قصيدة أَرَكائِبَ الأَحبابِ إِنَّ الأَدمُعا للشاعر المُتَنَبّي
أَرَكــائِبَ الأَحــبــابِ إِنَّ الأَدمُـعـا
تَـطِـسُ الخُـدُودَ كَـما تَطِسنَ اليَرمَعا
فَـاِعـرِفـنَ مَـن حَـمَـلَت عَلَيكُنَّ النَوى
وَاِمـشـيـنَ هَـونـاً فـي الأَزِمَّةِ خُضَّعا
قَد كانَ يَمنَعُني الحَياءُ مِنَ البُكا
فَـاليَـومَ يَـمـنَعُهُ البُكا أَن يَمنَعا
حَــــتّــــى كَـــأَنَّ لِكُـــلِّ عَـــظـــمٍ رَنَّةً
فــي جِــلدِهِ وَلِكُــلِّ عِــرقٍ مَــدمَــعــا
وَكَـفـى بِـمَـن فَـضَـحَ الجَدايَةَ فاضِحاً
لِمُــحِــبِّهــِ وَبِــمَـصـرَعـي ذا مَـصـرَعـا
سَـفَـرَت وَبَـرقَـعَهـا الفِـراقُ بِـصُـفرَةٍ
سَـتَـرَت مَـحـاجِـرَهـا وَلَم تَـكُ بُـرقُعا
فَــكَـأَنَّهـا وَالدَمـعُ يَـقـطُـرُ فَـوقَهـا
ذَهَــبٌ بِــسِــمــطــى لُؤلُؤٍ قَــد رُصِّعــا
كَــشَــفَـت ثَـلاثَ ذَوائِبٍ مِـن شَـعـرِهـا
فــي لَيــلَةٍ فَــأَرَت لَيــالِيَ أَربَـعـا
وَاِسـتَـقـبَـلَت قَـمَـرَ السَماءِ بِوَجهِها
فَـأَرَتـنِـيَ القَـمَـرَيـنِ فـي وَقـتٍ مَعا
رُدّي الوِصــالَ سَــقــى طُـلولَكِ عـارِضٌ
لَو كـانَ وَصـلُكِ مِـثـلَهُ مـا أَقـشَـعـا
زَجَــلٌ يُــريـكِ الجَـوَّ نـاراً وَالمَـلا
كَـالبَـحـرِ وَالتَـلَعـاتِ رَوضـاً مُمرِعا
كَـبَـنـانِ عَـبدِ الواحِدِ الغَدَقِ الَّذي
أَروى وَآمَــنَ مَــن يَــشــاءُ وَأَفـزَعـا
أَلِفَ المُــروءَةَ مُــذ نَــشــا فَـكَـأَنَّهُ
سُـقِـيَ اللِبـانَ بِهـا صَـبِـيّـاً مُـرضَعا
نُــظِــمَـت مَـواهِـبُهُ عَـلَيـهِ تَـمـائِمـا
فَـاِعـتـادَهـا فَـإِذا سَـقَـطـنَ تَـفَـزَّعا
تَـرَكَ الصَـنـائِعَ كَـالقَـواطِـعِ بارِقا
تٍ وَالمَــعــالِيَ كَــالعَــوالِيَ شُـرَّعـا
مُــتَــبَــسِّمــاً لِعُــفــاتِهِ عَــن واضِــحٍ
تَــغــشـى لَوامِـعُهُ البُـروقَ اللُمَّعـا
مُــتَــكَــشِّفــاً لِعُــداتِهِ عَــن سَــطــوَةٍ
لَو حَـكَّ مَـنـكِـبُهـا السَـماءَ لَزَعزَعا
الحـازِمَ اليَـقِظَ الأَغَرَّ العالِمَ ال
فَــطِــنَ الأَلَدَّ الأَريَــحِـيَّ الأَروَعـا
الكاتِبَ اللَبِقَ الخَطيبَ الواهِبَ ال
نَـدُسَ اللَبـيـبَ الهِـبـرِزِيَّ المِـصقَعا
نَـــفـــسٌ لَهــا خُــلُقُ الزَمــانِ لِأَنَّهُ
مُـفـنـي النُـفـوسِ مُـفَـرِّقٌ مـا جَـمَّعـا
وَيَـــدٌ لَهـــا كَــرَمُ الغَــمــامِ لِأَنَّهُ
يَـسـقي العِمارَةَ وَالمَكانَ البَلقَعا
أَبَــداً يُــصَــدِّعُ شَــعــبَ وَفــرٍ وافِــرِ
وَيَــلُمُّ شَــعــبَ مَــكــارِمٍ مُــتَــصَـدِّعـا
يَهــتَــزُّ لِلجَــدوى اِهــتِــزازَ مُهَــنَّدٍ
يَــومَ الرَجـاءِ هَـزَزتَهُ يَـومَ الوَعـى
يـا مُـغـنِـيـاً أَمَـلَ الفَـقـيرِ لِقائُهُ
وَدُعــائُهُ بَــعــدَ الصَـلاةِ إِذا دَعـا
أَقـصِـر وَلَسـتَ بِـمُـقـسِـرٍ جُـزتَ المَدى
وَبَـلَغـتَ حَـيـثُ النَجمُ تَحتَكَ فَاِربَعا
وَحَـلَلتَ مِـن شَـرَفِ الفَـعـالِ مَـواضِعاً
لَم يَـحـلُلِ الثَـقَـلانِ مِـنـها مَوضِعا
وَحَـوَيـتَ فَـضـلَهُـمـا وَمـا طَـمِعَ اِمرُؤٌ
فـيـهِ وَلا طَـمِـعَ اِمـرُؤٌ أَن يَـطـمَـعا
نَــفَــذَ القَــضـاءُ بِـمـا أَرَدتَ كَـأَنَّهُ
لَكَ كُــلَّمــا أَزمَـعـتَ شَـيـئاً أَزمَـعـا
وَأَطــاعَــكَ الدَهــرُ العَــصِــيُّ كَــأَنَّهُ
عَــبــدٌ إِذا نــادَيــتَ لَبّـى مُـسـرِعـا
أَكَـلَت مَـفـاخِـرُكَ المَـفـاخِرَ وَاِنثَنَت
عَــن شَــأوِهِــنَّ مَــطِــيُّ وَصـفـي ظُـلَّعـا
وَجَـرَيـنَ مَـجـرى الشَمسِ في أَفلاكِها
فَـقَـطَـعـنَ مَـغـرِبَهـا وَجُـزنَ المَطلَعا
لَو نـيـطَـتِ الدُنـيـا بِـأُخرى مِثلِها
لَعَـمَـمـنَهـا وَخَـشـيـنَ أَن لا تَـقنَعا
فَــمَــتــى يُــكَــذَّبُ مُـدَّعٍ لَكَ فَـوقَ ذا
وَاللَهُ يَــشـهَـدُ أَنَّ حَـقّـاً مـا اِدَّعـى
وَمَــتــى يُــؤَدّي شَــرحَ حــالِكَ نـاطِـقٌ
حَـفِـظَ القَـليـلَ النَـزرَ مِـمّـا ضَـيَّعا
إِن كـانَ لا يُـدعى الفَتى إِلّا كَذا
رَجُــلاً فَــسَـمِّ النـاسَ طُـرّاً إِصـبَـعـا
إِن كــانَ لا يَــســعـى لِجـودٍ مـاجِـدٌ
إِلّا كَـذا فَـالغَـيـثُ أَبـخَـلُ مَن سَعى
قَــد خَــلَّفَ العَــبّــاسُ غُــرَّتَـكَ اِبـنَهُ
مَـرأىً لَنـا وَإِلى القِـيـامَةِ مَسمَعا
شاركنا بتعليق وشرح مفيد