Blog Image

قصيدة بانَ الأَحِبَّةُ بِالعَهدِ الَّذي عَهِدوا للشاعر الراعي النُمَيري


بـانَ الأَحِـبَّةـُ بِـالعَهـدِ الَّذي عَهِـدوا

فَــلا تَــمــالُكَ عَـن أَرضٍ لَهـا عَـمَـدوا


وَرادَ طَــرفُــكَ فــي صَــحــراءَ ضــاحِـيَـةٍ

فــيــهـا لِعَـيـنَـيـكَ وَالأَظـعـانِ مُـطَّرِدُ


وَاِسـتَـقـبَـلَت سَـربَهُـم هَـيـفٌ يَـمـانِـيَـةٌ

هــاجَــت نِــزاعــاً وَحـادٍ خَـلفَهُـم غَـرِدُ


حَــتّــى إِذا حــالَتِ الأَرحــاءُ دونَهُــمُ

أَرحـاءَ أَرمُـلَ حـارَ الطَـرفُ أَو بَعَدوا


حَـثّـوا الجِـمـالَ وَقـالوا إِنَّ مَـشرَبَكُم

وادي المِـــيـــاهِ وَأَحــســاءٌ بِهِ بُــرُدُ


وَفــي الخِـيـامِ إِذا أَلقَـت مَـراسِـيَهـا

حـورُ العُـيـونِ لِإِخـوانِ الصِـبـى صُـيُـدُ


كَــأَنَّ بَــيــضَ نَــعــامٍ فــي مَــلاحِـفِهـا

إِذا اِجــتَــلاهُــنَّ قَــيــظٌ لَيــلُهُ وَمِــدُ


لَهــا خُــصــورٌ وَأَعــجــازٌ يَــنـوءُ بِهـا

رَمــلُ الغِــنــاءِ وَأَعـلى مَـتـنِهـا رُؤُدُ


مِــن كُــلِّ واضِــحَــةِ الذِفــرى مُــنَـعَّمـَةٍ

غَــرّاءَ لَم يَــغــذُهــا بُــؤسٌ وَلا وَبَــدُ


يَــثــنــي مَــسـاوِفُهـا غُـرضـوفَ أَرنَـبَـةً

شَــمّــاءَ مِــن رَخـصَـةٍ فـي جـيـدِهـا أَوَدُ


لَهـــا لِثـــاثٌ وَأَنـــيـــابٌ مُـــفَـــلَّجَــةٌ

كَــالأُقــحُــوانِ عَــلى أَطـرافِهِ البَـرَدُ


يَـجـري بِهـا المِـسـكُ وَالكـافورُ آوِنَةً

وَالزَعــفَــرانُ عَــلى لَبّــاتِهــا جَــسِــدُ


كَـــأَنَّ رَيـــطَـــةَ جَـــبّــارٍ إِذا طُــوِيَــت

بَهـوُ الشَـراسـيـفِ مِـنـهـا حـينَ تَنخَضِدُ


نِـعـمَ الضَـجـيـعُ بُـعَيدَ النَومِ يُلجِئُها

إِلى حَــشــاكَ سَــقـيـطُ اللَيـلِ وَالثَـأَدُ


كَــأَنَّ نَــشــوَتَهــا وَاللَيــلُ مُــعــتَـكِـرٌ

بَـعـدَ العِـشـاءِ وَقَد مالَت بِها الوُسُدُ


صَهـبـاءُ صـافِـيَـةٌ أَغـلى التِـجـارُ بِها

مِـن خَـمـرِ عـانَـةَ يَـطفو فَوقَها الزَبَدُ


لَولا المَـخـاوِفُ وَالأَوصـابُ قَـد قَطَعَت

عُـرضَ الفَـلاةِ بِـنـا المَهـرِيَّةـُ الوُخُدُ


فــي كُــلِّ غَــبــراءَ مَـخـشِـيٍّ مَـتـالِفُهـا

جَـــدّاءَ لَيـــسَ بِهـــا عِـــدٌّ وَلا ثَــمَــدُ


تُـمـسـي الرِيـاحُ بِهـا حَـسرى وَيَتبَعُها

سُـــرادِقٌ لَيـــسَ فـــي أَطـــرافِهِ عَــمَــدُ


بَـصـبـاصَـةُ الخِـمـسِ فـي زَوراءَ مَهـلَكَةٍ

يَهــدي الأَدِلّاءَ فــيــهـا كَـوكَـبٌ وَحَـدُ


كَــلَّفــتُ مَـجـهـولَهـا نـوقـاً يَـمـانِـيَـةً

إِذا الحُـداةُ عَـلى أَكـسـائِهـا حَـفَدوا


حُــســبَ الجَــمــاجِــمِ أَشـبـاهـاً مُـذَكَّرَةً

كَــــأَنَّهــــا دُمُــــكٌ شـــيـــزِيَّةـــٌ جُـــدُدُ


قــامَ السُـقـاةَ فَـنـاطـوهـا إِلى خُـشُـبٍ

عَـــلى كُـــبـــابٍ وَحَـــومٍ خــامِــسٌ يَــرِدُ


ذَوُو جَــــآجِـــئَ مُـــبـــتَـــلٌّ مَـــآزِرُهُـــم

بَــيــنَ المَــرافِـقِ فـي أَيـديـهِـمُ حَـرَدُ


أَو رَعــلَةٌ مِـن قَـطـا فَـيـحـانَ حَـلَّأَهـا

عَــن مــاءِ يَـثـبَـرَةَ الشُـبّـاكُ وَالرَصَـدُ


تَــنــجــو بِهِــنَّ مِــنَ الكُـدرِيِّ جـانِـيَـةٌ

بِـــالرَوضِ رَوضِ عَـــمــايــاتٍ لَهــا وَلَدُ


لَمّــا تَــخَــلَّسَ أَنــفــاســاً قَــرائِنُهــا

مِــن غَـمـرِ سَـلمـى دَعـاهـا تَـوأَمٌ قَـرِدُ


تَهــوي لَهُ بِــشُــعَــيــبٍ غَـيـرِ مُـعـصَـمَـةٍ

مُــنــغَـلَّةٍ دونَهـا الأَحـشـاءُ وَالكَـبِـدُ


دونَ السَـمـاءِ وَفَـوقَ الأَرضِ مَـسـلَكُهـا

تــيــهٌ نَــفــانِــفُ لا بَــحـرٌ وَلا بَـلَدُ


تَــطــاوَلَ اللَيــلُ مِــن هَــمٍّ تَـضَـيَّفـَنـي

دونَ الأَصــارِمِ لَم يَــعــشُــر بِهِ أَحَــدُ


إِلّا نَــــجِـــيَّةـــَ آرابٍ تُـــقَـــلِّبُـــنـــي

كَــمــا تَــقَــلَّبَ فــي قُــرمـوصِهِ الصَـرِدُ


مِـــن أَمـــرِ ذي بَــدَواتٍ لا تَــزالُ لَهُ

بَـزلاءُ يَـعـيـا بِهـا الجَـثّامَةُ اللُبَدُ


وَعَــيــنِ مُــضــطَــمِــرِ الكَـشـحَـيـنِ أَرَّقَهُ

هَـــمٌّ غَـــريـــبٌ وَنـــاوي حــاجَــةٌ أَفِــدُ


وَنــاقَــةٍ مِــن عِـتـاقِ النـوقِ نـاجِـيَـةٍ

حَـرفٍ تَـبـاعَـدَ مِـنـهـا الزَورُ وَالعَـضَدُ


ثَــبــجــاءَ دَفــواءَ مَـبـنـيٍّ مَـرافِـقُهـا

عَــلى حَــصــيــرَيـنِ فـي دَفَّيـهِـمـا جُـدَدُ


مَــقّـاءَ مَـفـتـوقَـةِ الإِبـطَـيـنِ مـاهِـرَةٍ

بِــالسَــومِ نــاطَ يَـدَيـهـا حـارِكٌ سَـنَـدُ


يَــنــجــو بِهـا عُـنُـقٌ صَـعـلٌ وَتُـلحِـقُهـا

رِجـــــلٍ أَصَـــــكَّ خِــــدَبٍّ فَــــوقَهُ لَبِــــدُ


تُـضـحـي إِذا العـيسُ أَدرَكنا نَكائِثَها

خَـرقـاءَ يَـعـتـادُهـا الطوفانُ وَالزُؤُدُ


كَـــأَنَّهـــا حُـــرَّةُ الخَـــدَّيــنِ طــاوِيَــةٌ

بِــعــالِجٍ دونَهــا الخَــلّاتُ وَالعُــقَــدُ


تَـرمـي الفِـجـاجَ بِـكَـحلاوَينِ لَم تَجِدا

ريــحَ الدُخــانِ وَلَم يَــأخُـذهُـمـا رَمَـدُ


بــاتَــت بِــشَــرقِــيِّ يَــمـؤودٍ مُـبـاشَـرَةً

دِعـــصـــاً أَرَذَّ عَـــلَيـــهِ فُـــرَّقٌ عُـــنُــدُ


فــي ظِــلِّ مُــرتَــجِــزٍ تَــجــلو بَــوارِقُهُ

لِلنــاظِــرَيــنِ رِواقــاً تَــحــتَهُ نَــضَــدُ


طَــورَيــنِ طَــوراً يَــشُـقُّ الأَرضَ وابِـلُهُ

بَــعــدَ العَــزازَ وَطَــوراً ديــمَـةٌ رَغَـدُ


حَـتّـى غَـدَت فـي بَـيـاضِ الصُـبـحِ طَـيِّبـَةً

ريـحَ المَـبـاءَةَ تَـخـدي وَالثَـرى عَـمِـدُ


لَمّــا رَأَت مـا أُلاقـي مِـن مُـجَـمـجَـمَـةٍ

هِـيَ النَـجِـيُّ إِذا مـا صُـحـبَـتـي هَجَدوا


قـامَـت خُـلَيـدَةُ تَـنـهـانـي فَـقُـلتُ لَها

إِنَّ المَــنــايــا لِمــيــقــاتٍ لَهُ عَــدَدُ


وَقُــلتُ مــا لِاِمــرِئٍ مِــثـلي بِـأَرضِـكُـمُ

دونَ الإِمــامِ وَخَــيــرِ النــاسِ مُـتَّأـَدِ


إِنّــي وَإِيّـاكِ وَالشَـكـوى الَّتـي قَـصَـرَت

خَــطــوي وَنَــأيُــكِ وَالوَجـدُ الَّذي أَجِـدُ


كَـالمـاءِ وَالظـالِعُ الصَـديـانُ يَـطلُبُهُ

هُـــوَ الشِـــفـــاءُ لَهُ وَالرِيُّ لَو يَـــرِدُ


إِنَّ الخِــلافَــةَ مِــن رَبّـي حَـبـاكَ بِهـا

لَم يُـصـفِهـا لَكَ إِلّا الواحِـدُ الصَـمَـدُ


أَلقــابِـضُ البـاسِـطُ الهـادي لِطـاعَـتِهِ

فـي فِـتـنَـةِ النـاسِ إِذ أَهـواؤُهُم قِدَدُ


أَمــراً رَضــيــتَ لَهُ ثُــمَّ اِعــتَـمَـدتَ لَهُ

وَاِعــلَم بِــأَنَّ أَمــيــنَ اللَهِ مُـعـتَـمَـدُ


وَاللَهُ أَخــرَجَ مِــن عَــمــيـاءَ مُـظـلِمَـةٍ

بِـــحَـــزمِ أَمــرِكَ وَالآفــاقُ تَــجــتَــلِدُ


فَــأَصــبَــحَ اليَــومَ فـي دارٍ مُـبـارَكَـةٍ

عِــنــدَ المَــليـكِ شِهـابـاً ضَـوءُهُ يَـقِـدُ


وَنَــحـنُ كَـالنَـجـمِ يَهـوي مِـن مَـطـالِعِهِ

وَغــوطَـةُ الشـامِ مِـن أَعـنـاقِـنـا صَـدَدُ


نَـرجـو سِـجـالاً مِـنَ المَـعروفِ تَنفَحُها

لِســـائِليـــكَ فَـــلا مَـــنٌّ وَلا حَـــسَـــدُ


ضــافــي العَــطِــيَّةــِ راجــيـهِ وَسـائِلُهُ

سَــيّــانِ أَفـلَحَ مَـن يُـعـطـي وَمَـن يَـعِـدُ


أَنــتَ الحَــيـا وَغِـيـاثٌ نَـسـتَـغـيـثُ بِهِ

لَو نَــسـتَـطـيـعُ فَـداكَ المـالُ وَالوَلَدُ


أَزرى بِـــأَمـــوالِنــا قَــومٌ أَمَــرتَهُــمُ

بِالعَدلِ فينا فَما أَبقوا وَما قَصَدوا


نُـعـطـي الزَكـاةَ فَـمـا يَـرضـى خَطيبُهُمُ

حَــتّــى نُــضــاعِـفَ أَضـعـافـاً لَهـا غُـدَدُ


أَمّـا الفَـقـيـرُ الَّذي كـانَـت حُـلوبَـتُهُ

وَفــقَ العِــيـالِ فَـلَم يُـتـرَك لَهُ سَـبَـدُ


وَاِختَلَّ ذو المالِ وَالمُثرونَ قَد بَقِيَت

عَــلى التَــلاتِـلِ مِـن أَمـوالِهِـم عُـقَـدُ


فَــإِن رَفَــعــتَ بِهِــم رَأســاً نَـعَـشـتَهُـمُ

وَإِن لَقـوا مِـثـلَهـا فـي قـابِلٍ فَسَدوا


شاركنا بتعليق وشرح مفيد