قصيدة أَنا لائِمي إِن كُنتُ وَقتَ اللَوائِمِ للشاعر المُتَنَبّي
أَنـا لائِمـي إِن كُـنـتُ وَقتَ اللَوائِمِ
عَـلِمـتُ بِـمـا بـي بَـينَ تِلكَ المَعالِمِ
وَلَكِـــنَّنـــي مِـــمّـــا شُــدِهــتُ مُــتَــيَّمٌ
كَــســالٍ وَقَــلبـي بـائِحٌ مِـثـلُ كـاتِـمِ
وَقَــفــنـا كَـأَنّـا كُـلُّ وَجـدِ قُـلوبِـنـا
تَــمَـكَّنـَ مِـن أَذوادِنـا فـي القَـوائِمِ
وَدُســنـا بِـأَخـفـافِ المَـطِـيِّ تُـرابَهـا
فَـلا زِلتُ أَسـتَـشـفـي بِـلَثمِ المَناسِمِ
دِيـــارُ اللَواتـــي دارُهُــنَّ عَــزيــزَةٌ
بِـطـولِ القَـنـا يُحفَظنَ لا بِالتَمائِمِ
حِـسـانُ التَـثَـنّـي يَـنقُشُ الوَشيُ مِثلَهُ
إِذا مِـسـنَ فـي أَجـسـامِهِـنَّ النَـواعِـمِ
وَيَــبــسِــمــنَ عَــن دُرٍّ تَـقَـلَّدنَ مِـثـلَهُ
كَــأَنَّ التَــراقـي وُشِّحـَت بِـالمَـبـاسِـمِ
فَـمـالي وَلِلدُنـيـا طِـلابـي نُـجـومُها
وَمَـسـعـايَ مِـنـهـا في شُدوقِ الأَراقِمِ
مِـنَ الحِـلمِ أَن تَستَعمِلَ الجَهلَ دونَهُ
إِذا اِتَّسَعَت في الحِلمِ طُرقُ المَظالِمِ
وَأَن تَــرِدَ المــاءَ الَّذي شَــطــرُهُ دَمٌ
فَـتُـسـقـى إِذا لَم يُسقَ مَن لَم يُزاحِمِ
وَمَــن عَــرَفَ الأَيّـامَ مَـعـرِفَـتـي بِهـا
وَبِــالنــاسِ رَوّى رُمــحَهُ غَــيـرَ راحِـمِ
فَــلَيــسَ بِــمَــرحــومٍ إِذا ظَـفِـروا بِهِ
وَلا في الرَدى الجاري عَلَيهِم بِآثِمِ
إِذا صُــلتُ لَم أَتـرُك مَـصـالاً لِصـائِلٍ
وَإِن قُــلتُ لَم أَتـرُك مَـقـالاً لِعـالِمِ
وَإِلّا فَـخـانَـتـنـي القَـوافي وَعاقَني
عَـنِ اِبـنِ عُـبَـيدِ اللَهِ ضُعفُ العَزائِمِ
عَـنِ المُـقـتَـنـي بَـذلَ التَلادِ تِلادَهُ
وَمُـجـتَـنِـبِ البُـخـلِ اِجتِنابَ المَحارِمِ
تَــمَــنّــى أَعــاديــهِ مَــحَــلَّ عُــفــاتِهِ
وَتَــحــسُــدُ كَــفَّيــهِ ثِـقـالُ الغَـمـائِمِ
وَلا يَــتَــلَقّــى الحَـربَ إِلّا بِـمُهـجَـةٍ
مُـــعَـــظَّمـــَةٍ مَـــذخـــورَةٍ لِلعَـــظــائِمِ
وَذي لَجَـــبٍ لاذو الجَـــنــاحِ أَمــامَهُ
بِـنـاجٍ وَلا الوَحـشُ المُـثـارُ بِـسالِمِ
تَــمُـرُّ عَـلَيـهِ الشَـمـسُ وَهـيَ ضَـعـيـفَـةٌ
تُــطـالِعُهُ مِـن بَـيـنِ ريـشِ القَـشـاعِـمِ
إِذا ضَـوؤُهـا لاقـى مِـنَ الطَيرِ فُرجَةً
تَــدَوَّرَ فَـوقَ البَـيـضِ مِـثـلَ الدَراهِـمِ
وَيَـخـفـى عَـلَيكَ البَرقُ وَالرَعدُ فَوقَهُ
مِـنَ اللَمـعِ فـي حـافـاتِهِ وَالهَـماهِمِ
أَرى دونَ مـا بَـيـنَ الفُـراتِ وَبَـرقَـةٍ
ضِـرابـاً يُـمَـشّي الخَيلَ فَوقَ الجَماجِمِ
وَطَـــعـــنَ غَــطــاريــفٍ كَــأَنَّ أَكُــفَّهــُم
عَـرَفـنَ الرُدَيـنِـيّـاتِ قَـبـلَ المَـعاصِمِ
حَـمَـتـهُ عَـلى الأَعـداءِ مِـن كُلِّ جانِبٍ
سُـيـوفُ بَـنـي طُـغـجِ بـنِ جُـفِّ القَماقِمِ
هُمُ المُحسِنونَ الكَرَّ في حَومَةِ الوَغى
وَأَحــسَـنُ مِـنـهُ كَـرُّهُـم فـي المَـكـارِمِ
وَهُـم يُـحـسِـنـونَ العَـفوَ عَن كُلِّ مُذنِبٍ
وَيَــحــتَـمِـلونَ الغُـرمَ عَـن كُـلِّ غـارِمِ
حَــيِــيّــونَ إِلّا أَنَّهــُم فــي نِـزالِهِـم
أَقَــلُّ حَــيــاءً مِــن شِــفـارِ الصَـوارِمِ
وَلَولا اِحـتِـقارُ الأُسدِ شَبَّهتُها بِهِم
وَلَكِــنَّهــا مَــعــدودَةٌ فــي البَهــائِمِ
سَرى النَومُ عَنّي في سُرايَ إِلى الَّذي
صَـــنـــائِعُهُ تَــســري إِلى كُــلِّ نــائِمِ
إِلى مُـطـلِقِ الأَسـرى وَمُـختَرِمِ العِدا
وَمُـشـكي ذَوي الشَكوى وَرَغمِ المُراغِمِ
كَــريـمٌ نَـفَـضـتُ النـاسَ لَمّـا بَـلَغـتُهُ
كَـــأَنَّهـــُمُ مــا جَــفَّ مِــن زادِ قــادِمِ
وَكــادَ سُــروري لا يَـفـي بِـنَـدامَـتـي
عَــلى تَــركِهِ فـي عُـمـرِيَ المُـتَـقـادِمِ
وَفــارَقــتُ شَـرَّ الأَرضِ أَهـلاً وَتُـربَـةً
بِهـــا عَـــلَوِيٌّ جَـــدُّهُ غَـــيــرُ هــاشِــمِ
بَــلى اللَهُ حُـسّـادَ الأَمـيـرِ بِـحِـلمِهِ
وَأَجــلَسَهُ مِــنــهُــم مَـكـانَ العَـمـائِمِ
فَــإِنَّ لَهُـم فـي سُـرعَـةِ المَـوتِ راحَـةً
وَإِنَّ لَهُـم فـي العَـيـشِ حَـزَّ الغَـلاصِمِ
كَــأَنَّكــَ مــا جـاوَدتَ مَـن بـانَ جـودُهُ
عَــلَيـكَ وَلا قـاتَـلتَ مَـن لَم تُـقـاوِمِ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد