قصيدة أَأَيّامَنا ما كُنتِ إِلّا مَواهِبا للشاعر أَبو تَمّام
أَأَيّــامَــنــا مــا كُــنــتِ إِلّا مَــواهِــبــا
وَكُــنــتِ بِــإِســعــافِ الحَــبــيـبِ حَـبـائِبـا
سَــنُــغـرِبُ تَـجـديـداً لِعَهـدِكِ فـي البُـكـا
فَــمــا كُــنــتِ فـي الأَيّـامِ إِلّا غَـرائِبـا
وَمُـــعـــتَـــرَكٍ لِلشَـــوقِ أَهــدى بِهِ الهَــوى
إِلى ذي الهَــوى نُـجـلَ العُـيـونِ رَبـائِبـا
كَـــواعِـــبُ زارَت فـــي لَيـــالٍ قَـــصـــيــرَةٍ
يُــخَــيَّلــنَ لي مِــن حُــســنِهِــنَّ كَــواعِــبــا
سَــلَبــنــا غِــطــاءَ الحُـسـنِ عَـن حُـرِّ أَوجُهٍ
تَـــظَـــلُّ لِلُبِّ الســـالِبـــيــهــا سَــوالِبــا
وُجـــوهٌ لَوَ اِنَّ الأَرضَ فـــيــهــا كَــواكِــبٌ
تَــــوَقَّدُ لِلســــاري لَكُــــنَّ كَــــواكِــــبــــا
سَــلي هَــل عَــمَــرتُ القَـفـرَ وَهـوَ سَـبـاسِـبٌ
وَغــادَرتُ رَبــعــي مِــن رِكـابـي سَـبـاسِـبـا
وَغَـــرَّبـــتُ حَــتّــى لَم أَجِــد ذِكــرَ مَــشــرِقٍ
وَشَــرَّقــتُ حَــتّــى قَــد نَـسـيـتُ المَـغـارِبـا
خُــــطـــوبٌ إِذا لاقَـــيـــتُهُـــنَّ رَدَدنَـــنـــي
جَــريــحــاً كَـأَنّـي قَـد لَقـيـتُ الكَـتـائِبـا
وَمَـــن لَم يُـــسَـــلِّم لِلنَـــوائِبِ أَصــبَــحَــت
خَــــلائِقُهُ طُــــرّاً عَــــلَيــــهِ نَــــوائِبــــا
وَقَــد يَــكــهَــمُ السَــيـفُ المُـسَـمّـى مَـنِـيَّةً
وَقَــد يَــرجِــعُ المَــرءُ المُــظَــفَّرُ خـائِبـا
فَــــآفَـــةُ ذا أَلّا يُـــصـــادِفَ مَـــضـــرِبـــاً
وَآفَـــــةُ ذا أَلّا يُـــــصــــادِفَ ضــــارِبــــا
وَمَــــلآنَ مِـــن ضِـــغـــنٍ كَـــواهُ تَـــوَقُّلـــي
إِلى الهِــمَّةـِ العُـليـا سَـنـامـاً وَغـارِبـا
شَهِــدتُ جَــســيــمــاتِ العُــلى وَهــوَ غــائِبٌ
وَلَو كــانَ أَيــضــاً شــاهِـداً كـانَ غـائِبـا
إِلى الحَــسَــنِ اِقــتَــدنــا رَكــائِبَ صَــيَّرَت
لَهــا الحَــزنَ مِـن أَرضِ الفَـلاةِ رَكـائِبـا
نَــــبَــــذتُ إِلَيـــهِ هِـــمَّتـــي فَـــكَـــأَنَّمـــا
كَــدَرتُ بِهِ نَــجــمـاً عَـلى الدَهـرِ ثـاقِـبـا
وَكُــنــتُ اِمـرَءاً أَلقـى الزَمـانَ مُـسـالِمـاً
فَـــآلَيـــتُ لا أَلقـــاهُ إِلّا مُـــحـــارِبـــا
لَوِ اِقــتُــسِــمَــت أَخـلاقُهُ الغُـرُّ لَم تَـجِـد
مَـعـيـبـاً وَلا خَـلقـاً مِـنَ النـاسِ عـائِبـا
إِذا شِـــئتَ أَن تُـــحـــصـــي فَــواضِــلَ كَــفِّهِ
فَــكُــن كــاتِــبـاً أَو فَـاِتَّخـِذ لَكَ كـاتِـبـا
عَـــطـــايــا هِــيَ الأَنــواءُ إِلّا عَــلامَــةً
دَعَـــت تِـــلكَ أَنـــواءً وَتِـــلكَ مَــواهِــبــا
هُـوَ الغَـيـثُ لَو أَفـرَطتُ في الوَصفِ عامِداً
لِأَكــذِبَ فــي مَــدحــيـهِ مـا كُـنـتُ كـاذِبـا
ثَــوى مــالُهُ نَهــبَ المَــعــالي فَــأَوجَـبَـت
عَــلَيــهِ زَكــاةُ الجــودِ مـا لَيـسَ واجِـبـا
تُــحَــسَّنــُ فــي عَــيــنَـيـهِ إِن كُـنـتَ زائِراً
وَتَــزدادُ حُــســنــاً كُــلَّمــا جِــئتَ طـالِبـا
خَـديـنُ العُـلى أَبـقـى لَهُ البَـذلُ وَالتُقى
عَــواقِــبَ مِــن عُــرفٍ كَــفَــتـهُ العَـواقِـبـا
تَـــطـــولُ اِســتِــشــاراتُ التَــجــارِبِ رَأيَهُ
إِذا ما ذَوو الرَأيِ اِستَشاروا التَجارِبا
بِـــرِئتُ مِـــنَ الآمـــالِ وَهـــيَ كَـــثـــيــرَةٌ
لَدَيـــكَ وَإِن جـــاءَتــكَ حُــدبــاً لَواغِــبــا
وَهَــل كُــنــتُ إِلّا مُــذنِـبـاً يَـومَ أَنـتَـحـي
سِـــواكَ بِـــآمـــالٍ فَـــأَقـــبَـــلتُ تــائِبــا
شاركنا بتعليق وشرح مفيد