Blog Image

قصيدة أَبيتُ كَأَنّي لِلصَبابَةِ صاحِبُ للشاعر أبو فِراس الحَمَداني


أَبــيــتُ كَــأَنّــي لِلصَــبــابَــةِ صــاحِــبُ

وَلِلنَــومِ مُــذ بـانَ الخَـليـطُ مُـجـانِـبُ


وَمــا أَدَّعــي أَنَّ الخُــطـوبَ تُـخـيـفُـنـي

لَقَــد خَــبَّرَتـنـي بِـالفِـراقِ النَـواعِـبُ


وَلَكِــــنَّنـــي مـــازِلتُ أَرجـــو وَأَتَّقـــي

وَجَــدَّ وَشــيــكُ البَـيـنِ وَالقَـلبُ لاعِـبُ


وَمــــا هَـــذِهِ فـــي الحُـــبِّ أَوَّلَ مَـــرَّةٍ

أَسـاءَت إِلى قَـلبـي الظُـنونُ الكَواذِبُ


عَـــلَيَّ لِرَبـــعِ العـــامِـــرِيَّةــِ وَقــفَــةٌ

تُــمِــلُّ عَــلَيَّ الشَــوقَ وَالدَمــعُ كـاتِـبُ


فَـلا وَأَبـي العُـشّـاقِ مـا أَنـا عـاشِـقٌ

إِذا هِـيَ لَم تَـلعَـب بِـصَـبـري المَلاعِبُ


وَمِــن مَــذهَـبـي حُـبُّ الدِيـارِ لِأَهـلِهـا

وَلِلنــاسِ فــيــمــا يَـعـشَـقـونَ مَـذاهِـبُ


عَــتــادي لِدَفــعِ الهَــمِّ نَــفــسٌ أَبِــيَّةٌ

وَقَــلبٌ عَــلى مــاشِــئتُ مِــنـهُ مُـصـاحِـبُ


وَجُــردٌ كَــأَمــثــالِ السَـعـالى سَـلاهِـبٌ

وَخَــوصٌ كَــأَمــثــالِ القَــسِــيِّ نَــجــائِبُ


تَــكــاثَــرَ لُوّامـي عَـلى مـا أَصـابَـنـي

كَــأَن لَم تَـكُـن إِلّا لِأَسـري النَـوائِبُ


يَــقــولونَ لَم يَــنــظُـر عَـواقِـبَ أَمـرِهِ

وَمِــثـلِيَ مَـن تَـجـري عَـليـهِ العَـواقِـبُ


أَلَم يَــعـلَمِ الذُلّانُ أَنَّ بَـنـي الوَغـى

كَـــذاكَ سَـــليـــبٌ بِـــالرِمــاحِ وَســالِبُ


وَإِنَّ وَراءَ الحَـــزمِ فـــيـــهـــا وَدونَهُ

مَــواقِــفَ تُــنــســى دُنَهُــنَّ التَــجــارِبُ


أَرى مِــلءَ عَــيــنَــيَّ الرَدى فَــأَخــوضُهُ

إِذِ المَـوتُ قُـدّامـي وَخَـلفـي المَـعايِبُ


وَأَعــلَمُ قَـومـاً لَو تَـتَـعـتَـعـتُ دونَهـا

لَأَجــهَــضَــنــي بِـالذَمِّ مِـنـهُـم عَـصـائِبُ


وَمُــضــطَــغِــنٍ لَم يَــحـمِـلِ السِـرَّ قَـلبُهُ

تَــلَفَّتــَ ثُــمَّ اِغــتــابَـنـي وَهـوَ هـائِبُ


تَــــرَدّى رِداءَ الذُلِّ لَمّــــا لَقـــيـــتُهُ

كَــمــا تَـتَـرَدّى بِـالغُـبـارِ العَـنـاكِـبُ


وَمِــن شَــرَفــي أَن لايَـزالُ يُـعـيـبُـنـي

حَــســودٌ عَـلى الأَمـرِ الَّذي هُـوَ عـائِبُ


