Blog Image

قصيدة أَقَشيبَ رَبعِهِم أَراكَ دَريسا للشاعر أَبو تَمّام


أَقَــشــيــبَ رَبــعِهِــم أَراكَ دَريــســا

وَقِــرى ضُــيــوفِــكَ لَوعَــةً وَرَســيـسـا


وَلَئِن حُبِستَ عَلى البِلى لَقَد اِغتَدى

دَمـعـي عَـلَيـكَ إِلى المَـمـاتِ حَبيسا


فَـكَـأَنَّ طَـسـمـاً قَـبـلُ كـانـوا جـيرَةً

بِــكَ وَالعَـمـاليـقَ الأُلى وَجَـديـسـا


وَأَرى رُبــوعَــكَ مــوحِــشـاتٍ بَـعـدَهـا

قَــد كُـنـتَ مَـألوفَ المَـحَـلِّ أَنـيـسـا


أَتُــرى الفِــراقَ يَــظُـنُّ أَنّـي غـافِـلٌ

عَــنــهُ وَقَــد لَمَـسَـت يَـداهُ لَمـيـسـا


رودٌ أَصــابَــتــهـا النَـوى فـي خُـرَّدٍ

كــانَــت بُــدورَ دُجُــنَّةــٍ وَشُــمــوســا


بـيـضٌ تَـدورُ عُـيـونُهُـنَّ إِلى الصِـبـا

بِـــكَـــأَنَّهــُنَّ بِهــا يُــدِرنَ كُــوُوســا


وَكَـــأَنَّمـــا أَهـــدى شَـــقــائِقَهُ إِلى

وَجَــنــاتِهِــنَّ بِهــا أَبــو قــابـوسـا


قَــد أوتِــيَــت مِـن كُـلِّ شَـيـءٍ بَهـجَـةً

وَدَداً وَحُـسـنـاً فـي الصِـبـا مَغموسا


لَولا حَـــداثَـــتُهــا وَأَنِّيــَ لا أَرى

عَــرشـاً لَهـا لَظَـنَـنـتُهـا بِـلقـيـسـا


أَيـهـاً دِمـشـقُ فَـقَـد حَـوَيـتِ مَكارِماً

بِـأَبـي المُـغـيـثِ وَسُـؤدُداً قُـدمـوسا


وَأَرى الزَمـانَ غَـدا عَـلَيـكِ بِـوَجـهِهِ

جَــذلانَ بَــسّــامــاً وَكــانَ عَــبـوسـا


قَـد بـورِكَـت تِـلكَ البُـطـونُ وَقُـدِّسَـت

تِــلكَ الظُهــورُ بِــقُــربِهِ تَـقـديـسـا


فَــصَــنـيـعَـةٌ تُـسـدى وَخَـطـبٌ يُـعـتَـلى

وَعَــظــيــمَــةٌ تُــكــفـى وَجُـرحٌ يـوسـى


الآنَ أَمــسَــت لِلنِــفــاقِ وَأَصــبَـحَـت

عــوراً عُــيــونٌ كُــنَّ قَــبــلَكَ شـوسـا


وَتَـركـتَ تِـلكَ الأَرضَ ظِـلّاً سَـجـسَـجـاً

مِـن بَـعـدِ مـا كـادَت تَـكـونُ وَطـيسا


لَم يَـشـعُـروا حَـتّـى طَـلَعـتَ عَـلَيـهِـم

بَــدراً يَـشُـقُّ الظُـلمَـةَ الحِـنـديـسـا


مـا فـي النُـجـومِ سِـوى تَـعِلَّةِ باطِلٍ

قَــدُمَــت وَأُسِّســَ إِفــكُهــا تَـأسـيـسـا


إِنَّ المُــلوكَ هُـمُ كَـواكِـبُـنـا الَّتـي

تَــخــفـى وَتَـطـلُعُ أَسـعُـداً وَنُـحـوسـا


فِـتَـنٌ جَـلَوتَ ظَـلامَهـا مِـن بَـعـدِ ما

مَــدّوا عُــيــونــاً نَـحـوَهـا وَرُؤوسـا


حَـربٌ يَـكـونُ الجَـيـشُ فَـضـلَ صَـبوحِها

وَيَـكـونُ فَـضـلُ غَـبـوقِهـا الكُـردوسا


غُــرمُ اِمــرِئٍ مِـن روحِهِ فـيـهـا إِذا

ذو السِـلمِ أُغـرِمَ مَـطـعَـمـاً وَلَبوسا


كَــم بَــيــنَ قَـومٍ إِنَّمـا نَـفَـقـاتُهُـم

مــالٌ وَقَــومٍ يُــنــفِــقــونَ نُــفـوسـا


سـارَ اِبـنُ إِبـراهـيـمَ مـوسـى سـيرَةً

سَـكَـنَ الزَمـانُ لَهـا وَكـانَ شَـمـوسـا


فَــأَقَــرَّ واسِــطَــةَ الشَــآمِ وَأَنـشَـرَت

كَــفّــاهُ جَــوراً لَم يَــزَل مَــرمـوسـا


كـانَـت مَـديـنَـةُ عَـسـقَـلانَ عَـروسَهـا

فَــغَــدَت بِــســيــرَتِهِ دِمَـشـقُ عَـروسـا


مِـن بَـعـدِمـا صـارَت هُـنَـيـدَةُ صِـرمَـةً

وَالبَــدرَةُ النَـجـلاءُ صـارَت كـيـسـا


فَــكَــأَنَّهـُم بِـالعِـجـلِ ضَـلّوا حِـقـبَـةً

وَكَــأَنَّ مــوســى إِذ أَتــاهُــم مـوسـى


وَسَـتُـشـكَـرُ النُعمى الَّتي صُنِعَت وَلا

نِــعَـمٌ كَـنُـعـمـى أَنـقَـذَت مِـن بـوسـى


أَلوى يُــذِلُّ الصَــعــبَ إِن هُـوَ سـاسَهُ

وَيُــليــنُ جــانِــبَهُ إِذا مـا سـيـسـا


وَلِذاكَ كــانــوا لا يُــرأَّسُ مِــنـهُـمُ

مَـــن لَم يُـــجَــرَّب حَــزمُهُ مُــرؤوســا


مَـن لَم يَـقُـد فَـيَـطـيـرَ فـي خَيشومِهِ

رَهَـجُ الخَـمـيـسِ فَـلَن يَـقـودَ خَـميسا


أَعـطِ الرِيـاسَـةَ مِـن يَدَيكَ فَلَم تَزَل

مِـن قَـبـلِ أَن تُـدعى الرَئيسَ رَئيسا


مــاذا عَــسَــيــتَ وَمِـن أَمـامِـكَ حَـيَّةٌ

تَــقِـصُ الأُسـودَ وَمِـن وَرائِكَ عـيـسـى


أَسَـــدانِ شَـــدّا مِــن دِمَــشــقَ وَذَلَّلا

مِــن حِــمــصَ أَمــنَــعَ بَـلدَةٍ عِـرّيـسـا


تَـخِـذَ القَـنـا خـيـساً فَإِن طاغٍ طَغى

نَـقَـلا إِلى مَـغـنـاهُ ذاكَ الخـيـسـا


أَسـقِ الرَعِـيَّةـَ مِـن بَـشـاشَـتِـكَ الَّتي

لَو أَنَّهـــا مـــاءٌ لَكــانَ مَــســوســا


إِنَّ الطَــلاقَــةَ وَالنَـدى خَـيـرٌ لَهُـم

مِــن عِــفَّةــٍ جَـمَـسَـت عَـلَيـكَ جُـمـوسـا


لَو أَنَّ أَسـبـابَ العَـفـافِ بِـلا تُـقىً

نَـفَـعَـت لَقَـد نَـفَـعَـت إِذاً إِبـليـسـا


هَـذي القَـوافـي قَـد أَتَـيـنَـكَ نُـزَّعاً

تَــتَـجَـسَّمـُ التَهـجـيـرَ وَالتَـغـليـسـا


مِــن كُــلِّ شــارِدَةٍ تُــغـادِرُ بَـعـدَهـا

حَـظَّ الرِجـالِ مِـنَ القَـصـيـدِ خَـسـيسا


وَجَـديـدَةَ المَـعـنى إِذا مَعنى الَّتي

تَـشـقـى بِهـا الأَسـمـاعُ كانَ لَبيسا


تَــلهـو بِـعـاجِـلِ حُـسـنِهـا وَتَـعُـدُّهـا

عِــلقـاً لِأَعـجـازِ الزَمـانِ نَـفـيـسـا


مِـن دَوحَـةِ الكَـلِمِ الَّتـي لَم تَنفَكِك

يُـمـسـي عَـلَيـكَ رَصـيـنُهـا مَـحـبـوسـا


كَـالنَـجـمِ إِن سـافَـرتَ كـانَ مُواكِباً

وَإِذا حَـطَـطَـت الرَحـلَ كـانَ جَـليـسـا


إِنّـا بَـعَـثـنـا الشِـعرَ نَحوَكَ مُفرَداً

وَإِذا أَذِنـتَ لَنـا بَـعَـثـنـا العيسا


تَــبــغــي ذُراكَ إِذا أَسِــنَّةـُ قَـعـضَـبٍ

أَردَيــنَ عِــرّيــفَ الوَغـى المِـرّيـسـا


شاركنا بتعليق وشرح مفيد