Blog Image

قصيدة أَطلالُهُم سَلَبَت دُماها الهيفا للشاعر أَبو تَمّام


أَطــلالُهُــم سَــلَبَـت دُمـاهـا الهـيـفـا

وَاِســتَــبــدَلَت وَحــشــاً بِهِــنَّ عُــكـوفـا


يـا مَـنـزِلاً أَعـطـى الحَـوادِثَ حُـكـمَها

لا مَــطــلَ فــي عِــدَةٍ وَلا تَــســويـفـا


أَرســى بِــنــاديــكَ النَــدى وَتَــنَـفَّسـَت

نَــفَــسـاً بِـعَـقـوَتِـكَ الرِيـاحُ ضَـعـيـفـا


شُــعِــفَ الغَــمــامُ بِـعَـرصَـتَـيـكَ وَرُبَّمـا

رَوَّت رُبـــاكَ الهـــائِمَ المَــشــغــوفــا


وَلَئِن ثَـــوى بِـــكَ مُــلقِــيــاً أَجــرامَهُ

ضَــيــفُ الخُـطـوبِ لَقَـد أَصـابَ مُـضـيـفـا


وَهِــيَ الحَــوادِثُ لَم تَــزَل نَـكَـبـاتُهـا

يَــألَفــنَ رَبــعَ المَــنــزِلِ المَـألوفـا


خَــلَفَــت بِـعَـقـوَتِـكَ السُـنـونَ وَطـالَمـا

كــانَــت بَــنـاتُ الدَهـرِ عَـنـكَ خَـلوفـا


أَيّــامَ لا تَــســطــو بِــأَهــلِكَ نَــكـبَـةٌ

إِلّا تَـــراجَـــعَ صَـــرفُهـــا مَــصــروفــا


وَإِذا رَمَــتــكَ الحــادِثــاتُ بِــلَحــظَــةٍ

رَدَّت ظِـــبـــاؤُكَ طَـــرفَهـــا مَــطــروفــا


مِـن كُـلِّ مُـطـمَـعَـةِ الهَـوى جُـعِـلَت لَهـا

مِـــنّـــا مَـــوَدّاتُ القُـــلوبِ وُقـــوفـــا


وَرَفــيــقَـةِ اللَحَـظـاتِ يُـعـقِـبُ رِفـقُهـا

بَــطــشــاً بِــمُـغـتَـرِّ القُـلوبِ عَـنـيـفـا


جُــزنَ الصِــفــاتِ رَوادِفــاً وَسَــوالِفــاً

وَمَـــحـــاجِـــراً وَنَـــواظِــراً وَأُنــوفــا


كُــنَّ البُــدورَ الطــالِعــاتِ فَــأوسِـعَـت

عَـــنّـــا أُفـــولاً لِلنَـــوى وَكُــســوفــا


آرامُ حَــــيٍّ أَنــــزَفَــــتــــهُــــم نِــــيَّةٌ

تَــرَكَــتـكَ مِـن خَـمـرِ الفِـراقِ نَـزيـفـا


كــانــوا بُــرودَ زَمـانِهِـم فَـتَـصَـدَّعـوا

فَــكَــأَنَّمــا لَبِــسَ الزَمــانُ الصــوفــا


ذَلَّت بِهِـــم عُـــنُــقُ الخَــليــطِ وَرُبَّمــا

كــانَ المُــمَــنَّعــَ أَخــدَعــاً وَصَــليـفـا


عـــاقَـــدتُ جـــودَ أَبـــي سَــعــيــدٍ إِنَّهُ

بَــدُنَ الرَجــاءُ بِهِ وَكــانَ نَــحــيــفــا


وَعَـــزَزتُ بِـــالسَــبُــعِ الَّذي بِــزَئيــرِهِ

أَمــسَــت وَأَصــبَــحَـتِ الثُـغـورُ غَـريـفـا


قَــطَــبَ الخُــشـونَـةَ وَاللِيـانَ بِـنَـفـسِهِ

فَــغَـدا جَـليـلاً فـي القُـلوبِ لَطـيـفـا


فَـإِذا مَـشـى يَـمـشـي الدِفَـقّـى أَو سَرى

وَصَــلَ السُــرى أَو ســارَ سـارَ وَجـيـفـا


هَــزَّتــهُ مُــعــضِــلَةُ الأُمــورِ وَهَــزَّهــا

وَأُخـــيـــفَ فــي ذاتِ الإِلَهِ وَخــيــفــا


يَــقــظــانُ أَحــصَــدَتِ التَــجـارِبُ حَـزمَهُ

شَـــزراً وَثُـــقِّفــَ عَــزمُهُ تَــثــقــيــفــا


وَاِســتَــلَّ مِــن آرائِهِ الشُــعَــلَ الَّتــي

لَو أَنَّهـــُنَّ طُـــبِـــعـــنَ كُــنَّ سُــيــوفــا


كَهـلُ الأَنـاةِ فَـتـى الشَذاةِ إِذا غَدا

لِلحَــربِ كــانَ القَــشـعَـمَ الغِـطـريـفـا


وَأَخـو الفَـعالِ إِذا الفَتى كُلُّ الفَتى

فـي البـاسِ وَالمَـعـروفِ كـانَ خَـليـفـا


كَـم مِـن وَساعِ الجودِ عِندي في النَدى

لَمّــا جَــرى وَجَــرَيــتَ كــانَ قُــطــوفــا


أَحــسَــنــتُــمـا صَـفَـدي وَلَكِـن كُـنـتَ لي

مِــثــلَ الرَبـيـعِ حَـيـاً وَكـانَ خَـريـفـا


وَكِـلاكُـمـا اِقـتَـعَـدَ العُـلى فَـرَكِبتَها

فــي الذَروَةِ العُــليـا وَجـاءَ رَديـفـا


إِن غـاضَ مـاءُ المُـزنِ فِـضـتَ وَإِن قَـسَت

كَــبِــدُ الزَمــانِ عَــلَيَّ كُــنــتَ رَؤوفــا


وَإِذا خَــلائِقُهُــم نَــبَــت أَو أَجــدَبَــت

أَنــشَــأتَ تَــمــهَــدُ لي خَــلائِقَ ريـفـا


وَمَـــواهِـــبــاً مَــطــلوبَــةً مَــلحــوقَــةً

تَــذَرُ الشَــريــفَ بِــفَـضـلِهـا مَـشـروفـا


يَــلقــى بِهــا حُــرُّ التِــلادِ وَعَــبــدُهُ

عِــنــدَ السُــؤالِ مَــصــارِعـاً وَحُـتـوفـا


إِســمَــع أَقــامَــت فــي دِيـارِكَ نِـعـمَـةٌ

خَـــضـــراءُ نـــاضِـــرَةٌ تَــرُفُّ رَفــيــفــا


رَيّــا إِذا النِـعَـمُ اِنـتَـقَـلنَ تَـخَـيَّمـَت

وَإِذا نَـــفَـــرنَ غَــدَت عَــلَيــكَ أَلوفــا


أَنـــا ذو كَـــســاكَ مَــحَــبَّةــً لا خَــلَّةً

حِــبَــرَ القَــصــائِدِ فُــوِّفَــت تَـفـويـفـا


مُـــتـــنَـــخِّلـــٌ حَـــلّاكَ نَـــظــمَ بَــدائِعٍ

صــــارَت لِآذانِ المُـــلوكِ شُـــنـــوفـــا


وافٍ إِذا الإِحــســانُ قُــنِّعــَ لَم يَــزَل

وَجــهُ الصَــنــيــعَــةِ عِـنـدَهُ مَـكـشـوفـا


وَإِذا غَــدا المَـعـروفُ مَـجـهـولاً غَـدا

مَـــعـــروفُ كَــفِّكــَ عِــنــدَهُ مَــعــروفــا


هَـــذا إِلى قِـــدَمِ الذِمــامِ بِــكَ الَّذي

لَو أَنَّهــــُ وَلَدٌ لَكــــانَ وَصــــيــــفــــا


وَحَــشــاً تُــحَـرِّقُهُ النَـصـيـحَـةُ وَالهَـوى

لَو أَنَّهـــُ وَقـــتٌ لَكـــانَ مَـــصـــيـــفــا


وَمَـــقـــيـــلُ صَـــدرٍ فــيــكَ بــاقٍ رَوعُهُ

لَو أَنَّهـــُ ثَـــغـــرٌ لَكـــانَ مَـــخـــوفــا


وَلَئِن أَطَــــلتُ مَـــدائِحـــي لَبِـــنـــائِلٍ

لَكَ لَيـــسَ مَـــحــدوداً وَلا مَــوصــوفــا


خَــفَّضــتَ عَــنّــي الدَهــرَ بَــعــدَ مُــلِمَّةٍ

تَـــرَكَـــت لِنــابَــيــهِ عَــلَيَّ صَــريــفــا


جَــدوى أَصــيــلِ العِــلمِ أَن سَــيُــمِــضُّهُ

قَــضَــفُ المَـكـارِمِ إِن رَجَـعـتُ قَـضـيـفـا


عَــمــرِيُّ عُــظــمِ الديـنِ جَهـمِـيُّ النَـدى

يَــنـفـي القُـوى وَيُـثَـبِّتـُ التَـكـليـفـا


سَــأَقــولُ قَــولَةَ نــاصِــحٍ لَكَ يَـنـتَـحـي

قَــلبــاً نَــقِــيّــاً فـي رِضـاكَ نَـظـيـفـا


لَكَ هَــضــبَـةُ الحِـلمِ الَّتـي لَو وازَنَـت

أَجَــأً إِذا ثَــقُــلَت وَكــانَ خَــفــيــفــا


وَحَــلاوَةُ الشــيــمِ الَّتــي لَو مـازَجَـت

خُــلُقَ الزَمــانِ الفَــدمِ عـادَ ظَـريـفـا


وَأَراكَ فـــي أَرضِ الأَعـــادي غــازِيــاً

مــا تَــســتَــفــيــقُ يُـبـوسَـةً وَجُـفـوفـا


إِن كانَ بِالوَرَعِ اِبتَنى القَومُ العُلى

أَو بِــالتُـقـى صـارَ الشَـريـفُ شَـريـفـا


فَـــعَـــلامَ قُـــدِّمَ وَهـــوَ زانٍ عـــامِـــرٌ

وَأُمــيــطَ عَــلقَــمَــةٌ وَكــانَ عَــفــيـفـا


وَبَــنــى المَــكــارِمَ حـاتِـمٌ فـي شِـركِهِ

وَسِــواهُ يَهــدِمُهــا وَكــانَ حَــنــيــفــا


شاركنا بتعليق وشرح مفيد