Blog Image

قصيدة أَلَم تَسأَل بِعارِمَةَ الدِيارا للشاعر الراعي النُمَيري


أَلَم تَـسـأَل بِـعـارِمَـةَ الدِيـارا

عَـنِ الحَـيِّ المُـفـارِقِ أَينَ سارا


بِــجـانِـبِ رامَـةٍ فَـوَقَـفـتُ يَـومـاً

أُســائِلُ رَبــعَهُــنَّ فَــمـا أَحـارا


مَــنــازِلُ حَــولَهــا بَــلَدٌ رِقــاقٌ

تَـجِـرُّ الرامِـسـاتُ بِها الغُبارا


أَقَــمـنَ بِهـا رَهـيـنَـةَ كُـلِّ نَـحـسٍ

فَـمـا يَـعـدَمـنَ ريـحاً أَو قِطارا


وَرَجّــافــاً تَــحِــنُّ المُــزنُ فـيـهِ

تَـرَجَّزَ مِـن تِهـامَـةَ فَـاِسـتَـطـارا


فَــمَــرَّ عَـلى مَـنـازِلِهـا فَـأَلقـى

بِها الأَثقالَ وَاِنتَحَرَ اِنتِحارا


إِذا مــا قُــلتُ جــاوَزَهــا لِأَرضٍ

تَــذاءَبَــتِ الرِيــاحُ لَهُ فَـحـارا


وَأَبـقـى السَيلُ وَالأَرواحُ مِنها

ثَــلاثـاً فـي مَـنـازِلِهـا ظُـؤارا


أُنِــخــنَ وَهُــنَّ أَغــفـالٌ عَـلَيـهـا

فَـقَـد تَـرَكَ الصِـلاءُ بِهِـنَّ نـارا


وَذاتِ أَثــارَةٍ أَكَــلَت عَــلَيــهــا

نَــبــاتــاً فــي أَكِـمَّتـِهِ قِـفـارا


جُــمــادِيّــاً تَــحِـنُّ المُـزنُ فـيـهِ

كَـمـا فَجَّرتَ في الحَرثِ الدِبارا


رَعَــتــهُ أَشـهُـراً وَخَـلا عَـلَيـهـا

فَـطـارَ النَـيُّ فـيـهـا وَاِستَغارا


طَـلَبـتُ عَـلى مَـحالِ الصُلبِ مِنها

غَـريـبَ الهَـمِّ قَـد مَنَعَ القَرارا


فَـأُبـتُ بِـنَـفـسِهـا وَالآلُ مِـنـها

وَقَـد أَطـعَـمـتَ ذِروَتَها السِفارا


وَأَخـــضَـــرَ آجِــنٍ فــي ظِــلِّ لَيــلٍ

سَــقَــيــتُ بِــجَـمِّهـِ رَسَـلاً حِـرارا


بِــدَلوٍ غَــيــرِ مُــكـرَبَـةٍ أَصـابَـت

حَــمـامـاً فـي مَـسـاكِـنِهِ فَـطـارا


سَـقَـيـنـاهـا غِـشـاشـاً وَاِستَقَينا

نُـبـادِرُ مِـن مَـخافَتِها النَهارا


فَـأَقـبَـلَهـا الحُـداةُ بَـياضَ نَقبٍ

وَفَــجّــا قَــد رَأَيــنَ لَهُ إِطــارا


بِـــحـــاجـــاتٍ تَـــحَــضَّرَهــا عَــدُوٌّ

فَــمـا يَـسـطـيـعُهـا إِلّا خِـطـارا


تُــرَجّــي مِــن سَــعـيـدِ بَـنـي لُؤَيٍّ

أَخــي الأَعـيـاصِ أَنـواءً غِـزارا


تَـــلَقّـــى نَــوءُهُــنَّ سِــرارَ شَهــرٍ

وَخَـيـرُ النَوءِ ما لَقِيَ السِرارا


كَــريــمٌ تَــعــزُبُ العِــلّاتُ عَـنـهُ

إِذا مـا حـانَ يَـومـاً أَن يُزارا


مَـتـى مـا يُـجـدِ نـائِلَهُ عَـلَيـنا

فَـلا بُـخلاً تَخافُ وَلا اِعتَذارا


هُـوَ الرَجُـلُ الَّذي نَـسَـبَـت قُـرَيشٌ

فَـصـارَ المَـجـدُ مِنها حَيثُ ضارا


وَأَنــضــاءٍ أُنِــخــنَ إِلى سَــعـيـدٍ

طُــروقــاً ثُـمَّ عَـجَّلـنَ اِبـتِـكـارا


عَــلى أَكــوارِهِــنَّ بَــنـو سَـبـيـلٍ

قَـــليـــلٌ نَــومُهُــم إِلّا غِــرارا


حَــمِــدنَ مَــزارَهُ فَــأَصَـبـنَ مِـنـهُ

عَــطــاءً لَم يَــكُـن عِـدَةً ضِـمـارا


فَــصَــبَّحــنَ المِــقَــرَّ وَهُــنَّ خــوصٌ

عَــلى روحٍ يُــقَــلِّبــنَ المَـحـارا


وَغـادَرنَ الدَجـاجَ يُـثـيـرُ طَـوراً

مَـبـارِكَهـا وَيَـسـتَـوفي الجِدارا


كَـأَنَّ العِـرمِـسَ الوَجـنـاءَ مِـنها