رَمَـتـنـي عُـيـونُ النـاسِ حَـتّـى أَظُـنُّهـا

سَـتَـحـسُـدُنـي فـي الحـاسِـدينَ الكَواكِبُ


فَـــلَســـتُ أَرى إِلّا عَــدُوّاً مُــحــارِبــاً

وَآخَــرَ خَــيــرٌ مِـنـهُ عِـنـدي المُـحـارِبُ


هُــمُ يُــطـفِـؤونَ المَـجـدَ وَاللَهُ مـوقِـدٌ

وَكَـم يَـنـقُـصـونَ الفَـضـلَ وَاللَهُ واهِـبُ


وَيَــرجــونَ إِدراكَ العُــلا بِـنُـفـوسِهِـم

وَلَم يَــعـلَمـوا أَنَّ المَـعـالي مَـواهِـبُ


وَهَــل يَــدفَـعُ الإِنـسـانُ مـاهُـوَ واقِـعٌ

وَهَــل يَـعـلَمُ الإِنـسـانُ مـاهُـوَ كـاسِـبُ


وَهَـل لِقَـضـاءِ اللَهِ فـي النـاسِ غـالِبٌ

وَهَـل مِـن قَضاءِ اللَهِ في الناسِ هارِبُ


عَــلَيَّ طِــلابُ المَــجــدِ مِــن مُـسـتَـقِـرِّهِ

وَلا ذَنـبَ لي إِن حـارَبَـتـني المَطالِبُ


وَهَــل يُــرتَــجــى لِلأَمــرِ إِلّا رِجــالُهُ

وَيَـأتـي بِـصَـوبِ المُـزنِ إِلّا السَـحائِبُ


وَعِــنــدِيَ صِـدقُ الضَـربِ فـي كُـلِّ مَـعـرَكٍ

وَلَيـــسَ عَـــلَيَّ إِن نَــبَــونَ المَــضــارِبُ


إِذا كـانَ سَـيفُ الدَولَةِ المَلكُ كافِلي

فَـلا الحَـزمُ مَغلوبٌ وَلا الخَصمُ غالِبُ


إِذا اللَهُ لَم يَــحــرُزكَ مِـمّـا تَـخـافُهُ

فَـلا الدُرعُ مَـنّـاعٌ وَلا السَـيفُ قاضِبُ


وَلا ســابِــقٌ مِــمّــا تَــخَــيَّلــتَ سـابِـقٌ

وَلا صــاحِــبٌ مِــمّــا تَــخَــيَّرتَ صــاحِــبُ


عَــلَيَّ لِسَــيــفِ الدَولَةِ القَــرمِ أَنـعُـمٌ

أَوانِــسُ لَم يَــنــفِــرنَ عَــنّــي رَبــائِبُ


أَأَجــــحَــــدُهُ إِحـــســـانُهُ فِـــيَّ إِنَّنـــي

لَكــافِــرُ نُــعــمــى إِن فَــعَـلتُ مُـوارِبُ


لَعَــلَّ القَــوافــي عُــقــنَ عَـمّـا أَرَدتُهُ

فَلا القَولُ مَردودٌ وَلا العُذرُ ناضيبُ


وَلا شَـكَّ قَـلبـي سـاعَـةً فـي اِعـتِـقادِهِ

وَلا شــابَ ظَــنّــي قَـطُّ فـيـهِ الشَـوائِبُ


تُـــؤَرِّقُـــنـــي ذِكـــرى لَهُ وَصَـــبـــابَــةٌ

وَتَــجــذُبُــنــي شَـوقـاً إِلَيـهِ الجَـواذِبُ


وَلي أَدمُــعٌ طَــوعـى إِذا مـا أَمَـرتُهـا

وَهُــــنَّ عَــــواصٍ فــــي هَـــواهُ غَـــوالِبُ


فَـلا تَـخـشَ سَـيفَ الدَولَةِ القَرمَ أَنَّني

سِــواكَ إِلى خَــلقٍ مِــنَ النــاسِ راغِــبُ


فَـلا تَـلبَـسُ النُـعـمـى وَغَـيـرُكَ مُـلبِـسٌ

