Blog Image

قصيدة الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ للشاعر المُتَنَبّي


الرَأيُ قَـــبـــلَ شَــجــاعَــةِ الشُــجــعــانِ

هُـــوَ أَوَّلٌ وَهِـــيَ المَـــحَـــلُّ الثـــانـــي


فَــإِذا هُــمــا اِجــتَــمَــعـا لِنَـفـسٍ مِـرَّةٍ

بَـــلَغَـــت مِــنَ العَــليــاءِ كُــلَّ مَــكــانِ


وَلَرُبَّمـــا طَـــعَـــنَ الفَـــتـــى أَقـــرانَهُ

بِـــالرَأيِ قَـــبــلَ تَــطــاعُــنِ الأَقــرانِ


لَولا العُــقــولُ لَكــانَ أَدنــى ضَــيـغَـمٍ

أَدنــــى إِلى شَــــرَفٍ مِــــنَ الإِنـــســـانِ


وَلَمـــا تَـــفـــاضَـــلَتِ النُــفــوسُ وَدَبَّرَت

أَيــــدي الكُـــمـــاةِ عَـــوالِيَ المُـــرّانِ


لَولا سَــــمِــــيُّ سُــــيــــوفِهِ وَمَـــضـــاؤُهُ

لَمّــــا سُــــلِلنَ لَكُــــنَّ كَــــالأَجـــفـــانِ


خــاضَ الحِــمــامَ بِهِــنَّ حَــتّــى مــا دُرى

أَمِـــنِ اِحـــتِـــقـــارٍ ذاكَ أَم نِــســيــانِ


وَسَــعــى فَــقَــصَّرَ عَـن مَـداهُ فـي العُـلى

أَهــــلُ الزَمــــانِ وَأَهــــلُ كُـــلِّ زَمـــانِ


تَـخِـذوا المَـجـالِسَ فـي البُـيوتِ وَعِندَهُ

أَنَّ السُـــروجَ مَـــجـــالِسُ الفِـــتـــيـــانِ


وَتَوَهَّموا اللَعِبَ الوَغى وَالطَعنُ في ال

هَــيــجـاءِ غَـيـرُ الطَـعـنِ فـي المَـيـدانِ


قـادَ الجِـيـادَ إِلى الطِـعـانِ وَلَم يَـقُد

إِلّا إِلى العــــــــاداتِ وَالأَوطــــــــانِ


كُــلُّ اِبــنِ ســابِــقَــةٍ يُــغــيـرُ بِـحُـسـنِهِ

فـــي قَـــلبِ صـــاحِـــبِهِ عَــلى الأَحــزانِ


إِن خُـــلِّيَـــت رُبِـــطَـــت بِــآدابِ الوَغــى

فَـــدُعـــاؤُهــا يُــغــنــي عَــنِ الأَرســانِ


فــي جَــحــفَــلٍ سَــتَــرَ العُـيـونَ غُـبـارُهُ

فَــــكَــــأَنَّمــــا يُـــبـــصِـــرنَ بِـــالآذانِ


يَــرمــي بِهــا البَـلَدَ البَـعـيـدَ مُـظَـفَّرٌ

كُــــلُّ البَــــعــــيــــدِ لَهُ قَـــريـــبٌ دانِ


فَــكَــأَنَّ أَرجُــلَهــا بِــتُــربَــةِ مَــنــبِــجٍ

يَـــطـــرَحــنَ أَيــدِيَهــا بِــحِــصــنِ الرانِ


حَــتّــى عَــبَــرنَ بِــأَرسَــنــاسَ سَــوابِـحـاً

يَــنــشُــرنَ فــيــهِ عَــمــائِمَ الفُــرســانِ


يَــقــمُـصـنَ فـي مِـثـلِ المُـدى مِـن بـارِدٍ

يَـــذَرُ الفُـــحــولَ وَهُــنَّ كَــالخِــصــيــانِ


وَالمــاءُ بَــيــنَ عَــجــاجَــتَــيــنِ مُـخَـلِّصٌ

تَــــتَــــفَـــرَّقـــانِ بِهِ وَتَـــلتَـــقِـــيـــانِ


رَكَــضَ الأَمــيــرُ وَكَــاللُجَــيــنِ حَـبـابُهُ

وَثَــنــى الأَعِــنَّةــَ وَهــوَ كَــالعِــقـيـانِ


فَــتَــلَ الحِــبــالَ مِــنَ الغَـدائِرِ فَـوقَهُ

وَبَــنــى السَــفــيــنَ لَهُ مِــنَ الصُـلبـانِ


وَحَـــشـــاهُ عـــادِيَـــةً بِــغَــيــرِ قَــوائِمٍ

عُــــقـــمَ البُـــطـــونِ حَـــوالِكَ الأَلوانِ


تَــأتــي بِــمــا سَـبَـتِ الخُـيـولُ كَـأَنَّهـا

تَـــحـــتَ الحِــســانِ مَــرابِــضُ الغِــزلانِ


بَــــحــــرٌ تَــــعَــــوَّدَ أَن يُـــذِمَّ لِأَهـــلِهِ

مِــــن دَهــــرِهِ وَطَــــوارِقِ الحَــــدَثــــانِ


فَــــتَــــرَكــــتَهُ وَإِذا أَذَمَّ مِــــنَ الوَرى

راعــاكَ وَاِســتَــثــنــى بَــنــي حَــمــدانِ


المُـــخـــفِــريــنَ بِــكُــلِّ أَبــيَــضَ صــارِمٍ

ذِمَـــمَ الدُروعِ عَـــلى ذَوي التــيــجــانِ


مُــتَــصَــعــلِكـيـنَ عَـلى كَـثـافَـةِ مُـلكِهِـم

مُــتَــواضِــعــيــنَ عَــلى عَــظــيـمِ الشـانِ


يَــــتَــــقَــــيَّلـــونَ ظِـــلالَ كُـــلِّ مُـــطَهَّمٍ

أَجَـــلِ الظَـــليــمِ وَرِبــقَــةِ السَــرحــانِ


خَــضَــعَــت لِمُــنــصُـلِكَ المَـنـاصِـلُ عَـنـوَةً

وَأَذَلَّ ديـــــنُـــــكَ ســـــائِرَ الأَديـــــانِ


وَعَــلى الدُروبِ وَفــي الرُجـوعِ غَـضـاضَـةٌ

وَالسَــيــرُ مُــمــتَــنِــعٌ مِــنَ الإِمــكــانِ


وَالطُــرقُ ضَــيِّقــَةُ المَــسـالِكِ بِـالقَـنـا

وَالكُــفــرُ مُــجــتَــمِــعٌ عَــلى الإيـمـانِ


نَــظَــروا إِلى زُبَــرِ الحَــديــدِ كَـأَنَّمـا

يَــصــعَــدنَ بَــيــنَ مَــنــاكِـبِ العِـقـبـانِ


وَفَــوارِسٍ يُــحَــيِ الحِــمــامُ نُــفــوسَهــا

فَـــكَـــأَنَّهـــا لَيـــسَــت مِــنَ الحَــيَــوانِ


مــا زِلتَ تَــضـرِبُهُـم دِراكـاً فـي الذُرى

ضَــربــاً كَــأَنَّ السَــيــفَ فــيــهِ اِثـنـانِ


خَـــصَّ الجَـــمــاجِــمَ وَالوُجــوهَ كَــأَنَّمــا

جـــاءَت إِلَيـــكَ جُـــســـومُهُـــم بِـــأَمــانِ


فَــرَمَـوا بِـمـا يَـرمـونَ عَـنـهُ وَأَدبَـروا

يَــــطَــــؤونَ كُـــلَّ حَـــنِـــيَّةـــٍ مِـــرنـــانِ


يَــغــشــاهُــمُ مَــطَــرُ السَــحـابِ مُـفَـصَّلـاً

بِـــــمُـــــثَــــقَّفــــٍ وَمُهَــــنَّدٍ وَسِــــنــــانِ


حُــرِمــوا الَّذي أَمِــلوا وَأَدرَكَ مِــنـهُـمُ

آمــــالَهُ مَــــن عــــادَ بِــــالحِـــرمـــانِ


وَإِذا الرِمــاحُ شَــغَــلنَ مُهــجَــةَ ثــائِرٍ

شَـــغَـــلَتـــهُ مُهـــجَـــتُهُ عَـــنِ الإِخــوانِ


هَــيــهــاتَ عــاقَ عَــنِ العِــوادِ قَـواضِـبٌ

كَــثُــرَ القَــتــيــلُ بِهـا وَقَـلَّ العـانـي


وَمُهَـــذَّبٌ أَمَـــرَ المَـــنـــايــا فــيــهِــمِ

فَـــأَطَـــعـــنَهُ فـــي طـــاعَـــةِ الرَحــمَــنِ


قَــد سَــوَّدَت شَــجَــرَ الجِــبـالِ شُـعـورُهُـم

فَـــكَـــأَنَّ فـــيـــهِ مُــسِــفَّةــَ الغِــربــانِ


وَجَــرى عَـلى الوَرَقِ النَـجـيـعُ القـانـي

فَــكَــأَنَّهــُ النــارَنــجُ فــي الأَغــصــانِ


إِنَّ السُـــيـــوفَ مَــعَ الَّذيــنَ قُــلوبُهُــم

كَــقُــلوبِهِــنَّ إِذا اِلتَــقــى الجَــمـعـانِ


تَــلقــى الحُــســامَ عَــلى جَــراءَةِ حَــدِّهِ

مِـــثـــلَ الجَــبــانِ بِــكَــفِّ كُــلِّ جَــبــانِ


رَفَــعَــت بِــكَ العَــرَبُ العِــمـادَ وَصَـيَّرَت

قِـــمَـــمَ المُــلوكِ مَــواقِــدَ النــيــرانِ


أَنـــســـابُ فَـــخـــرِهِـــمِ إِلَيـــكَ وَإِنَّمــا

أَنــــســــابُ أَصــــلِهِــــمِ إِلى عَـــدنـــانِ


يــا مَــن يُــقَــتِّلــُ مَــن أَرادَ بِــسَـيـفِهِ

أَصــبَــحــتُ مِــن قَــتــلاكَ بِــالإِحــســانِ


فَــإِذا رَأَيــتُــكَ حــارَ دونَــكَ نــاظِــري

وَإِذا مَــدَحــتُــكَ حــارَ فــيــكَ لِســانــي


شاركنا بتعليق وشرح مفيد