Blog Image

قصيدة آخِرُ ما المَلكُ مُعَزّى بِهِ للشاعر المُتَنَبّي


آخِــرُ مــا المَــلكُ مُـعَـزّى بِهِ

هَـــذا الَّذي أَثَّرَ فـــي قَــلبِهِ


لا جَــزَعــاً بَـل أَنَـفـاً شـابَهُ

أَن يَـقـدِرَ الدَهـرُ عَـلى غَصبِهِ


لَو دَرَتِ الدُنـيـا بِـمـا عِندَهُ

لَاِسـتَـحـيَـتِ الأَيّامُ مِن عَتبِهِ


لَعَـــلَّهـــا تَــحــسَــبُ أَنَّ الَّذي

لَيــسَ لَدَيــهِ لَيــسَ مِـن حِـزبِهِ


وَأَنَّ مَــــن بَـــغـــدادُ دارٌ لَهُ

لَيـسَ مُـقـيـمـاً فـي ذَرى عَضبِهِ


وَأَنَّ جَــــدَّ المَـــرءِ أَوطـــانُهُ

مَـن لَيـسَ مِنها لَيسَ مِن صُلبِهِ


أَخــافُ أَن تَــفــطُــنَ أَعــداؤُهُ

فَـيُـجـفِـلوا خَـوفـاً إِلى قُربِهِ


لا بُـدَّ لِلإِنـسـانِ مِـن ضَـجـعَةٍ

لا تَـقـلِبُ المُـضـجَعَ عَن جَنبِهِ


يَـنـسى بِها ما كانَ مِن عُجبِهِ

وَمـا أَذاقَ المَـوتُ مِـن كَـربِهِ


نَحنُ بَنو المَوتى فَما بالُنا

نَــعــافُ مـالا بُـدَّ مِـن شُـربِهِ


تَـبـخَـلُ أَيـديـنـا بِـأَرواحِـنا

عَــلى زَمــانٍ هِــيَ مِــن كَـسـبِهِ


فَهَــــذِهِ الأَرواحُ مِـــن جَـــوِّهِ

وَهَــذِهِ الأَجــســامُ مِـن تُـربِهِ


لَو فَـكَّرَ العـاشِـقُ فـي مُنتَهى

حُـسـنِ الَّذي يَـسـبيهِ لَم يَسبِهِ


لَم يُـرَ قَـرنُ الشَمسِ في شَرقِهِ

فَــشَــكَّتــِ الأَنـفُـسُ فـي غَـربِهِ


يَـمـوتُ راعي الضَأنِ في جَهلِهِ

مَــوتَــةَ جــاليـنـوسَ فـي طِـبِّهِ


وَرُبَّمـــا زادَ عَـــلى عُـــمـــرِهِ

وَزادَ فـي الأَمـنِ عَـلى سِـربِهِ


وَغــايَــةُ المُـفـرِطِ فـي سِـلمِهِ

كَــغـايَـةِ المُـفـرِطِ فـي حَـربِهِ


فَــلا قَــضــى حــاجَــتَهُ طــالِبٌ

فُــؤادُهُ يَــخــفِــقُ مِــن رُعــبِهِ


أَسـتَـغـفِـرُ اللَهَ لِشَـخـصٍ مَـضـى

كــانَ نَــداهُ مُــنــتَهـى ذَنـبِهِ


وَكـــانَ مَـــن عَــدَّدَ إِحــســانَهُ

كَــــأَنَّهـــُ أَفـــرَطَ فـــي سَـــبِّهِ


يُـريـدُ مِـن حُـبِّ العُـلى عَـيشَهُ

وَلا يُـريـدُ العَـيـشَ مِـن حُـبِّهِ


يَــــحـــسَـــبُهُ دافِـــنُهُ وَحـــدَهُ

وَمَـجـدُهُ فـي القَـبرِ مِن صَحبِهِ


وَيُـظـهَـرُ التَـذكـيـرُ في ذِكرِهِ

وَيُـسـتَـرُ التَـأنـيـثُ في حُجبِهِ


أُخــتُ أَبـي خَـيـرٍ أَمـيـرٍ دَعـا

فَــقــالَ جَــيــشٌ لِلقَــنــا لَبِّهِ


يـا عَـضُـدَ الدَولَةِ مَـن رُكنُها

أَبــــوهُ وَالقَـــلبُ أَبـــو لُبِّهِ


وَمَـــن بَـــنــوهُ زَيــنُ آبــائِهِ

كَــأَنَّهــا النـورُ عَـلى قُـضـبِهِ


فَـخـراً لِدَهـرٍ أَنـتَ مِـن أَهـلِهِ

وَمُــنـجِـبٍ أَصـبَـحـتَ مِـن عَـقـبِهِ


إِنَّ الأَسـى القِـرنُ فَلا تُحيِهِ

وَسَـيـفُـكَ الصَـبـرُ فَـلا تُـنـبِهِ


ما كانَ عِندي أَنَّ بَدرَ الدُجى

يـوحِـشُهُ المَـفـقـودُ مِـن شُهبِهِ


حـاشـاكَ أَن تَضعُفَ عَن حَملِ ما

تَــحَــمَّلــَ السـائِرُ فـي كُـتـبِهِ


وَقَـد حَـمَـلتَ الثِـقلَ مِن قَبلِهِ

فَــأَغــنَــتِ الشِـدَّةُ عَـن سَـحـبِهِ


يَـدخُـلُ صَـبـرُ المَرءِ في مَدحِهِ

وَيَـدخُـلُ الإِشـفـاقُ فـي ثَـلبِهِ


مِـثـلُكَ يَثني الحُزنَ عَن صَوبِهِ

وَيَــســتَـرِدُّ الدَمـعَ عَـن غَـربِهِ


إيــمـا لِإِبـقـاءٍ عَـلى فَـضـلِهِ

إيــمــا لِتَــســليــمٍ إِلى رَبِّهِ


وَلَم أَقُــل مِــثــلُكَ أَعـنـي بِهِ

سِـواكَ يـا فَـرداً بِـلا مُـشـبِهِ


شاركنا بتعليق وشرح مفيد