وَلا تُــقــبَـلُ الدُنـيـا وَغَـيـرُكَ واهِـبُ


وَلا أَنــا مِــن كُـلِّ المَـطـاعِـمِ طـاعِـمٌ

وَلا أَنــا مِــن كُــلِّ المَــشـارِبِ شـارِبُ


وَلا أَنــا راضٍ إِن كَــثُــرنَ مَـكـاسِـبـي

إِذا لَم تَـكُـن بِـالعِـزِّ تِـلكَ المَـكاسِبُ


وَلا السَـيِّدُ القَـمـقـامُ عِـنـدي بِـسَـيِّدٍ

إِذا اِسـتَـنـزَلَتـهُ عَـن عُـلاهُ الرَغائِبُ


أَيَــعــلَمُ مــانَــلقـى نَـعَـم يَـعـلَمـونَهُ

عَــلى النَــأيِ أَحــبـابٌ لَنـا وَحَـبـائِبُ


أَأَبــقـى أَخـي دَمـعـاً أَذاقَ كَـرىً أَخـي

أَآبَ أَخــي بَــعــدي مِــنَ الصَــبــرِ آإِبُ


بِـنَـفـسـي وَإِن لَم أَرضَ نَـفـسـي لَراكِـبٌ

يُـــســـائِلُ عَــنّــي كُــلَّمــا لاحَ راكِــبُ


قَـريـحُ مَـجـاري الدَمـعِ مُـستَلَبُ الكَرى

يُــقَــلقِــلُهُ هَــمٌّ مِــنَ الشَــوقِ نــاصِــبُ


أَخـي لا يُـذِقـنـي اللَهُ فِـقـدانَ مِثلِهِ

وَأَيـــنَ لَهُ مِـــثــلٌ وَأَيــنَ المُــقــارِبُ


تَــجـاوَزَتِ القُـربـى المَـوَدَّةُ بَـيـنَـنـا

فَــأَصــبَــحَ أَدنــى مـايُـعَـدُّ المُـنـاسِـبُ


أَلا لَيــتَــنــي حُــمِّلــتُ هَــمّــي وَهَــمُّهُ

وَأَنَّ أَخـــي نـــاءٍ عَـــنِ الهَـــمِّ عــازِبُ


فَـمَـن لَم يَـجُـد بِـالنَـفـسِ دونَ حَـبيبِهِ

فَـــمـــا هُــوَ إِلّا مــاذِقُ الوُدِّ كــاذِبُ


أَتــانــي مَــعَ الرُكــبــانِ أَنَّكـَ جـازِعٌ

وَغَــيــرُكَ يَــخــفــى عَــنــهُ لِلَّهِ واجِــبُ


وَمــا أَنـتَ مِـمَّنـ يُـسـخِـطُ اللَهَ فِـعـلُهُ

وَإِن أَخَــذَت مِــنـهُ الخُـطـوبُ السَـوالِبُ


وَإِنّـــي لَمِـــجـــزاعٌ خَـــلا أَنَّ عَــزمَــةً

تُـــدافِـــعُ عَـــنّـــي حَــســرَةً وَتُــغــالِبُ


وَرِقـــبَـــةَ حُــسّــادٍ صَــبَــرتُ لِوَقــعِهــا

لَهــا جــانِــبٌ مِــنّــي وَلِلحَــربِ جـانِـبُ


وَكَــم مِــن حَـزيـنٍ مِـثـلِ حُـزنـي وَوالِهٍ

وَلَكِــنَّنــي وَحــدي الحَـزيـنُ المُـراقِـبُ


وَلَســتُ مَـلومـاً إِن بَـكَـيـتُـكَ مِـن دَمـي

إِذا قَــعَـدَت عَـنّـي الدُمـوعُ السَـواكِـبُ


أَلا لَيــتَ شِــعـري هَـل أَبـيـتَـنَّ لَيـلَةً

تَــنـاقَـلُ بـي فـيـهـا إِلَيـكَ الرَكـائِبُ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد