ وَعَــشـرُ المَـكـرُمـاتِ أَنـامِـلُه
فَـتـىً يَـنـفَجُ الأَقوامُ مِن طيبِ ذِكرِهِ
ثَـنـاءً كَـأَنَّ العَـنـبَـرَ الوَردَ شامِلُه
لَقَـــد فُـــجِــعَــت عَــتّــابُهُ وَزُهَــيــرُهُ
وَتَــغــلِبُهُ أُخــرى اللَيــالي وَوائِلُه
وَكـانَ لَهُـم غَـيـثـاً وَعِـلمـاً فَـمُـعـدِمٍ
فَــيَــســأَلُهُ أَو بــاحِــثٍ فَــيُــســائِلُه
وَمُــبـتَـدِرُ المَـعـروفِ تَـسـري هِـبـاتُهُ
إِلَيـهِـم وَلا تَـسـري إِلَيـهِـم غَوائِلُه
فَـتـىً لَم تَـكُـن تَغلي الحُقودُ بِصَدرِهِ
وَتَـغـلي لِأَضـيـافِ الشِـتـاءِ مَـراجِـلُه
مَــليــكٌ لِأَمــلاكٍ تُــضــيــفُ ضُــيــوفُهُ
وَيُــرجــى مُــرَجّــيــهِ وَيُــسـأَلُ سـائِلُه
طَــواهُ الرَدى طَــيَّ الكِـتـابِ وَغُـيِّبـَت
فَـــضـــائِلُهُ عَـــن قَـــومِهِ وَفَــواضِــلُه
طَـوى شِـيَـمـاً كـانَـت تَـروحُ وَتَـغـتَـدي
وَســائِلَ مَــن أَعــيَـت عَـلَيـهِ وَسـائِلُه
فَــيــا عــارِضـاً لِلعُـرفِ أَقـلَعَ مُـزنُهُ
وَيــا وادِيـاً لِلجـودِ جَـفَّتـ مَـسـائِلُه
أَلَم تَـرَنـي أَنـزَفـتُ عَـيـني عَلى أَبي
مُـــحَـــمَّدٍ النَــجــمِ المُــشَــرِّقِ آفِــلُه
وَأَخــضَـلتُهـا فـيـهِ كَـمـا لَو أَتَـيـتُهُ
طَـريـدَ اللَيـالي أَخـضَـلَتـني نَوافِلُه
وَلَكِــنَّنـي أُطـري الحُـسـامَ إِذا مَـضـى
وَإِن كـانَ يَـومَ الرَوعِ غَـيـرِيَ حامِلُه
وَآســى عَـلى جَـيـحـانَ إِذ غـاضَ مـاؤُهُ
وَإِن كــانَ ذَوداً غَـيـرَ ذَودِيَ نـاهِـلُه
عَــلَيــكَ أَبـا كُـلثـومٍ الصَـبـرَ إِنَّنـي
أَرى الصَــبـرَ أُخـراهُ تُـقـىً وَأَوائِلُه
تَــعــادَلَ وَزنــاً كُــلُّ شَـيـءٍ وَلا أَرى
سِـوى صِـحَّةـِ التَـوحـيـدِ شَيئاً يُعادِلُه
فَـــأَنـــتَ سَــنــامٌ لِلفَــخــارِ وَغــارِبٌ
وَصِــنــواكَ مِـنـهُ مِـنـكَـبـاهُ وَكـاهِـلُه
وَلَيـسَـت أَثـافـي القِدرِ إِلّا ثَلاثُها
وَلا الرُمــحُ إِلّا لَهـذَمـاهُ وَعـامِـلُه
شاركنا بتعليق وشرح مفيد