قصيدة تَهانَفتَ وَاِستَبكاكَ رَسمُ المَنازِلِ للشاعر الراعي النُمَيري
تَهـانَـفـتَ وَاِسـتَـبـكاكَ رَسمُ المَنازِلِ
بِــقــارَةِ أَهــوى أَو بِــسَــوقَـةِ حـائِلِ
خَــلَت مِــن جَـمـيـعِ سـاكِـنـيـنَ وَبُـدِّلَت
ظِـبـاءَ السَـليـلِ بَـعـدَ خَـيـلٍ وَجـامِـلِ
ذَكَــرتُ بِهــا مَــن لَم أُبــالِيَ بَـعـدَهُ
تَــفَــرُّقَ حَــيٍّ فــي النَــوى مُــتَــزائِلِ
وَإِنَّ اِمــرَأً بِــالشــامِ أَكــثَـرُ قَـومِهِ
وَبُـطـنـانَ لَيـسَ الشَـوقُ عَـنـهُ بِـغافِلِ
فَــدونَ الأُلى كَــلبٌ وَأَفـنـاءُ عـامِـرٍ
وَدونَ الأُلى أَفـنـاءُ بَـكـرِ بنِ وائِلِ
وَحَــنَّتــ إِلى أَرضِ العِـراقِ حَـمـولَتـي
وَمــا قَـيـظُ أَجـوافِ العِـراقِ بِـطـائِلِ
فَــقُــلتُ لَهــا لا تَــجـزَعـي وَتَـرَبَّصـي
مِــنَ اللَهِ سَــيــبـاً إِنَّهـُ ذو نَـوافِـلِ
كُـلي الحَـمضَ بَعدَ المُقحَمينَ وَرازِمي
إِلى قـابِـلٍ ثُـمَّ اِعـذِري بَـعـدَ قـابِـلِ
مَهــاريـسُ لاقَـت بِـالوَحـيـدِ سَـحـابَـةً
إِلى أُمُــلِ العَــزّافِ ذاتِ السَــلاسِــلِ
تَـواكَـلَهـا الأَزمـانُ حَـتّـى أَجَـأنَهـا
إِلى جَــلَدٍ مِــنـهـا قَـليـلِ الأَسـافِـلِ
فَلَمّا اِنجَلَت عَنها السِنونَ هَوَت لَها
مَــقــانِــبُ هَـطـلى مِـن غَـريـمٍ وَسـائِلِ
فَـلَم يُـبـقِ مِـنـهـا الحَقُّ إِلّا أَرومَةً
غِــلاظَ الرِقــابِ جِــلَّةً كَــالجَــنــادِلِ
وَضَــيــفٍ كَــفَــت جــيـرانَهـا وَتَـوَكَّلـَت
بِهِ جَـــلدَةٌ مِـــن سِـــرِّهـــا أُمُّ حــائِلِ
نَـــعـــوسٌ إِذا دَرَّت جَــرورٌ إِذا غَــدَت
بُــوَيــزِلُ عــامٍ أَو سَــديــسٌ كَــبــازِلِ
إِذا مـا دَعَـت شـيـبـاً بِـجَنبَي عُنَيزَةٍ
مَــشــافِــرُهـا فـي مـاءِ مُـزنٍ وَبـاقِـلِ
دَعَــت بِــصَــريــحٍ ذي غُــثــاءٍ هَــراقَهُ
سَواري العُروقِ في الضُروعِ السَحابِلِ
إِذا وُرِّعَــت أَن تَـركَـبَ الحَـوضَ كَـسَّرَت
بِــأَركــانِ هَــضــبٍ كُــلَّ رَطــبٍ وَذابِــلِ
وَإِن سَــمِــعَــت رِزَّ الفَـنـيـقِ تَـكَـشَّفـَت
بِــأَذنــابِ صُهــبٍ قُــرَّحٍ كَــالمَــجــادِلِ
وَإِن صــابَ غَــيــثٌ مِـن وَراءِ تَـنـوفَـةٍ
هَـدى هَـديَ سَـبّـارٍ بَـعـيـدِ المَـنـاقِـلِ
وَإِنّــي وَذِكــرايَ اِبــنَ حَــربٍ لَعــائِدٌ
لِخُـــلَّةِ مَـــرعِـــيِّ الأَمـــانَــةِ واصِــلِ
أَبــوكَ الَّذي أَجــدى عَــلَيَّ بِــنَــصــرِهِ
فَــأَســكَــتَ عَــنّــي بَــعــدَهُ كُـلَّ قـائِلِ
وَأَنـتَ اِمـرُؤٌ لا بُـدَّ أَن قَـد أَصَبتَني
بِـــمَـــوعِــدَةٍ دَيــنٍ عَــلَيــكَ وَعــاجِــلِ
وَقَــد عَــلِمَــت قَـيـسٌ وَأَفـنـاءَ خِـنـدِفٍ
وَمَـذحِـجُ إِذ وافَـيـتُهُـم فـي المَنازِلِ
ثَـنـائي عَـلَيـكُـم آلَ حَـربٍ وَمَـن يَـمِل
سِــواكُــم فَــإِنّـي مُهـتَـدٍ غَـيـرُ مـائِلِ