عَـجـولٌ خَـرَّقَـت عَـنـهـا الصِـدارا


تَـراهـا عَـن صَـبـيـحَـةِ كُـلِّ خَـمـسٍ

مُــقَــدَّمَــةً كَــأَنَّ بِهــا نِــفــارا


مِـنَ العـيسِ العِتاقِ تَرى عَلَيها

يَـبـيسَ الماءِ قَد خَضِبَ التِجارا


إِذا سَــدِرَت مَــدامِــعُهُــنَّ يَـومـاً

رَأَت إِجــلاً تَــعَــرَّضَ أَو صِــوارا


بِـغـائِرَةٍ نَـضـا الخُـرطـومُ عَنها

وَسَــدَّت مِـن خِـشـاشِ الرَأسِ غـارا


يَــضَــعــنَ سِــخــالَهُــنَّ بِــكُـلِّ فَـجٍّ

خَـــلاءٍ وَهـــيَ لازِمَـــةٌ حُـــوارا


كَــأَحــقَــبَ قــارِحٍ بِــذَواتِ خَـيـمٍ

رَأى ذُعــراً بِــرابِــيَــةٍ فَـغـارا


يُــقَـلِّبُ سَـمـحَـجـاً قَـوداءَ كـانَـت

حَــليــلَتَهُ فَــشَــدَّ بِهــا غِـيـارا


نَــفـى بِـأَذاتِهِ الحَـولِيَّ عَـنـهـا

فَــغـادَرَهـا وَإِن كَـرِهَ الغِـدارا


وَقَــرَّبَ جــانِــبَ الغَــربِـيِّ يَـأدو

مَـدَبَّ السَـيـلِ وَاِجـتَنَبَ الشِعارا


أَطــارَ نَــسـيـلَهُ الشَـتَـوِيَّ عَـنـهُ

تَــتَــبُّعـُهُ المَـذانِـبَ وَالقِـرارا


فَــلَمّــا نَــشَّتــِ الغُــدرانُ عَـنـهُ

وَهـاجَ البَـقـلُ وَاِقـطَرَّ اِقطِرارا


غَـدا قَـلِقـاً تَـخَـلّى الجُـزءُ مِنهُ

فَــيَــمَّمـَهـا شَـريـعَـةَ أَو سَـرارا


يُــغَــنّــيــهـا رَبَـحُّ الصَـوتِ جَـأبٌ

خَـمـيصُ البَطنِ قَد أَجِمَ الحَسارا


إِذا اِحـتَـجَبَت بَناتُ الأَرضِ عَنهُ

تَـبَـسَّرَ يَـبـتَـغـي فيها البِسارا


كَـأَنَّ الصُـلبَ وَالمَـتـنَـيـنِ مِـمـهُ

وَإِيّـاهـا إِذا اِجـتَهَـدا حِـضـارا


رِشــاءُ مَــحــالَةٍ فــي يَــومِ وِردٍ

يَـمُـدُّ حِـطـاطُها المَسَدَ المُغارا


تَــعَــرَّضَ حــيــنَ قَـلَّصَـتِ الثُـرَيّـا

وَقَـد عَـرَفَ المَـعـاطِنَ وَالمَنارا


وَهــابَ جَــنــانَ مَــســجـورٍ تَـرَدّى

مِــنَ الحَــلفــاءِ وَاِتَّزَرَ اِتِّزارا


فَــصـادَفَ مَـورِدَ العـانـاتِ مِـنـهُ

بِـأَبـطَـحَ يَـحـتَـفِرنَ بِهِ الغِمارا


فَـسَـوّى فـي الشَـريـعَـةِ حـافِـرَيهِ

وَدارَت إِلفُهُ مِـــن حَـــيــثُ دارا


وَقَــد صَــفّــا خُــدودَهُــمـا وَبَـلّا

بِـبَـردِ المـاءِ أَجـوافـاً حِـرارا


وَفـي بَـيـتِ الصَـفـيـحِ أَبو عِيالٍ

قَـليـلُ الوَفـرِ يَـغتَبِقُ السَمارا


يُــقَــلِّبُ بِــالأَنــامِـلِ مُـرهَـفـاتٍ

كَــسـاهُـنَّ المَـنـاكِـبَ وَالظُهـارا


يَـبـيـتُ الحَـيَّةـُ النَـضـنـاضُ مِنهُ

مَـكـانَ الحِـبِّ يَـسـتَـمِعُ السِرارا


فَـيَـمَّمـَ حَـيـثُ قـالَ القَـلبُ مِـنهُ

بِــحَـجـرِيٍّ تَـرى فـيـهِ اِضـطِـمـارا


فَـــصـــادَفَ سَهــمُهُ أَحــجــارَ قُــفٍّ

كَـسَـرنَ العَـيـرَ مِـنـهُ وَالغِرارا


فَــريـعـا رَوعَـةً لَو لَم يَـكـونـا

ذَوى أَيــدٍ تَــمَــسُّ الأَرضَ طــارا


بَــلى سـاءَلتُهـا فَـأَبَـت جَـوابـاً

وَكَـيـفَ تُـسـائِلُ الدِمَنَ القِفارا


إِذا كـانَ الجِـراءُ عَـفَـت عَـلَيـهِ

وَيَـسـبِـقُهـا إِذا خَـبَـطَـت خِـبارا


شاركنا بتعليق وشرح مفيد