Blog Image

قصيدة أَأَللَهُ إِنّي خالِدٌ بَعدَ خالِدِ للشاعر أَبو تَمّام


أَأَللَهُ إِنّــــي خـــالِدٌ بَـــعـــدَ خـــالِدِ

وَنـاسٍ سِـراجَ المَـجـدِ نَـجـمَ المَـحـامِدِ


وَقَــد تُــرِعَــت إِثــفِـيَّةـُ العَـرَبِ الَّتـي

بِهـا صُـدِعَـت مـا بَـيـنَ تِـلكَ الجَـلامِدِ


أَلا غَـربُ دَمـعٍ نـاصِـرٍ لي عَلى الأَسى

أَلا حُـرُّ شِـعـرٍ فـي الغَـليـلِ مُـسـاعِدي


فَـلَم تَـكـرُمِ العَـينانِ إِن لَم تُسامِحا

وَلا طـابَ فَـرعُ الشِـعـرِ إِن لَم يُساعِدِ


لِتَـبـكِ القَـوافـي شَـجـوَهـا بَـعدَ خالِدٍ

بُــكــاءَ مُــضِــلّاتِ السَــمــاحِ نَــواشِــدِ


لَكــانَــت عَــذاراهــا إِذا هِـيَ أُبـرِزَت

لَدى خـالِدٍ مِـثـلَ العَـذارى النَـواهِـدِ


وَكـانَـت لِصَـيـدِ الوَحـشِ مِـنـهـا حَلاوَةٌ

عَــلى قَــلبِهِ لَيــسَـت لِصَـيـدِ الأَوابِـدِ


وَكـــانَ يَـــرى سَــمَّ الكَــلامِ كَــأَنَّمــا

يُــقَــشَّبــُ أَحــيــانــاً بِــسَـمِّ الأَسـاوِدِ


تَــقَــلَّصَ ظِــلُّ العُــرفِ فــي كُــلِّ بَــلدَةٍ

وَأُطـفِـئَ فـي الدُنـيـا سِـراجُ القَصائِدِ


فَـــيـــا عِــيَّ مَــرحــولٍ إِلَيــهِ وَراحِــلٍ

وَخَـــجـــلَةَ مَـــوفـــودٍ إِلَيـــهِ وَوافِـــدِ


وَيـا مـاجِـداً أَوفـى بِهِ المَـوتُ نَـذرَهُ

فَـــأَشـــعَــرَ رَوعــاً كُــلَّ أَروَعَ مــاجِــدِ


غَــداً يَــمــنَــعُ المَـعـروفُ بَـعـدَكَ دَرَّهُ

وَتَـــغـــدِرُ غُــدرانَ الأَكُــفِّ الرَوافِــدِ


وَيـا شـائِمـاً بَـرقـاً خَـدوعـاً وَسـامِعاً

لِراعِــــدَةٍ دَجّــــالَةٍ فــــي الرَواعِــــدِ


أَقِـــم ثُـــمَّ حُــطَّ الرَحــلَ وَالظَــنَّ إِنَّهُ

مَـضَـت قِـبـلَةُ الأَسـفـارِ مِن بَعدِ خالِدِ


تَــكَــفَّأــَ مَــتــنُ الأَرضِ يَـومَ تَـعَـطَّلـَت

مِـنَ الجَـبَـلِ المُـنـهَـدِّ تَـحـتَ الفَدافِدِ


فَــلِلثَــغــرِ لَونٌ قــاتِـمٌ بَـعـدَ مَـنـظَـرٍ

أَنـــيـــقٍ وَجَـــوٌّ ســـائِلٌ غَــيــرُ راكِــدِ


لَأَبـرَحـتَ يـا عـامَ المَـصـائِبِ بَـعـدَما

دَعَــتـكَ بَـنـو الآمـالِ عـامَ الفَـوائِدِ


لَقَــد نَهَــسَ الدَهــرُ القَـبـائِلَ بَـعـدَهُ

بِــنــابٍ حَــديــدٍ يَـقـطُـرُ السَـمَّ عـانِـدِ


فَــجَـلَّلَ قَـحـطـاً آلَ قَـحـطـانَ وَاِنـثَـنَـت

نِــزارٌ بِــمَــنـزورٍ مِـنَ العَـيـشِ جـاحِـدِ


عَــلى أَيِّ عِــرنــيــنٍ غُــلِبــنـا وَمـارِنٍ

وَأَيَّةـــُ كَـــفٍّ فـــارَقَـــتــنــا وَســاعِــدِ


كَـــأَنّـــا فَـــقَـــدنــا أَلفَ أَلفِ مُــدَجَّجٍ

عَــلى أَلفِ أَلفٍ مُــقــرَبٍ لا مُــبــاعَــدِ


فَـيـا وَحـشَـةَ الدُنـيـا وَكـانَـت أَنيسَةً

وَوَحــدَةَ مَــن فــيــهــا لِمَــصـرَعِ واحِـدِ


مَـضَـت خُـيَـلاءُ الخَـيـلِ وَاِنصَرَفَ الرَدى

بِـــأَنـــفَــسِ نَــفــسٍ مِــن مَــعَــدٍّ وَوالِدِ


فَـأَيـنَ شِـفـاءُ الثَغرِ أَينَ إِذا القَنا

خَــطَـرنَ عَـلى عُـضـوٍ مِـنَ المُـلكِ فـاسِـدِ


وَأَيـنَ الجِـلادُ الهَـبـرُ إِذ لَيـسَ سَـيِّدٌ

يَـقـي جِـلدَةَ الأَحـسـابِ إِن لَم يُـجالِدِ


وَمَــن يَـجـعَـلُ السُـلطـانَ حَـبـلَ وَريـدِهِ

وَمَـن يَـنـظِـمِ الأَطـرافَ نَـظمَ القَلائِدِ


وَمَــن لَم يَـكُـن يَـنـفَـكُّ يَـغـبِـقُ سَـيـفَهُ

دَمـاً عـانِـداً مِـن نَـحـرِ لَيـثٍ مُـعـانِـدِ


بِــنَــفــسِــيَ مَــن خَـطَّتـ رَبـيـعَـةُ لَحـدَهُ

وَلازالَ مُهــتَــزَّ الرُبــى غَـيـرَ هـامِـدِ


أَقــامَ بِهِ مِــن حَــيِّ بَــكــرِ بــنِ وائِلٍ

هَــنِـيَّ النَـدى مُـخـضَـرَّ إِثـرَ المَـواعِـدِ


فَــمــاذا حَــوَت أَكــفـانُهُ مِـن شَـمـائِلٍ

مَـــنـــاهِــلَ أَعــدادٍ عِــذابَ المَــوارِدِ


خَــلائِقُ كــانَــت كَــالثُــغـورِ تَـخَـرَّمَـت

وَكــانَ عَــلَيـهـا واقِـفـاً كَـالمُـجـاهِـدِ


فَـكَـم غـالَ ذاكَ التُـربُ لي وَلِمَـعـشَري

وَلِلنـــاسِ طُـــرّاً مِــن طَــريــفٍ وَتــالِدِ


أَشَــيــبــانُ لا ذاكَ الهِــلالُ بِـطـالِعٍ

عَــلَيــنــا وَلا ذاكَ الغَـمـامُ بِـعـائِدِ


أَشَــيــبــانُ مــا جَـدّي وَلا جَـدُّ كـاشِـحٍ

وَلا جَــدُّ شَــيــءٍ يَــومَ وَلّى بِــصــاعِــدِ


أَشَـيـبـانُ عَـمَّتـ نـارُهـا مِـن مُـصـيـبَـةٍ

فَـمـا يُـشـتَـكـى وَجـدٌ إِلى غَـيـرِ واجِـدِ


لَئِن أَقــرَحَــت عَــيـنَـي صَـديـقٍ وَصـاحِـبٍ

لَقَــد زَعــزَعَــت رُكــنَــي عَــدُوٍّ وَحـاسِـدِ


لَئِن هِـــيَ أَهـــدَت لِلأَقـــارِبِ تَـــرحَــةً

لَقَــد جَــلَّلَت تُــربـاً خُـدودَ الأَبـاعِـدِ


فَـمـا جانِبُ الدُنيا بِسَهلٍ وَلا الضُحى

بِــطَــلقٍ وَلا مــاءُ الحَــيــاةِ بِـبـارِدِ


بَـــلى وَأَبـــي إِنَّ الأَمــيــرَ مُــحَــمَّداً

لَقُـطـبُ الرَحـى مِـصـبـاحُ تِلكَ المَشاهِدِ


حَـمِـدتُ اللَيـالي إِذ حَـمَـت سَـرحَنا بِهِ

وَلَســتُ لَهــا فــي غَــيـرِ ذاكَ بِـحـامِـدِ


عَـــلَيـــهِ دَليــلٌ مِــن يَــزيــدَ وَخــالِدٍ

وَنــورانِ لاحــا مِــن نِــجــارٍ وَشـاهِـدِ


مِـنَ المُـكرِمينَ الخَيلَ فيهِم وَلَم يَكُن

لِيُــكــرِمَهــا إِلّا كِــرامُ المَــحــاتِــدِ


أَخـو الحَـربِ يَـكـسـوهـا نَجيعاً كَأَنَّما

مُـتـونُ رُبـاهـا مِـنـهُ مِـثـلُ المَـجـاسِدِ


إِذا شَــبَّ نــاراً أَقــعَــدَت كُــلَّ قــائِمٍ

وَقــامَ لَهــا مِــن خَــوفِهِ كُــلُّ قــاعِــدِ


فَــقُـل لِمُـلوكِ السـيـسَـجـانِ وَمَـن غَـدا

بِــأَرّانَ أَو جُــرزانَ غَــيــرَ مُــنــاشِــدِ


أَلا أَلقوا مَقاليدَ البِلادِ وَهَل لَها

رِتــاجٌ فَــيُــلقـي أَهـلُهـا بِـالمَـقـالِدِ


وَلا يُــغــوِكُــم شَــيــطــانُ حَـربٍ فَـإِنَّهُ

مَـعَ السَـيـفِ يَـدمـى نَـصـلُهُ غَـيرُ مارِدِ


وَلا تَــفـتَـرِق أَعـنـاقُـكُـم إِنَّ حَـولَهـا

رُدَيــنِــيَّةــً يَــجــمَـعـنَ هـامَ الشَـوارِدِ


وَمــا كَـثَـرَت فـي بَـلدَةٍ قِـصَـدُ القَـنـا

فَـــتُـــقــلِعَ إِلّا عَــن رِقــابٍ قَــواصِــدِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد