Blog Image

قصيدة بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ للشاعر المُتَنَبّي


بِـــمَ التَـــعَـــلُّلُ لا أَهـــلٌ وَلا وَطَــنُ

وَلا نَـــديـــمٌ وَلا كَـــأسٌ وَلا سَـــكَــنُ


أُريــدُ مِــن زَمَــنــي ذا أَن يُـبَـلِّغَـنـي

مــا لَيــسَ يَـبـلُغُهُ مِـن نَـفـسِهِ الزَمَـنُ


لا تَــلقَ دَهــرَكَ إِلّا غَــيــرَ مُــكـتَـرِثٍ

مــادامَ يَــصــحَــبُ فـيـهِ روحَـكَ البَـدَنُ


فَـــمـــا يَــدومُ سُــرورُ مــا سُــرِرتَ بِهِ

وَلا يَـــرُدُّ عَـــلَيــكَ الفــائِتَ الحَــزَنُ


مِــمّــا أَضَــرَّ بِــأَهــلِ العِــشــقِ أَنَّهــُمُ

هَوُوا وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا


تَــفــنــى عُـيـونُهُـمُ دَمـعـاً وَأَنـفُـسُهُـم

فــي إِثــرِ كُــلِّ قَــبــيــحٍ وَجــهُهُ حَـسَـنُ


تَــحَــمَّلــوا حَــمَــلَتــكُــم كُـلُّ نـاجِـيَـةٍ

فَــكُــلُّ بَــيــنٍ عَــلَيَّ اليَــومَ مُــؤتَـمَـنُ


مـا فـي هَـوادِجِـكُـم مِـن مُهـجَـتـي عِـوَضٌ

إِن مُـتُّ شَـوقـاً وَلا فـيـهـا لَهـا ثَـمَنُ


يــا مَـن نُـعـيـتُ عَـلى بُـعـدٍ بِـمَـجـلِسِهِ

كُــلٌّ بِــمــا زَعَــمَ النــاعــونَ مُـرتَهَـنُ


كَـم قَـد قُـتِـلتُ وَكَـم قَـد مُـتُّ عِـنـدَكُـمُ

ثُـمَّ اِنـتَـفَـضـتُ فَـزالَ القَـبـرُ وَالكَفَنُ


قَـد كـانَ شـاهَـدَ دَفـنـي قَـبـلَ قَـولِهِـمِ

جَـمـاعَـةٌ ثُـمَّ مـاتـوا قَـبـلَ مَن دَفَنوا


مــا كُـلُّ مـا يَـتَـمَـنّـى المَـرءُ يُـدرِكُهُ

تَـجـري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ


رَأَيــتُــكُـم لا يَـصـونُ العِـرضَ جـارُكُـمُ

وَلا يَـــدِرُّ عَـــلى مَــرعــاكُــمُ اللَبَــنُ


جَـــزاءُ كُـــلِّ قَـــريـــبٍ مِــنــكُــمُ مَــلَلٌ

وَحَـــظُّ كُـــلِّ مُـــحِـــبٍّ مِـــنـــكُــمُ ضَــغَــنُ


وَتَــغــضَــبــونَ عَــلى مَـن نـالَ رِفـدَكُـمُ

حَــتّـى يُـعـاقِـبَهُ التَـنـغـيـصُ وَالمِـنَـنُ


فَـغـادَرَ الهَـجـرُ مـا بَـيـنـي وَبَـيـنَكُمُ

يَهـمـاءَ تَـكـذِبُ فـيـها العَينُ وَالأُذُنُ


تَـحـبو الرَواسِمُ مِن بَعدِ الرَسيمِ بِها

وَتَـسـأَلُ الأَرضَ عَـن أَخـفـافِهـا الثَفِنُ


إِنّــي أُصــاحِــبُ حِــلمـي وَهـوَ بـي كَـرَمٌ

وَلا أُصــاحِــبُ حِــلمــي وَهـوَ بـي جُـبُـنُ


وَلا أُقــــيــــمُ عَــــلى مــــالٍ أَذِلُّ بِهِ

وَلا أَلَذُّ بِــــمــــا عِــــرضــــي بِهِ دَرِنُ


سَهِــرتُ بَــعــدَ رَحــيــلي وَحــشَــةً لَكُــمُ

ثُـمَّ اِسـتَـمَـرَّ مَـريـري وَاِرعَـوى الوَسَـنُ


وَإِن بُــــليــــتُ بِـــوُدٍّ مِـــثـــلِ وُدِّكُـــمُ

فَـــإِنَّنـــي بِـــفِـــراقٍ مِـــثـــلِهِ قَــمِــنُ


أَبــلى الأَجِــلَّةَ مُهـري عِـنـدَ غَـيـرِكُـمُ

وَبُــدِّلَ العُــذرُ بِــالفُـسـطـاطِ وَالرَسَـنُ


عِـنـدَ الهُمامِ أَبي المِسكِ الَّذي غَرِقَت

فــي جــودِهِ مُـضَـرُ الحَـمـراءِ وَاليَـمَـنُ


وَإِن تَـــأَخَّرَ عَـــنّـــي بَـــعــضُ مَــوعِــدِهِ

فَــــمــــا تَــــأَخَّرُ آمـــالي وَلا تَهِـــنُ


هُــــوَ الوَفِــــيُّ وَلَكِــــنّـــي ذَكَـــرتُ لَهُ

مَــوَدَّةً فَهــوَ يَــبــلوهــا وَيَــمــتَــحِــنُ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد