قصيدة الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ للشاعر المُتَنَبّي
الحُــزنُ يُــقــلِقُ وَالتَــجَــمُّلـُ يَـردَعُ
وَالدَمــعُ بَــيــنَهُــمــا عَــصِــيٌّ طَــيِّعُ
يَــتَــنــازَعــانِ دُمــوعَ عَــيـنِ مُـسَهَّدٍ
هَــذا يَــجــيــءُ بِهــا وَهَــذا يَـرجِـعُ
النَــومُ بَــعــدَ أَبــي شُـجـاعٍ نـافِـرٌ
وَاللَيــلُ مُــعــيٍ وَالكَــواكِــبُ ظُــلَّعُ
إِنّــي لَأَجــبُــنُ مِــن فِــراقِ أَحِـبَّتـي
وَتُــحِـسُّ نَـفـسـي بِـالحِـمـامِ فَـأَشـجَـعُ
وَيَــزيــدُنـي غَـضَـبُ الأَعـادي قَـسـوَةً
وَيُــلِمُّ بــي عَـتـبُ الصَـديـقِ فَـأَجـزَعُ
تَـصـفـو الحَـيـاةُ لِجـاهِـلٍ أَو غـافِلٍ
عَــمّــا مَــضــى فـيـهـا وَمـا يُـتَـوَقَّعُ
وَلِمَـن يُـغـالِطُ فـي الحَـقـائِقِ نَفسَهُ
وَيَـسـومُهـا طَـلَبَ المُـحـالِ فَـتَـطـمَـعُ
أَيـنَ الَّذي الهَـرَمـانِ مِـن بُـنـيانِهِ
مــا قَـومُهُ مـا يَـومُهُ مـا المَـصـرَعُ
تَــتَــخَــلَّفُ الآثــارُ عَـن أَصـحـابِهـا
حـيـنـاً وَيُـدرِكُهـا الفَـنـاءُ فَـتَتبَعُ
لَم يُــرضِ قَــلبَ أَبــي شُـجـاعٍ مَـبـلَغٌ
قَــبـلَ المَـمـاتِ وَلَم يَـسَـعـهُ مَـوضِـعُ
كُـــنّـــا نَـــظُـــنُّ دِيــارَهُ مَــمــلوءَةً
ذَهَــبــاً فَــمــاتَ وَكُــلُّ دارٍ بَــلقَــعُ
وَإِذا المَـكـارِمُ وَالصَوارِمُ وَالقَنا
وَبَــنــاتُ أَعــوَجَ كُــلُّ شَــيـءٍ يَـجـمَـعُ
المَــجـدُ أَخـسَـرُ وَالمَـكـارِمُ صَـفـقَـةً
مِـن أَن يَـعيشَ لَها الكَريمُ الأَروَعُ
وَالنـاسُ أَنـزَلُ فـي زَمـانِـكَ مَـنزِلاً
مِــن أَن تُــعــايِـشَهُـم وَقَـدرُكَ أَرفَـعُ
بَـرِّد حَـشـايَ إِنِ اِسـتَـطَـعـتَ بِـلَفـظَـةٍ
فَــلَقَــد تَــضُـرُّ إِذا تَـشـاءُ وَتَـنـفَـعُ
مـا كـانَ مِـنـكَ إِلى خَـليـلٍ قَـبـلَها
مــا يُــســتَـرابُ بِهِ وَلا مـا يـوجِـعُ
وَلَقَــــد أَراكَ وَمــــا تُـــلِمُّ مُـــلِمَّةٌ
إِلّا نَــفــاهــا عَــنــكَ قَــلبٌ أَصـمَـعُ
وَيَــدٌ كَــأَنَّ قِــتــالَهــا وَنَــوالَهــا
فَــرضٌ يَــحِــقُّ عَــلَيــكَ وَهــوَ تَــبَــرُّعُ
يـــا مَـــن يُــبَــدِّلُ كُــلَّ يَــومٍ حُــلَّةً
أَنّـــى رَضـــيــتَ بِــحُــلَّةٍ لا تُــنــزَعُ
مـا زِلتَ تَـخـلَعُهـا عَـلى مَـن شاءَها
حَــتّــى لَبِـسـتَ اليَـومَ مـالا تَـخـلَعُ
مــا زِلتَ تَــدفَــعُ كُــلَّ أَمــرٍ فــادِحٍ
حَـتّـى أَتـى الأَمـرُ الَّذي لا يُـدفَـعُ
فَــظَــلِلتَ تَــنــظُـرُ لا رِمـاحُـكَ شُـرَّعٌ
فــيــمــا عَــراكَ وَلا سُـيـوفُـكَ قُـطَّعُ
بِـأَبـي الوَحـيـدُ وَجَـيـشُهُ مُـتَـكـاثِـرٌ
يَــبـكـي وَمِـن شَـرِّ السِـلاحِ الأَدمُـعُ
وَإِذا حَصَلتَ مِنَ السِلاحِ عَلى البُكا
فَــحَــشــاكَ رُعــتَ بِهِ وَخَــدَّكَ تَــقــرَعُ
وَصَـلَت إِلَيـكَ يَـدٌ سَـواءٌ عِـنـدَها ال
بـازي الأُشَـيـهِـبُ وَالغُرابُ الأَبقَعُ
مَـن لِلمَـحـافِـلِ وَالجَـحـافِلِ وَالسُرى
فَــقَــدَت بِــفَــقـدِكَ نَـيِّراً لا يَـطـلَعُ
وَمَـنِ اِتَّخـَذتَ عَـلى الضُـيـوفِ خَـليفَةً
ضــاعــوا وَمِـثـلَكَ لا يَـكـادُ يُـضَـيِّعُ
قُــبــحــاً لِوَجــهِـكَ يـا زَمـانُ فَـإِنَّهُ
وَجـــهٌ لَهُ مِـــن كُــلِّ قُــبــحٍ بُــرقُــعُ
أَيَــمــوتُ مِــثـلُ أَبـي شُـجـاعٍ فـاتِـكٌ
وَيَــعــيـشُ حـاسِـدُهُ الخَـصِـيُّ الأَوكَـعُ
أَيــــدٍ مُــــقَــــطَّعـــَةٌ حَـــوالي رَأسِهِ
وَقَـفـاً يَـصـيـحُ بِهـا أَلا مَـن يَـصفَعُ
أَبــقَــيــتَ أَكــذَبَ كــاذِبٍ أَبــقَـيـتَهُ
وَأَخَــذتَ أَصــدَقَ مَـن يَـقـولُ وَيَـسـمَـعُ
وَتَــرَكــتَ أَنــتَــنَ ريــحَـةٍ مَـذمـومَـةٍ
وَسَــلَبــتَ أَطــيَــبَ ريــحَــةٍ تَــتَـضَـوَّعُ
فَــاليَــومَ قَــرَّ لِكُــلِّ وَحــشٍ نــافِــرٍ
دَمُهُ وَكــــانَ كَــــأَنَّهـــُ يَـــتَـــطَـــلَّعُ
وَتَــصـالَحَـت ثَـمَـرُ السِـيـاطِ وَخَـيـلُهُ
وَأَوَت إِلَيـــهـــا ســوقُهــا وَالأَذرُعُ
وَعَــفـا الطِـرادُ فَـلا سِـنـانٌ راعِـفٌ
فَــوقَ القَــنــاةِ وَلا حُـسـامٌ يَـلمَـعُ
وَلّى وَكُــــلُّ مُــــخــــالِمٍ وَمُـــنـــادِمٍ
بَـــعـــدَ اللُزومِ مُـــشَـــيِّعــٌ وَمُــوَدِّعُ
مَــن كــانَ فــيــهِ لِكُـلِّ قَـومٍ مَـلجَـأً
وَلِسَـــيـــفِهِ فــي كُــلِّ قَــومٍ مَــرتَــعُ
إِن حَــلَّ فــي فُــرسٍ فَــفـيـهـا رَبُّهـا
كِــســرى تَــذِلُّ لَهُ الرِقـابُ وَتَـخـضَـعُ
أَو حَــلَّ فــي رومٍ فَــفـيـهـا قَـيـصَـرٌ
أَو حَــلَّ فــي عُــربٍ فَــفــيــهـا تُـبَّعُ
قَــد كــانَ أَسـرَعَ فـارِسٍ فـي طَـعـنَـةٍ
فَـــرَســـاً وَلَكِــنَّ المَــنِــيَّةــَ أَســرَعُ
لا قَــلَّبَــت أَيـدي الفَـوارِسِ بَـعـدَهُ
رُمــحــاً وَلا حَــمَــلَت جَـواداً أَربَـعُ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد