قصيدة أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ للشاعر المُتَنَبّي
أُطــاعِــنُ خَــيــلاً مِـن فَـوارِسِهـا الدَهـرُ
وَحـيـداً وَمـا قَـولي كَـذا وَمَـعـي الصَـبرُ
وَأَشـــجَـــعُ مِــنّــي كُــلَّ يَــومٍ سَــلامَــتــي
وَمــا ثَــبَــتَــت إِلّا وَفــي نَـفـسِهـا أَمـرُ
تَــمَــرَّســتُ بِــالآفــاتِ حَــتّــى تَــرَكـتُهـا
تَــقــولُ أَمــاتَ المَــوتُ أَم ذُعِـرَ الذُعـرُ
وَأَقــــدَمـــتُ إِقـــدامَ الأَتِـــيِّ كَـــأَنَّ لي
سِـوى مُهـجَـتـي أَو كـانَ لي عِـنـدَهـا وِترُ
ذَرِ النَـفـسَ تَـأخُـذ وُسـعَهـا قَـبـلَ بَينِها
فَــمُــفــتَــرِقٌ جــارانِ دارُهُــمــا العُـمـرُ
وَلا تَــحــسَــبَــنَّ المَــجــدَ زِقّـاً وَقَـيـنَـةً
فَما المَجدُ إِلّا السَيفُ وَالفَتكَةُ البِكرُ
وَتَــضــريــبُ أَعــنــاقِ المُــلوكِ وَهـامِهـا
لَكَ الهَـبَـواتُ السـودُ وَالعَـسـكَـرُ المَجرُ
وَتَــركُــكَ فــي الدُنــيــا دَوِيّــاً كَـأَنَّمـا
تَــداوَلُ سَــمــعَ المَــرءِ أَنـمُـلُهُ العَـشـرُ
إِذا الفَـضـلُ لَم يَـرفَـعـكَ عَـن شُكرِ ناقِصٍ
عَـلى هِـبَـةٍ فَـالفَـضـلُ فـيـمَـن لَهُ الشُـكرُ
وَمَـن يُـنـفِـقِ السـاعـاتِ فـي جَـمـعِ مـالِهِ
مَــخــافَــةَ فَــقــرٍ فَــالَّذي فَـعَـلَ الفَـقـرُ
عَــــلَيَّ لِأَهــــلِ الجَــــورِ كُــــلُّ طِـــمِـــرَّةٍ
عَــلَيــهــا غُــلامٌ مِــلءُ حَــيــزومِهِ غِـمـرُ
يُـــديـــرُ بِــأَطــرافِ الرِمــاحِ عَــلَيــهِــمِ
كُـؤوسَ المَـنـايـا حَيثُ لا تُشتَهى الخَمرُ
وَكَـم مِـن جِـبـالٍ جُـبـتُ تَـشـهَـدُ أَنَّنـي ال
جِــبــالُ وَبَــحــرٍ شــاهِــدٍ أَنَّنــي البَـحـرُ
وَخَــرقٍ مَــكــانُ العـيـسِ مِـنـهُ مَـكـانُـنـا
مِـنَ العـيـسِ فـيـهِ واسِـطُ الكورِ وَالظَهرُ
يَـــخِـــدنَ بِـــنـــا فــي جَــوزِهِ وَكَــأَنَّنــا
عَـــلى كُـــرَةٍ أَو أَرضُهُ مَـــعَـــنــا سَــفــرُ
وَيَــــومٍ وَصَـــلنـــاهُ بِـــلَيـــلٍ كَـــأَنَّمـــا
عَـــلى أُفـــقِهِ مِـــن بَـــرقِهِ حُــلَلٌ حُــمــرُ
وَلَيــــلٍ وَصَـــلنـــاهُ بِـــيَـــومٍ كَـــأَنَّمـــا
عَـــلى مَـــتــنِهِ مِــن دَجــنِهِ حُــلَلٌ خُــضــرُ
وَغَـــيـــثٌ ظَــنَــنّــا تَــحــتُهُ أَنَّ عــامِــراً
عَـلا لَم يَـمُـت أَو فـي السَـحـابِ لَهُ قَبرُ
أَوِ اِبـنَ اِبـنِهِ البـاقـي عَـلِيَّ بـنَ أَحمَدٍ
يَـــجـــودُ بِهِ لَو لَم أَجُــز وَيَــدي صِــفــرُ
وَإِنَّ سَـــحـــابـــاً جَـــودُهُ مِـــثـــلُ جــودِهِ
سَــحــابٌ عَــلى كُــلِّ السَــحــابِ لَهُ فَــخــرُ
فَــتــىً لا يَــضُــمُّ القَــلبُ هِــمّـاتِ قَـلبِهِ
وَلَو ضَـــمَّهـــا قَـــلبٌ لَمـــا ضَــمَّهــُ صَــدرُ
وَلا يَــنــفَــعُ الإِمــكــانُ لَولا سَـخـائُهُ
وَهَـل نـافِـعٌ لَولا الأَكُـفُّ القَنا السُمرُ
قِــرانٌ تَــلاقــى الصَــلتُ فــيــهِ وَعـامِـرٌ
كَــمــا يَـتَـلاقـى الهِـنـدُوانِـيُّ وَالنَـصـرُ
فَــجــاءا بِهِ صَــلتَ الجَــبــيــنِ مُــعَـظَّمـاً
تَــرى النــاسَ قُــلّاً حَــولَهُ وَهُــمُ كُــثــرُ
مُــفَــدّى بِــئابــاءِ الرِجــالِ سَــمَــيـذَعـاً
هُـــوَ الكَـــرَمُ المَــدُّ الَّذي مــالَهُ جَــزرُ
وَمــا زِلتُ حَــتّـى قـادَنـي الشَـوقُ نَـحـوَهُ
يُـــســـايِــرُنــي فــي كُــلِّ رَكــبٍ لَهُ ذِكــرُ
وَأَســتَــكــبِــرُ الأَخــبــارَ قَــبـلَ لِقـائِهِ
فَـلَمّـا اِلتَـقَـيـنـا صَـغَّرَ الخَـبَـرَ الخُـبرُ
إِلَيــكَ طَــعَــنّــا فــي مَــدى كُــلِّ صَــفـصَـفٍ
بِـــكُـــلِّ وَآةٍ كُـــلُّ مـــا لَقِـــيَـــت نَــحــرُ
إِذا وَرِمَـــت مِـــن لَســعَــةٍ مَــرِحَــت لَهــا
كَــأَنَّ نَــوالاً صَــرَّ فــي جِـلدِهـا النِـبـرُ
فَـجِـئناكَ دونَ الشَمسِ وَالبَدرِ في النَوى
وَدونَــكَ فــي أَحــوالِكَ الشَــمـسُ وَالبَـدرُ
كَـــأَنَّكـــَ بَــردُ المــاءِ لا عَــيــشَ دونَهُ
وَلَو كُـنـتَ بَـردَ المـاءِ لَم يَـكُـنِ العِشرُ
دَعـانـي إِلَيـكَ العِـلمُ وَالحِـلمُ وَالحِـجى
وَهَـذا الكَـلامُ النَـظـمُ وَالنائِلُ النَثرُ
وَمــا قُــلتُ مِــن شِــعــرٍ تَــكــادُ بُـيـوتُهُ
إِذا كُـتِـبَـت يَـبـيَـضُّ مِـن نـورِهـا الحِـبرُ
كَــأَنَّ المَــعــانــي فـي فَـصـاحَـةِ لَفـظِهـا
نُــجــومُ الثُــرَيّــا أَو خَــلائِقُـكَ الزُهـرُ
وَجَــنَّبــَنــي قُــربَ السَــلاطــيـنِ مَـقـتُهـا
وَمـا يَـقـتَـضـيـنـي مِـن جَـمـاجِمِها النَسرُ
وَإِنّــي رَأَيــتُ الضُــرَّ أَحــسَــنَ مَــنــظَــراً
وَأَهــوَنَ مِــن مَــرأى صَــغــيــرٍ بِهِ كِــبــرُ
لِســانــي وَعَــيــنــي وَالفُــؤادُ وَهِــمَّتــي
أَوُدُّ اللَواتـي ذا اِسـمُهـا مِـنكَ وَالشَطرُ
وَمــا أَنـا وَحـدي قُـلتُ ذا الشِـعـرَ كُـلَّهُ
وَلَكِــن لِشِــعــري فــيـكَ مِـن نَـفـسِهِ شِـعـرُ
وَمـاذا الَّذي فـيـهِ مِـنَ الحُـسـنِ رَونَـقـاً
وَلَكِــن بَــدا فــي وَجــهِهِ نَـحـوَكَ البِـشـرُ
وَإِنّــــي وَإِن نِـــلتُ السَـــمـــاءَ لَعـــالِمٌ
بِــأَنَّكــَ مــا نِــلتَ الَّذي يــوجِـبُ القَـدرُ
أَزالَت بِــكَ الأَيّــامُ عَــتــبــى كَــأَنَّمــا
بَــنــوهــا لَهــا ذَنــبٌ وَأَنــتَ لَهـا عُـذرُ
شاركنا بتعليق وشرح مفيد