رَأَتـكَ ذَوُو الأَحـلامِ خَـيـراً خِـلافَـةً
مِـنَ الراتِـعينَ في التِلاعِ الدَواخِلِ
وَأَجـزَأتَ أَمـرَ العـالَمـيـنَ وَلَم يَـكُن
لِيُــجــزِئَ إِلّا كــامِــلٌ وَاِبــنَ كـامِـلِ
إِلَيــكَ اِبــتَــذَلنـا كُـلَّ أَدمـاءَ حُـرَّةٍ
وَأَعـــيَـــسَ مَــشّــاءٍ أَمــامَ الرَواحِــلِ
رَبـاعٍ كَـوَقـفِ العـاجِ تَـثـنـي حِـبالَهُ
شَــراسـيـفُ حُـدَّت غَـرضُهـا غَـيـرُ جـائِلِ
مُـــشَـــرَّفُ أَطـــرافِ المَـــحــالِ مَــزَلِّهِ
مَـعـادَ المِـلاطِ مُـعـرِقٍ فـي العَقائِلِ
فَــيــا لَكَ مِــن خَــدٍّ وَذِفــرَي أَسـيـلَةٍ
وَمِــن عُــنُــقٍ صَــعــلٍ وَمَــوضِــعِ كـاهِـلِ
وَرَأسٍ كَــإِبــريــقِ اليَهــودِيِّ أَشـرَفَـت
لَهُ حُــبُــكٌ أَجــيــادُهــا كَــالمَـراجِـلِ
وَمِـن عُـجُـزٍ فـيـهـا جَـنـاحـانِ أَلحَـقا
تَـــوالِيَ لا شَـــخــتٍ وَلا مُــتَــخــاذِلِ
وَسُــمــرٍ خِــفــافٍ فــي حِـذاءٍ نَـعـامَـةٍ
ثَــمــانِــيَــةٍ روحٍ ظِــمـاءِ المَـفـاصِـلِ
إِذا قُـــلتُ جـــاهٍ لَجَّ حَـــتّـــى تَــرُدَّهُ
قُــوى أَدَمٍ أَطــرافُهـا فـي السَـلاسِـلِ
بَـعـيـدٌ مِـنَ الحـادي إِذا مـا تَرَقَّصَت
بَـنـاتُ الصُوى في السَبسَبِ المُتَماحِلِ
تَـرى الأَعـظُـمَ اللائي يَـلينَ فُؤادَهُ
جُـنـوحَ الأَعـالي مـائِراتِ الأَسـافِـلِ
كَــذي رَمَــلٍ مِــن وَحــشِ حَــومَــلَ بَــلَّهُ
أَهـاضـيـبُ فـي قِـسٍّ مِـنَ الريـحِ شـامِلِ
تَــخِــرُّ عَـلى مَـتـنِ الكَـثـيـبِ وَمَـتـنُهُ
رَذاذٌ هَــوى مِــن ديــمَـةٍ غَـيـرِ وابِـلِ
تَــبــيـتُ بَـنـاتُ الأَرضِ تَـحـتَ لَبـانِهِ
بِــأَحــقَــفَ مِـن أَنـقـاءِ تـوضِـحَ مـائِلِ
كَــأَنَّ القِــطــارَ حَـرَّكَـت فـي مَـبـيـتِهِ
جَــدِيَّةــَ مِــســكٍ فــي مُــعَــرَّسِ قــافِــلِ
فَــلَمّــا تَــجَــلّى لَيــلُهُ عَــن نَهــارِهِ
غَـدا سـالِكـاً بَـينَ اللِوى فَالخَمائِلِ
فَهـــاجَ بِهِ لَمّـــا تَــرَجَّلــَتِ الضُــحــى
شَــطــائِبُ شَــتّــى مِــن كِــلابٍ وَنـابِـلِ
فَـأَبـصَـرَهـا حَـتّـى إِذا مـا تَـقـارَبَـت
وَفــي النَــفــسِ مِــنـهُ كَـرَّةٌ لِلأَوائِلِ
حَمى الأَنفَ مِن بَعضِ الفِرارِ فَذادَها
بِــأَســحَــمَ لاةٍ ذي شَــبــاةٍ وَعــامِــلِ
فَــفَــرَّقَ بَـيـنَ السـابِـقـيـنَ بِـطَـعـنَـةٍ
عَــلى عَــجَـلٍ مِـن سَـلهَـبٍ غَـيـرِ نـاصِـلِ
فَــكــانَ كَــذي تَـبـلٍ تَـذَكَّرَ مـا مَـضـى
وَقَـد كَـرَّ كَـرّاتِ الكَـريـمِ المُـقـاتِـلِ
يَهُــزُّ بِــأَطــرافِ الحِـبـالِ وَيَـنـتَـحـي
عَلى الأَجنَبِ القُصوى هَزيزَ المُغاوِلِ
كَــمــا اِنــقَــضَّ دُرِّيٌّ تَــخَــلَّلَ مَــتــنُهُ
فُــروجَ جَهــامٍ آخِــرَ اللَيــلِ جــافِــلِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد